قالت صحيفة "
فايننشال تايمز" إنه في الوقت الذي انزلق فيه
السودان قبل أسابيع إلى آتون الحرب الأهلية، قامت المملكة العربية
السعودية بإرسال
سفنها الحربية عبر البحر الأحمر، لنقل المدنيين الراغبين في مغادرة البلاد، بسبب مخاوفهم
على أمنهم وسلامة أسرهم، وبينهم آلاف الأجانب، والمقيمين.
ويضيف التقرير أن صور عملية الإجلاء تحولت إلى أمر متداول على وسائل
التواصل الاجتماعي بكثرة، في بريطانيا، والولايات المتحدة، كما أن وزير الخارجية السعودي
ساهم أيضا في جهود الوساطة بين قوات الجيش، وقوات الدعم السريع لوقف إطلاق النار، وهو
الأمر الذي ساهم ضمن أشياء حدثت في الآونة الأخيرة في ترميم صورة المملكة، التي اكتسبت
في السابق سمعة كمثيرة للقلاقل على المستوى الإقليمي.
ويوضح التقرير أن السعودية كانت قد انتهجت أسلوبا هجوميا وعدوانيا،
منذ عام 2015، عندما تبنت مساعي للحصول على أسلحة نووية، تحت قيادة وزير الدفاع الجديد،
وقتها والذي أصبح لاحقا وليا للعهد، الأمير محمد بن سلمان، علاوة على تبنيها منهجا
عسكريا صرفا ضد الحوثيين، لحل الأزمة في
اليمن، وأخيرا قيادة الحصار الذي فرضته عدة
دول إقليمية على قطر، والاحتجاز القصير لرئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري.
ويشير التقرير إلى أن نقطة الانقلاب بالنسبة "للشخص الذي لم يكن
مرغوبا في وجوده في العواصم الغربية" محمد بن سلمان، كانت اغتيال الصحفي والمعارض
السعودي، الراحل جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول، عام 2018، مضيفا أن المملكة
تغير وجهها الآن مرة أخرى، معززة بارتفاع أسعار النفط، ما يزيد الثقة في اقتصادها.
ويضيف التقرير أن المملكة عززت موقفها على الساحة
الدبلوماسية الدولية
بالتدخل بين طرفي النزاع في السودان، في الوقت الذي تدعم فيه بنيتها الاقتصادية في
الداخل بمشروعات عملاقة، كما فاجأت المتابعين على الساحة العالمية، والإقليمية، بالإعلان
عن إعادة علاقاتها الدبلوماسية مع عدوها الإقليمي المعتاد، إيران، وأخيرا الدفع نحو
إعادة العلاقات العربية مع النظام السوري، الذي كانت الرياض تدعم خلعه في السابق.
وينقل التقرير عن مديرة الأمن القومي، في معهد الدراسات الاستراتيجية
الدولية، إميلي هوكايم، قولها إن "ابن سلمان يستمتع باللحظة، حيث استعاد الاقتصاد
زخمه، والقوى العظمى تسعى للتواصل معه، بينما يقوم بإعادة تشكيل سياسته الخارجية، وتحديد
أولوياته الجيوسياسية".
ويختم التقرير بالقول إن بعض المحللين يتساءلون، هل سيستمر ابن سلمان
على منهجه الجديد في العلاقات الخارجية، أم يعود لنفس النهج الذي قاربه خلال سنواته
الأولى في السلطة؟