من
المؤسف حقا أن تشهد الدول العربية انهيارات متتالية لكل البنى التحتية، وكذلك الإبادات
الجماعية وهجرة الكوادر المتخصصة النخبوية إلى الخارج والتي صُرفت عليها ملايين
الدولارات لتخدم وطنها ومجتمعها وشعبها. وهذه الانهيارات بسبب البنى الدكتاتورية
الاستبدادية للسلطات، إذ لم تشهد الدول العربية منذ استقلالها آلية ديمقراطية
لتداول الحكم بالانتخابات الحرة النزيهة، إنما سيطر العسكر بالانقلابات على الحكم
وبات الجنرال العسكري هو من يقود دفة السياسة.
وكانت
حجة العصبويات العسكرية هي إسرائيل ومواجهتها. لقد كان هذا شعارا طوباويا وكلمة حق
أرادوا بها باطلا، فتعطلت التنمية وقُمعت الحريات السياسية، وتخلّفت المجتمعات،
وبقيت إسرائيل محتلة لفلسطين والأراضي العربية.
كانت حجة العصبويات العسكرية هي إسرائيل ومواجهتها. لقد كان هذا شعارا طوباويا وكلمة حق أرادوا بها باطلا، فتعطلت التنمية وقُمعت الحريات السياسية، وتخلّفت المجتمعات، وبقيت إسرائيل محتلة لفلسطين والأراضي العربية.
وبالتالي، كانت هذه الطغم هدفها السلطة والثروة
وبالتالي،
كانت هذه الطغم هدفها السلطة والثروة، إذ من خلال السلطة جنت ثروات هائلة بالفساد
في الإدارات كافة، وكل هذا بقوة
الجيش الذي لم يُبنَ بشكل وطني للدفاع عن حدود
الدولة وحماية المواطن من أي اعتداء خارجي، إنما استخدم ضد المواطن والشعب. وتجلّى
هذا بشكل قوي إبان ثورات الربيع العربي، إذ انقسم الجيش في اليمن، وتحارب بشكل
عنيف، وحدثت انشقاقات كبرى في سوريا، وحدثت مواجهات دامية بين الفصائل المتشكلة
وقوات النظام التي تحولت إلى مليشيا مثلها مثل المليشيات المستجلبة من الخارج؛ من
العراق ولبنان وإيران وباكستان وأفغانستان. وفي ليبيا حدث أمر مشابه أيضا، وحدثت
انشقاقات كبرى وتحارَب المنشقون مع نظام القذافي وتدخلت الأمم المتحدة وتم القضاء
على القذافي.
الجيش
كمؤسسة من المفترض أن تكون مهمته الأساسية الدفاع عن الوطن حين تعرُّض أبنائه
لاعتداء خارجي، تدخل إقليمي أو دولي أو هجوم دولة عدوة.. الخ، لا أن يُستخدم
لمهمات أمنية قاسية جدا ضد الشعب. الجيش هو المؤسسة التي تحمي الدولة من الانهيار،
لا المؤسسة التي تستخدم لتمزيق الجيش نفسه والإجهاز على البنى التحتية وقمع الشعب،
وبالتالي انقسام الجيش وانهياره وتحوله إلى مليشيا، بحيث يتحول البلد إلى صراع مليشيات
متصارعة وصراع مصالح قوى إقليمية ودولية مختلفة، بحيث تتعقد الحالة وتستعصي على
الحلول الوطنية السليمة.
الجيوش العربية تتحول إلى قوى مساهمة في حروب أهلية طاحنة، إذْ عندما يصوّب الجندي بندقيته إلى رأس المواطن فمعنى ذلك احتراب داخلي، وبالتالي يضطر المواطن لحمل السلاح وتشكيل فصائل مسلحة مضادة للقمع السلطوي
من
خلال ما تقدم يتضح لنا أنّ الجيوش العربية تتحول إلى قوى مساهمة في حروب أهلية
طاحنة، إذْ عندما يصوّب الجندي بندقيته إلى رأس المواطن فمعنى ذلك احتراب داخلي،
وبالتالي يضطر المواطن لحمل السلاح وتشكيل فصائل مسلحة مضادة للقمع السلطوي. وهذا
ما حدث في سوريا، ويحدث الآن بصورة أخرى في السودان، إذ يتحارب طرفان عسكريان هما
قوات الدعم السريع والقوات الحكومية النظامية، ويذهب ضحية الاحتراب هذا مواطنون أبرياء
ويُقتل الجنود من الطرفين. إذن هذا أيضا شكل من أشكال الحروب الأهلية، وهذا ما حدث
في اليمن أيضا، وكذلك ليبيا، وهي تخدم بشكل كبير نظرية التفكيك والتفتيت أي "الفوضى
الخلاقة".