نشرت مجلة "
أويل برايس" البريطانية تقريرًا، تحدثت فيه عن وقود "
الديزل النووي"، وإمكانية استخدامه في إزالة الكربون.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي 21"، إن وقود "الديزل النووي" قد يصبح أمرًا حيويًا في إزالة الكربون عن النقل والصناعة بحلول عام 2050؛ حيث يمكن مزج هذا النوع من الوقود في
الوقود الأحفوري، أو يمكن استبداله بالكامل في السفن أو الطائرات أو التقنيات الصناعية الموجودة، كما أن
الطاقة النووية يمكن أن تساعد في خفض تكاليف إنتاج الوقود الاصطناعي.
وأضافت المجلة أنه في شباط/ فبراير الماضي، واجه اقتراح الاتحاد الأوروبي بحظر السيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري تمامًا بحلول عام 2035 معارضة شديدة من ألمانيا، أكبر اقتصاد في الكتلة، وكذلك بولندا وإيطاليا. وعلى الرغم من أن ألمانيا هي نفسها لاعب قوي في مجال الطاقة النظيفة، فإنها تعد أيضًا القوة العظمى في أوروبا، وتخشى أن تهدد هذه الخطوة صناعتها المحورية.
ويمكن للاتحاد الأوروبي أن يعتمد الاقتراح بغض النظر عن معارضيه، ولكن مع امتياز رئيسي: لن يُسمح باستمرار بيع مركبات الاحتراق الداخلي بعد 2035 إلا إذا كانت تعمل بالوقود الإلكتروني.
ووفقًا لوكالة الطاقة الدولية، يعد الوقود الاصطناعي أمرًا حيويًا في إزالة الكربون عن النقل والصناعة بحلول عام 2050 خاصة في القطاعات التي يصعب فيها تطبيق الكهرباء مثل الطيران.
وفي هذا السياق؛ يجب عدم الخلط بين الوقود الاصطناعي وبين الوقود الحيوي، أو الوقود المنتج من محاصيل مثل قصب السكر والذرة وفول الصويا والوقود الإلكتروني، فالوقود الاصطناعي هو وقود سائل ينتج من الغاز الطبيعي أو الفحم أو الصخر الزيتي…، ويشمل الديزل الاصطناعي الكيروسين والميثانول الإلكتروني، ويتم تصنيع الوقود الاصطناعي المحايد كربونيًا بطريقتين:
تستخدم الطريقة الأولى ثاني أكسيد الكربون الملتقط أو أول أكسيد الكربون من الغلاف الجوي أو عملية صناعية مثل صناعة الصلب، وتجمعها مع الهيدروجين الذي يتم الحصول عليه من الماء عن طريق التحليل الكهربائي لإنتاج الوقود؛ بينما تشمل الطريقة الثانية أنواع الوقود الحيوي الاصطناعية التي تم إنشاؤها من الكتلة الحيوية التي يتم تحويلها إلى غاز قبل تحفيزها باستخدام الهيدروجين باستخدام الوسائل الكيميائية أو من خلال العمليات الحرارية.
وبينّت المجلة أن أكبر عامل جذب للوقود الصناعي هو أنه على عكس الوقود الأحفوري، فإن ثاني أكسيد الكربون الذي يطلقه في الغلاف الجوي عند احتراقه في محرك يساوي فعليًا الكمية المأخوذة من الغلاف الجوي لإنتاج الوقود، مما يجعله محايدًا لثاني أكسيد الكربون.
وتعتبر شركة "بوش" الألمانية للهندسة والتكنولوجيا متعددة الجنسيات، داعمًا قويًا للوقود الاصطناعي. ووفقًا للشركة؛ ستظل حوالي نصف السيارات التي تعمل بالبنزين أو الديزل في الخدمة بحلول 2030، وباستخدام الوقود الاصطناعي - الذي تقول شركة "بوش" إنه متوافق تمامًا مع الوقود الأحفوري الحالي - ستكون هذه المركبات القديمة قادرة على لعب دور في خفض انبعاثات الكربون.
ولفتت المجلة إلى نوع آخر من الوقود يلقى تأييدًا لدى العديد من الشركات الكبرى وهو الوقود الإلكتروني، لكنه حاليًا لا يتم إنتاجه على نطاق واسع بسبب ارتفاع التكاليف، لدرجة أن دراسة حديثة أجراها المجلس الدولي للنقل النظيف وجدت أن الوقود الإلكتروني يمكن أن يكلف ما يصل إلى 2.80 يورو للتر (11.52 دولارًا أمريكيًا للغالون)، أي 3 أضعاف التكلفة الحالية للديزل، لذلك تتجه الأنظار إلى تقنية أخرى مثيرة للجدل، وهي الطاقة النووية.
الديزل النووي
بحسب المجلة؛ يعد استخدام الطاقة النووية لإنتاج المواد الكيميائية والوقود السائل فكرة مطروحة للنقاش منذ فترة طويلة. وفي الواقع، تتجه الطاقة النووية بقوة نحو العمليات التي تتطلب درجات حرارة عالية وبأسعار معقولة مثل إنتاج الوقود الاصطناعي وتحويل الفحم إلى غاز.
لكنْ ولسوء الحظ؛ من الصعب نشر الطاقة النووية بسرعة كافية لتحقيق الأهداف المناخية بسبب الواقع المثير للجدل لمشاريع الطاقة النووية، ناهيك عن أن بناء محطة للطاقة النووية يستغرق في المتوسط من 10 إلى 19 سنة. بالإضافة إلى ذلك، فإن العوائق التجارية الرئيسية، وفي المقام الأول التكلفة الرأسمالية الأولية الكبيرة والتجاوزات الضخمة للتكاليف، تجعل هذا المسعى أكثر صعوبة.
مفاعلات "الوحدات الصغيرة" النووية
ذكرت المجلة أن مفاعلات "الوحدات الصغيرة" هي مفاعلات نووية متقدمة بقدرات طاقة تتراوح من 50-300 ميغاوات لكل وحدة، مقارنة بـ 700 ميغاوات أو أكثر، لكل وحدة لمفاعلات الطاقة النووية التقليدية. ومن أبرز مميزاتها:
معيارية؛ ممًا يجعل من الممكن تجميع أنظمة ومكونات مفاعلات "الوحدات الصغيرة" في المصنع ونقلها كوحدة إلى موقع للتركيب.
صغيرة؛ فمفاعلات "الوحدات الصغيرة" هي فيزيائيًا جزء صغير من حجم مفاعل الطاقة النووية التقليدي. ونظرًا لصغر حجمها، يمكن إنشاؤها حتى في مواقع غير مناسبة لمحطات الطاقة النووية الأكبر حجمًا، مثل محطات الفحم الخارجة من الخدمة. كما يمكن تصنيع وحدات مسبقة الصنع من هذه المفاعلات، وشحنها ثم تركيبها في الموقع المخصص. كل ذلك يجعلها منخفضة التكلفة في البناء أكثر من مفاعلات الطاقة الكبيرة، بالإضافة إلى قصر وقت الإنشاء.
وأضافت المجلة أن عشرات الحكومات، بما في ذلك الحكومة الأمريكية، بدأت في تحفيز الشركات الصغيرة والمتوسطة على مشاريع مفاعلات "الوحدات الصغيرة". ففي سنة 2020؛ أطلقت وزارة التجارة الأمريكية مجموعة عمل لهذا النوع من المفاعلات من أجل تسريع نشرها في الأسواق الأوروبية في محاولة لوضع الشركات الأمريكية في ريادة تلك الأسواق، كما تتطلع دولتان أفريقيتان هما غانا وكينيا، إلى تطوير هذا النوع من المفاعلات، لتوسيع قدراتهما على توليد الطاقة.
لحسن الحظ؛ بالنسبة لشركات النفط الكبرى وأنصار الوقود الاصطناعي؛ قد تكون مفاعلات "الوحدات الصغيرة" هي ما يحتاجون إليه أخيرًا لجعل الوقود الالكتروني منافسًا للوقود الأحفوري.
في هذا الشأن؛ نقلت المجلة عن الدكتور روبرت هارغريفز، المؤسس المشارك لشركة "ثور كون انترناشيونال/ ThorCon International"، وهي شركة هندسية نووية مقرها في الولايات المتحدة، اقتراحه تطوير "الديزل النووي"، الذي وصفه بأنه سيغير قواعد اللعبة في تحول الطاقة النظيفة.
وبحسب هذا الخبير النووي، يمكن أن تكون تكاليف طاقة المصدر النووي المتقدم 3.5 سنتات/كيلوواط في الساعة للكهرباء أو 2 سنت/كيلوواط في الساعة للحرارة المرتفعة، لذلك فإن تكلفة تصنيع الديزل النووي أقل من دولار واحد للغالون.
وختمت المجلة تقريرها بالقول إن هذه الأطروحة، وعلى الرغم من أنها لم تُختبر بعد في صناعة النفط والغاز، إلًا أن لها بالفعل سابقة واضحة في صناعة المواد الكيميائية. ففي السنة الماضية؛ اشتركت شركة "داو كيميكال" الأمريكية مع شركة "إيكس إينرجي" الخبيرة تكنولوجيا مفاعلات الوحدات الصغيرة، لنشر تكنولوجيا مفاعلات الغاز عالية الحرارة "Xe-100" وسيوفر هذا النموذج حرارة وطاقة عملية خالية من الكربون وبتكلفة تنافسية. وحيال ذلك؛ قال جيم فيترلينغ، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة "داو": "ستكون التكنولوجيا النووية المتقدمة في مفاعلات "الوحدات الصغيرة"، أداة حاسمة لمسار "داو" نحو انبعاثات خالية من الكربون، وتقديم منتجات منخفضة الكربون لعملائنا".