حكمت
محكمة الجنايات الخاصة في
فرنسا على اللبناني-الكندي
حسن دياب، المتهم الوحيد بالهجوم
على
كنيس في شارع كوبرنيك في باريس يوم 3 تشرين الأول/ أكتوبر 1980، بالسجن مدى الحياة
بعد محاكمته غيابيا.
ورفض دياب حضور المحاكمة.
وكانت
النيابة طلبت هذه العقوبة القصوى، وهي العقوبة الوحيدة "المعقولة" ضد هذا
الأكاديمي البالغ 69 عاما، قائلة؛ إنه "لا شك" في أنه منفذ هذا الهجوم المعادي للسامية، الذي أودى بحياة أربعة أشخاص قبل حوالي 43 عاما.
وهذا
الهجوم الذي استهدف الجالية اليهودية في فرنسا للمرة الأولى منذ نهاية الحرب العالمية
الثانية، نسبه المحقّقون بناء على معلومات استخباراتية، إلى الجبهة الشعبية لتحرير
فلسطين-العمليات الخاصة، وهي مجموعة منشقّة عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وقُتل
أربعة أشخاص وجُرح 38 آخرون في
التفجير.
وبعد
توقف طويل في التحقيق، كشفت معلومات استخباراتية في 1999، أي بعد 18 عاما على الوقائع،
أسماء الأعضاء المفترضين للمجموعة التي نفّذت الهجوم وبينهم دياب؛ بصفته من صنع العبوّة
الناسفة، وحمّل الدراجة النارية بعشرة كيلوغرامات من المتفجّرات انفجرت أمام الكنيس.
ولا
تملك المحكمة سوى صور بالأبيض والأسود لهذا المتّهم في أعمار مختلفة من حياته، وتقارنها
بصور للرجل الذي اشترى الدراجة النارية التي استخدمت في الهجوم، وهي صور رسمت بناء على
إفادات شهود في 1980.
ودياب، هو لبناني من أصل فلسطيني، حصل على الجنسية الكندية في عام 1993 ويدرّس علم الاجتماع
في أوتاوا، وورد اسمه لأول مرة كمشتبه به على أساس أدلة جديدة في عام 1999، بعد ما
يقرب من 20 عاما من الهجوم.
ومنذ
البداية، أكد دياب أنه بريء، ولم يعد إلى فرنسا لحضور المحاكمة التي أجريت غيابيا.
وتعني إدانته أن طلب تسليم ثانٍ يجب أن يتبعه، على الرغم من وجود شكوك قوية حول ما
إذا كان ذلك سينجح.
وردا على الحكم، دعت لجنة دعم حسن دياب في كندا رئيس الوزراء جاستن ترودو إلى أن يوضح
"تماما" أنه لن يتم قبول أي تسليم ثان.
وقالوا؛ إن 15 عاماً من "الكابوس القانوني...مكشوفة تماما الآن في قسوتها وظلمها الساحقين".
وعلى
مدى ثلاثة أسابيع، استمعت المحكمة إلى سرد للوقائع المعروفة للقضية، بالإضافة إلى الحجج
التي تحدد أن دياب هو المفجر، والأدلة المضادة التي تشير إلى أنه كان ضحية خطأ في
تحديد الهوية.
لم يكن
أي من فريق التحقيق الأصلي على قيد الحياة للتحدث، واعترف الشهود الناجون الذين رأوا
المهاجم في عام 1980 أنه بعد أكثر من 40 عاما كانت ذكرياتهم ضبابية للغاية، بحيث لا
يمكن الاعتماد عليها.
جواز
سفر
وأكد
المدّعون العامّون أمام المحكمة أنّ الأستاذ الجامعي حسن دياب، هو "بدون أيّ شكّ
معقول" منفّذ هذا "الاعتداء المقيت"، الذي وقع في الثالث من تشرين الأول/
أكتوبر 1980.
وتواجه
الاتهام والدفاع أيضا بشأن صورة أخرى، هي صورة سيئة النوعية لجواز سفر حسن دياب يركز
عليها الاتهام.
وجواز
السفر اللبناني الذي صودر في 1981 في روما من رجل يعتقد أنّه عضو في الجبهة الشعبية
لتحرير فلسطين-فرع العمليات الخاصة، عليه أختام دخول وخروج من إسبانيا، البلد الذي
يعتقد أنّ المجموعة انطلقت منه في تواريخ قريبة من تاريخ التفجير.
وترى
النيابة الوطنية لمكافحة الإرهاب، أنّ جواز السفر يشكل "عنصرا تجريميا"، وأنّ "حجج دياب التي لا تصدّق" بشأن جواز سفره "أفضت إلى قناعة بتجريمه".
ويردّ
الدفاع بأنّه "لا وجود لأيّ عنصر مادّي ولا دليل" يسمح "بتأكيد"
أنّ موكّله كان في فرنسا عند الوقائع.
وأكّد
دياب باستمرار أنّه فقد جواز السفر هذا، وأنّه لم يكن في باريس أو إسبانيا عند وقوع
الاعتداء؛ لأنه كان يقدم امتحاناته في جامعة ببيروت.
وبعد
الاستماع لإفادات رفاق سابقين له في الجامعة وصديقة سابقة أيضا، اعتبر قاضيا التحقيق
أنّ وجوده في لبنان خلال الهجوم "مرجّح"، وأمرا بردّ الدعوى في كانون الثاني/
يناير 2018.
وبعد
الإفراج عنه، عاد إلى كندا.
لكنّ
القضاء تراجع عن قراره بعد ثلاث سنوات، وأحال أستاذ علم الاجتماع السابق إلى المحكمة
الجنائية الخاصة.
وسمح
هذا بجمع أقوال 320 شخصا كانوا موجودين في الكنيس عندما انفجرت القنبلة في الشارع،
تقدّموا بدعوى جديدة بعد أربعة عقود من "الصمت القسري"، كما أشار أحد محاميهم
دافيد بير.
وقال؛ إنّ موكّليه "ليسوا مدفوعين بروح الانتقام، ولا يبحثون بشكل خاص عن مذنب (...)، بل يريدون إحقاق العدل".