تباينت
الآراء حول إعلان
الدنمارك رسمياً سحب كامل قواتها المنتشرة في
سوريا والعراق ضمن
"
التحالف الدولي" لهزيمة
تنظيم الدولة، وأثار القرار الذي وصف بـ"المفاجئ"
تساؤلات حول مستقبل "التحالف"، وما إن كان يمثل بداية انفراط عقد هذه القوة
التي تقودها الولايات المتحدة.
وكانت
وزارة الدفاع الدنماركية، قد أعلنت سحب جميع المتخصصين العسكريين التابعين لها من
العراق
وسوريا الذين شاركوا في عمليات ضد التنظيم، مرجعة ذلك إلى "مواجهة التهديدات القريبة
على حدودها".
وأضافت
في بيان نشرته وسائل إعلام دنماركية أن قرار الانسحاب جاء عقب انخفاض عدد عناصر
"داعش" في المنطقة لدرجة أنه لا توجد حاجة لمساهمة جنودها.
وقال
رئيس وحدة الدفاع الجوي الدنماركية الكولونيل بجارك لومبورغ إن القوة لمواجهة التهديدات
التي تراها بلادنا في جوارها المباشر أهم بالنسبة لها من نشر الجنود في سوريا والعراق.
وشاركت
الدنمارك منذ العام 2016، في مراقبة المجال الجوي وإدارة العمليات الجوية في القتال
ضد تنظيم الدولة في العراق وسوريا، حيث إنها أرسلت الخبراء والمتخصصين للمشاركة في عملية
"العزم الصلب".
يذكر
أن وزارة الدفاع الدنماركية كانت قد أكدت في وقت سابق أنها تخطط لتعزيز الاتصالات مع
جزر "فارو" في مجال الدفاع في منطقة القطب الشمالي، نظراً لأن "الوضع
الأمني في المنطقة خطير".
وتشكل
"التحالف الدولي" في 2014، بقيادة الولايات المتحدة، وضم في عضويته العديد
من الدول الأوروبية والعربية.
"تراجع
الثقة بسياسات واشنطن"
ويصنف
رئيس مركز "رصد للدراسات الاستراتيجية" العميد الركن عبدالله الأسعد، سحب
الدنمارك كامل قواتها من سوريا والعراق، ضمن الخسائر الأمريكية للحلفاء على مستوى العالم
والمنطقة.
ويقول
لـ"عربي21" إن "سياسات الولايات المتحدة في المنطقة وغيرها أدت إلى
تراجع الثقة، لأن واشنطن تخلت عن دورها في القضايا المصيرية، وفقدت زمام المبادرة".
وبذلك فإن الأسعد يجزم بأن انسحاب الدنمارك يعني فعلياً فقدان واشنطن للأوراق على مستوى المنطقة،
ويقول: "بالتالي، فإنه من غير المستبعد أن ينفرط عقد التحالف الدولي".
في المقابل،
يفسر الكاتب والباحث السوري مصطفى النعيمي، القرار الدنماركي بتبدل أولويات كوبنهاغن
بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، ويقول إن "الدنمارك تشعر بزيادة المخاطر الخارجية".
ما تأثير
القرار على الوجود العسكري الأمريكي؟
لكن
النعيمي خلال حديثه لـ"عربي21" يقلل من احتمالية تأثر الوجود العسكري الأمريكي
في سوريا والعراق بقرار الدنمارك، حيث تصر واشنطن على البقاء في المنطقة العربية وذلك
لضبط الصراعات القائمة بما لا يتعارض مع مصالحها الاستراتيجية.
ولا
يتفق الباحث مع حديث الدنمارك عن تراجع قوة وخطر تنظيم الدولة، ويقول إن "التنظيم
بات يستخدم تكتيك الذئاب المنفردة من خلال استهداف خصومه، والتنظيم يستغل كل الفرص
التي تضعف خصومه وسيزيد من نشاطه في المناطق الخصبة".
ما علاقة
الهجمات على قواعد التحالف الدولي؟
أما
المحلل السياسي فواز المفلح، فيشير إلى زيادة الهجمات على قواعد التحالف الدولي في شرق
سوريا، ويقول لـ"عربي21": "تصاعدت حدة الهجمات التي تشنها مليشيات
مرتبطة بإيران على قواعد التحالف، ويبدو أن الهجمات رفعت منسوب القلق لدى القوات الأجنبية،
وهذا ما دفع بالدنمارك إلى هذا القرار".
وبحسب
المفلح فإن وجود القوات الدنماركية هو أساسا يعد وجوداً رمزياً، وليس بالوجود المؤثر،
ويقول: "باعتقادي، أن الكلمة الأساس لوجود وبقاء التحالف تبقى لدى واشنطن".
ولا
يبدو حتى الآن أن الولايات المتحدة بصدد سحب قواتها (نحو 900 جندي) من سوريا،
حيث شدد النائب في الكونغرس رجا كريشنامورثي في آذار/ مارس الماضي، على أن قوات بلاده
لن تذهب إلى أي مكان وعليها البقاء في شمال سوريا.
حديث
النائب الأمريكي يأتي على خلفية تعرض قاعدة أمريكية في الحسكة السورية إلى هجوم يُعتقد
بوقوف مليشيات مدعومة إيرانيا خلفه، أسفر في آذار/ مارس الماضي عن مقتل متعاقد أمريكي
وجرح جنود أمريكيين.