في كلمته أمام مجلس النواب في آذار (مارس)
الماضي قال عقيلة صالح إن المسار السياسي يمضي بتوافق بعد التعديل الدستوري الثالث
عشر والاتفاق على لجنة تضع قوانين
الانتخابات، وأكد عقيلة أنهم اتفقوا على أن تكون
مخرجات اللجنة نهائية وملزمة للمجلسين، النواب والأعلى للدولة.
وكعادته، نكص عقيلة صالح على عقبيه وتنكر
لوعوده، وها هو اليوم يتحفظ على مخرجات اللجنة ويطالبها بإعادة النظر في القوانين
التي أصدرتها وهو ملزم بنص التعديل الدستوري الأخير بالتسليم بمخرجاتها ونشر
قوانينها في الجريدة الرسمية.
عقيلة صالح في آخر ظهور له منذ أيام احتج
على اتفاق اللجنة في أن يقدم المرشح للرئاسة في الجولة الثانية من الانتخابات ما
يفيد تخليه عن الجنسية الأجنبية، وقال كنا قد اقترحنا أن يكون التنازل عنها بعد
إعلان فوز المرشح المزدوج الجنسية، وعقب بنفس الطريقة على شرط تخلي العسكريين عن
منصبهم، وتتعلق تحفظات عقيلة بحفتر تحديدا لا غيره، الذي بات الحديث عن دوره في
رسم ملامح المرحلة القادمة عبر مواقف وخيارات مجلس النواب جلية، وليس أدل على ذلك
من ذهاب المجلس بقضه وقضيضه للقاء القائد العام، وهو المعين من قبلهم والذي من
المفترض أن يخضع لإرداتهم ويأتي إلى مقرهم للمسألة وحتى التحقيق. ويعود الاضطراب
في المشهد الليبي إلى خلل العلاقة بين مجلس النواب والقيادة العامة للجيش.
نكص عقيلة صالح على عقبيه وتنكر لوعوده، وها هو اليوم يتحفظ على مخرجات اللجنة ويطالبها بإعادة النظر في القوانين التي أصدرتها وهو ملزم بنص التعديل الدستوري الأخير بالتسليم بمخرجاتها ونشر قوانينها في الجريدة الرسمية.
على لجنة 6+6 مراجعة القوانين التي توافقت
عليها كما أعلن عقيلة صالح، خلافا لما اتفق عليه النواب والأعلى للدولة، والتزم
الأخير بالصمت، برغم أنه تنازل وقطع شوطا في اتجاه مطالب مجلس النواب وشروطه بخصوص
المسار السياسي الذي تضمن التعديل الدستوري ولجنة 6+6 ومخرجاتها، خاصة مسألة ترشح
مزدوجي الجنسية، ذلك أن ترشح حملة الجنسيات الأجنبية لا يقبل ولا يمكن تبريره
والتجارب الديمقراطية في العالم شاهدة على ذلك، غير أن الأعلى للدولة كيَّف
المسألة بطريقة تتماهى مع إصرار مجلس النواب بالخصوص.
منح رئيس البعثة الأممية، عبدالله باتيلي،
النواب والأعلى للدولة مهلة حتى نهاية الشهر الجاري لإنجاز قوانين الانتخابات، ومن
المؤكد أن المهلة ستنقضي دون تحقيق ما اشترطه، وهو بالتالي أمام خيارين: إما
الانطلاق في مسار بديل عنوانه ووسيلته اللجنة رفيعة المستوى التي تحدث عنها في
إحاطته أمام مجلس الأمن في شباط/ فبراير الماضي، حيث أنه شرع منذ مدة في مشاروات
حول عضويتها ومهامها، أو أن يمهل المجلسين فترة إضافية علهما يستدركا على التوافق
المنقوص.
ما قد يشوش على باتيلي في نهجه البديل عن
المجلسين هو المشوار الذي قطعاه عبر توافقهما على التعديل الدستوري ولجنة قوانين
الانتخابات، ولذا قد يكون الخيار الأسلم والأقصر هو دفع المجلسين إلى الاستدراك على الخلاف حول
القوانين الجديدة من خلال وضع إطار زمني نهائي للتوافق على القوانين، وفي حال
استمرار الإخفاق والفشل في التوافق يصبح اللجوء إلى البديل مبرر بل ومدعوم من
الداخل والخارج.
لم يظهر باتيلي حماسا أو دعما للتوافقات
الأولية للمجلسين، وعندما سئل عن سبب عدم حضوره إعلان لجنة 6+6 عن توافقاتها حول
قوانين الانتخابات في بوزنيقة الأسبوع الماضي، برر عدم حضوره بأن الموضوع شأن ليبي
خاص، وهي إجابة غير مقنعة وتكشف عن عدم رضى فسره عديد المراقبين بأنه استجابة
لضغوط خارجية، فيما رجح آخرون عدم ثقة المبعوث الأممي في قدرة واستعداد النواب
والأعلى للدولة، ومن خلفهما من فواعل، في التوافق على استحقاقات الانتخابات.
قوة باتيلي ليس في موقفه وفاعليته الذاتية،
بل في الدعم الذي يتلقاه من الأطراف الغربية، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة
الأمريكية، وإذا استمر الموقف الأمريكي في التأرجح تجاه الملف الليبي، فإن دور
باتيلي سيكون رهنا لمزاجية صانع القرار الأمريكي حيال القضية الليبية، ذلك أن
إعلان باتيلي عن اللجنة رفيعة المستوى التي قال أنها ستحل محل المجلسين في وضع
قوانين الانتخابات جاء في وقت شهد حضورا لواشنطن وفاعلية في دبلوماسيتها تجاه
ليبيا، حيث زار طرابلس وبنغازي شخصيات أمريكية رفيعة المستوى مارست ضغطا على أطراف
النزاع فهرول الجميع صوب التوافق التي شهدناه الأشهر الأربع الماضية، ومع تراجع
الاهتمام الأمريكي عاد المجلسان، أو قل مجلس النواب، إلى عادته القديمة في
المماطلة والتسويف ونهج التفرد والمغالبة في رسم ملامح المشهد القادم.