داخليا هُزم تحالف قوى المعارضة بقيادة حزب الشعب الديمقراطي برئاسة كليتشدار أوغلو،
وخابت مساعيهم وآمالهم العمياء، بفضل الله الذي سخّر عباده للوصول بأردوغان إلى فترة
رئاسية جديدة؛ وهو ما يعد انتصارا فارقا في عمر
تركيا الحديثة في مئويتها الجديدة،
ذلك أن هذا الفوز المدوّي لحزب العدالة والتنمية على صعيد الرئاسة والبرلمان معا،
أعاد لتركيا الأمل في مستقبل أكثر إشراقا وحضورا على الساحة الدولية، وضرب موعدا
مع استكمال المشاريع الاقتصادية المحلية وبالمشاركة الإقليمية بثقة واقتدار، والتي
لم يكن حزب الشعب ليقوم بها على الوجه الذي يحقق لتركيا وشعبها الآمال المرجوة
التي عقد
أردوغان العزم على المضي فيها قدما، كالصناعات العسكرية والتقليدية
والإلكترونية واستخراج الغاز والبترول، وتنشيط التصدير لعدد كبير من الدول، وخصوصا
تلك التي استطاع أردوغان أن يقيم معها علاقات سياسية واقتصادية رفيعة المستوى.
لقد كان كليتشدار أوغلو يعوّل على قروض البنوك الدولية لإحداث تغيير في
الاقتصاد التركي، تلك القروض التي استطاع أردوغان التخلص منها خلال سنوات قليلة،
منهيا حالة العبودية لتلك البنوك التي ظلت تحاول التدخل في الشأن الاقتصادي
والاجتماعي التركي، في اللحظة التي كانت فيها تركيا ملتزمة بالسداد في المواعيد
المستحقة، وهو ما يطرح العديد من الأسئلة عن دور هذه البنوك في هدم اقتصاد الدول
وجعلها رهينة توجهاتها وإملاءاتها المدمرة، وما الحالة المصرية إلا أقوى دليل على
ذلك..
لم يطرح كليتشدار أوغلو بدائل حقيقية مقنعة وواضحة المعالم فيما يخص الاقتصاد، ولو فاز في الانتخابات، فيقيني أنه كان سيُغرق تركيا بالقروض، من دون أن يقدم جديدا على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، في ظل معاناة اقتصادية اقترفتها المؤامرات الدولية من جهة، وانهيار الاقتصاد العالمي الذي يعاني الكثير من الأزمات التي لا يتم الإفصاح عنها مبكرا من قبل الأنظمة الغربية من جهة أخرى
لم يطرح كليتشدار أوغلو بدائل حقيقية مقنعة وواضحة المعالم فيما يخص
الاقتصاد، ولو فاز في
الانتخابات، فيقيني أنه كان سيُغرق تركيا بالقروض، من دون أن
يقدم جديدا على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، في ظل معاناة اقتصادية اقترفتها المؤامرات
الدولية من جهة، وانهيار الاقتصاد العالمي الذي يعاني الكثير من الأزمات التي لا
يتم الإفصاح عنها مبكرا من قبل الأنظمة الغربية من جهة أخرى؛ لنفاجأ بين لحظة
وأخرى بخبر انهيار واحد من أكبر بنوك الولايات المتحدة، أو بخبر احتمال عدم قدرة
الأخيرة على سداد ديونها، أو بتوقعات هبوط سعر الدولار وتأثير ذلك على كثير من دول
العالم التي ربطت عملاتها بالدولار . حتى الصين وهي ثاني أكبر اقتصاد في العالم، بدأت تعاني
وتخشى المؤشرات السلبية لاقتصادها في المرحلة القادمة.
وعلى الصعيد الخارجي، فقد خابت كل مساعي الإطاحة
بأردوغان؛ فقد اجتمعت عليه كثير من القوى الإمبريالية، ناهيك عن دول عربية كانت
تستعد للاحتفال فيما لو فاز كليتشدار أوغلو، ولم تُخفِ بعض القنوات والمواقع
الإخبارية والصحف في تلك الدول أمنياتها الشيطانية بسقوط أردوغان وحزبه، حتى إنك
لتحس بأنهم يعدّونه العدو الأول للأمة العربية، وليس الكيان المحتل الذي ترقص عدة
حكومات عربية على إيقاعه النشاز.
لقد بدأت اللهجة تتغير بعد انتصار أردوغان وتحالفه، وبدا
أردوغان صقرا جارحا واثقا من جناحيه ثقة كبيرة.. بدا شامخا عزيزا كمقاتل نبيل،
وفارس لا يُشق له غبار، بينما البُغاث يتطايرون بعيدا عنه أمام حضوره الطاغي
وشخصيته الكارزمية التي تلزم العدو الرهبة، وتوقع في قلبه الهواجس والكوابيس.
كانت الصحف والمواقع الإخبارية الغربية وخصوصا الأوروبية
منها تجدف وتقصف كما يحلو لها أن تفعل، وكانت تتمنى، وهي المعبّرة عن ضمير
حكوماتها وساستها ومثقفيها وإعلامييها، أن يفوز كليتشدار أوغلو، وكانت تحلم
بالقضاء على إمبراطورية أردوغان وقلعته الحصينة، وظلت طوال الوقت تصرخ وتتهيأ لتلقّي
خبر سقوط أردوغان.
وقد استعدّت محافل ومنتديات ومراكز إعلامية كبرى للاحتفال
بنهاية أردوغان؛ فقد أعلنت معظم دول أوروبا موقفها المعادي لأردوغان بشكل مباشر أو
غير مباشر، باستثناء الولايات المتحدة التي وقفت على الحياد في انتظار النتائج، لتعلن
بعد ذلك رغبتها في التعاون مع أردوغان، الرئيس المزعج الذي لم يستطيعوا بعد فهم
أبعاد شخصيته الإشكالية التي تتخذ مواقف غير متوقعة، والتي تأتي بناء على مصالح
وطنه، وليس شيئا آخر، كما يفعل كثير من حكامنا الدين يعملون فقط لصالح أنفسهم على
حساب أوطانهم ومصالح شعوبهم.
استعدّت محافل ومنتديات ومراكز إعلامية كبرى للاحتفال بنهاية أردوغان؛ فقد أعلنت معظم دول أوروبا موقفها المعادي لأردوغان بشكل مباشر أو غير مباشر، باستثناء الولايات المتحدة التي وقفت على الحياد في انتظار النتائج، لتعلن بعد ذلك رغبتها في التعاون مع أردوغان، الرئيس المزعج الذي لم يستطيعوا بعد فهم أبعاد شخصيته الإشكالية التي تتخذ مواقف غير متوقعة
إنهم يكرهونه لأنه صاحب رؤية إسلامية، ويتطلع لإعادة مجد
الخلافة العثمانية التي تآمروا عليها وهدموها..
يكرهونه لأنه قوي ذكي واع مخلص لوطنه وأمته، فهو عصي على
التدجين، رافض للانحناء..
يكرهونه لأنه يصرّ على خلق شخصية تركية فريدة بعيدا عن
حضارتهم وطقوسهم وعاداتهم وقيمهم وأفكارهم..
يكرهونه لأنه صلب لا يرضخ للضغوط، ولا تخيفه المؤامرات
التي تحاك ضده وضد بلاده..
يكرهونه لأنه شخصية فاعلة متحدية نشطة، ذات ذهن متوقد،
استطاعت أن تنهض بالبلد نهضة كبيرة على كل الأصعدة، ولأنه وضع تركيا في مصاف
الكبار خلال سنوات حكمه، ولأنه صنع مجدا حقيقيا لتركيا، فباتت رقما صعبا في
المعادلة الدولية..
لأنه يسابق الزمن في الصناعة والإنتاج الحربي، وبات من
المصدرين المنافسين للسلاح، وخصوصا الطائرات المسيرة والمدرعات..
لأنه صاحب شخصية قوية ذات كامن خاص، تتفوق في نفوذها
وصرامتها قدرات زعماء أوروبا مجتمعين، فحيثما وُجدت الحاجة للشخصية النافذة
والحضور المهيب، كان أردوغان؛ فلا أحد منهم يمتلك قوة شخصيته وقدرته على المواجهة،
ولا يستطيع أحد منهم الاستعلاء عليه، فهو لا يطأطئ كما يفعل السيسي، ولا يتطفل ولا
يحني رأسه لأحد؛ وهو ما يقلقهم، ويستفز قلوبهم.. لكنهم يحترمونه ويحسبون له ألف
حساب. وأردوغان يفضل أن يحترموه ولا يحبوه على أن يحبوه ولا يحترموه، وهو يعلم
جيدا أنه ثقيل عليهم مزعج لأفكارهم وخططهم التي تتحطم على صخرة وعيه ودرايته
السياسية والموازين التي يزن بها الأمور.
إنهم يكرهونه لأنه شب عن الطوق، واتخذ مسارا مختلفا عن
الدول المنبطحة في المنطقة، ولأنه استطاع أن يساعد أذربيجان على استعادة أرضها من
أرمينيا، ولأنه استطاع أن يحمي قطر من غزو إماراتي سعودي، مع بداية الأزمة
الخليجية، ويقضي على المؤامرة التي تعرضت لها قطر عسكريا واقتصاديا، ولأنه فرض
نفسه في كثير من الملفات كالملفين السوري والليبي، ولأنه استطاع إحداث اختراقات في
دول أفريقية أخرى..
يكرهونه لأنه استطاع أن يهزم الانقلاب ويقضي على بواعثه
ويعيد لتركيا أمنها وسلامتها..
يكرهونه لأن ملايين العرب والمسلمين حول العالم يحبونه،
واحتفلوا بفوزه، فهم يعدونه درعهم المنيع في وجه المؤامرات الدولية، وبقية الزعماء
الذين يشد بهم الظهر في زمن الخيانة والهشاشة والخزي والعار.