قدم المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، عبدالله باتيلي،
إحاطته الرابعة أمام مجلس الأمن منذ أيام، وقد كان المنتظم السياسي الليبي والرأي
العام في انتظار هذه الإحاطة أملا في أن تأتي بجديد يخرج المسار السياسي الليبي من
حالة الإرباك التي يواجهها بعد بارقة الأمل التي لاحت في الأفق.
توقف المسار المتدفق منذ مطلع العام بعد الاعتراض على قوانين
الانتخابات من قبل مجلس النواب والتي توافقت عليها لجنة 6 زائد 6، ويبدو أن باتيلي
قد أقر في تصريح سابق له بالخلاف وطلب بأخذ مخاوف الأطراف السياسية حيال ما ورد في
قوانين لجنة 6 زائد 6.
في إحاطته اعتبر باتيلي أن مخرجات اللجنة غير كافية، وأن الخلاف
محتدم حول تلك المخرجات والذي حصره في:
معايير الترشح للرئاسة وبالتحديد التخلي عن الجنسية الأجنبية،
والذهاب إلى جولة ثانية للانتخابات الرئاسية حتى مع حصول أحد المترشحين على نسبة 51%
من الأصوات، وإلغاء الانتخابات البرلمانية حال فشل الرئاسية، والخلاف حول تشكيل
حكومة جديدة.
ولم يطرح باتيلي أفكارا لمواجهة الخلاف الراهن حول قوانين الانتخابات
غير عبارة الاتفاق السياسي والذي قرنه بالخلاف الحكومي بين الفرقاء الليبيين وسبل
تسويته، كما أن باتيلي لم يأت على سيرة "اللجنة رفيعة المستوى" التي تحدث
عنها في إحاطته الأولى في تشرين الثاني (أكتوبر) 2022م، والتي أراد لها أن تكون
بديلا عن المجلسين في تحقيق التوافق والوصول إلى الانتخابات.
هذا يقود إلى الاستنتاج أن باتيلي سيتماهى مع المسار السياسي الراهن
برغم تعثره، ذلك أن الأطراف الليبية المعنية قطعت شوطا في تفاهماتها بإصدار
التعديل الدستوري الثالث عشر وتشكيل لجنة قوانين الانتخابات التي أعلنت عن
قوانينها في السابع من الشهر الجاري.
والحقيقة أن الإحاطة التي بدت باهتة وخالية من مضمون عملي يساعد على
تفكيك الحلقة الجديدة من
الخلافات بين أطراف النزاع الليبي والتي هي انعكاس للجمود
في مواقف الدول المؤثرة في الملف الليبي خاصة الولايات المتحدة، فقد اقترن الحراك
السياسي منذ مطلع العام بضغط من واشنطن عبر شخصيات سياسية وأمنية ذات وزن.
لم يطرح باتيلي أفكارا لمواجهة الخلاف الراهن حول قوانين الانتخابات غير عبارة الإتفاق السياسي والذي قرنه بالخلاف الحكومي بين الفرقاء الليبيين وسبل تسويته، كما لم يأت باتيلي على سيرة "اللجنة رفيعة المستوى" التي تحدث عنها في إحاطته الأولى في تشرين الثاني (أكتوبر) 2022م، والتي أراد لها أن تكون بديلا عن المجلسين في تحقيق التوافق والوصول إلى الانتخابات.
أعقب الإحاطة تحرك متعدد الاتجاهات للمبعوث الأمريكي الخاص لليبيا،
ريتشارد نورلاند، الذي التقى برئيس المجلس الأعلى للدولة ورئيس المجلس الرئاسي
ورئيس حكومة الوحدة الوطنية، وبالقطع سيتجه إلى طبرق والرجمة للقاء عقيلة صالح
وخليفة حفتر.
تحرك نورلاند لن يشكل ضغطا على الأطراف المتنازعة، وزياراته روتينية،
وربما يراد منها إطلاع رؤسائه على آخر المستجدات والتعثر في المسار السياسي ومواقف
الأطراف المختلفة من القوانين والمسائل المكملة لإجراء الانتخابات، وستكون الأنظار
معلقة إلى الشمال انتظارا لموجة جديدة من الضغوط عبر وسطاء من الحجم الثقيل في
الإدارة الأمريكية يمكن أن تدفع المسار السياسي إلى الأمام.
التعقيد مازال يكتنف المسار السياسي والذي عنوانه الأبرز عدم الاتجاه
إلى الانتخابات وما بدا للرأي العام الليبي أنه بسبب عدم قناعة المنتظم السياسي
والعسكري والأمني بها، وبالتالي بقاء الحال على ما هو عليه، وهناك ما يؤكد على توجه
مصدره طبرق والرجمة وهو التركيز على تغيير في السلطة التنفيذية (الحكومة) وتغيير
مواز في السلطة النقدية (المصرف المركزي) أو إجراءات تمكن جبهة طبرق-الرجمة من
إنهاء سلطة ادبيبة الكبيرة والتحكم بشكل أو بآخر في القرار السياسي والمالي.
كان هذا مطلبا لرئيس مجلس النواب ويبدو أنه توافق فيه مع رئيس المجلس
الأعلى، الشريك في العملية السياسية، وهو ما حاول حفتر تمريره عبر مفاوضات مع
ادبيبة والتي بدا أنها لم تصل إلى الغاية منها، وهو ما دفع باتيلي إلى إثارتها في
إحاطته وقرن حلها باتفاق سياسي بين أطراف النزاع.