هناك أهميّة
خاصّة لكاتب الكتاب أيمن سدر، كونه أوّلا معتقلا منذ ثلاثين سنة، ومن الذين بنوا
أنفسهم علميّا وأكاديميّا وهم داخل أسوار السجن، فلم يحل السجن بينهم وبين تطوير
أنفسهم، فقد حصل على شهادة الماجستير بتخصص اقتصاد وإدارة أعمال، وله العديد من
الدراسات والأبحاث ومئات المقالات، وهو مدرب وخبير في إدارة الأعمال.
ومن المعلوم أنّ
الأسرى قد نجحوا في خلق حالة ثقافية وتحويل
السجون إلى معاقل لصناعة الأحرار
ومعاهد وجامعات، مما حقّق نتائج عظيمة على صعيد الإنتاج الفكري والأدبي والثقافي
بشكل عام.
والكتاب الذي بين
يدينا يأتي في هذا السياق، فهو عبارة عن خمس دراسات امتازت بالإحاطة الشمولية
والموضوعية، وصولا إلى خلاصات عملية وتوصيات يُستفاد منها؛ ليس في سياق تجربة
الحركة الأسيرة فحسب، وإنما على صعيد الخارج وما يخص الشأن
الفلسطيني الفكري
والسياسي والاقتصادي والاجتماعي.
أولا: دراسة
تحليل كفاءة وفاعلية القرارات الاستراتيجية لإضراب حماس 2019
تتناول أدقّ الأمور وأكثرها حساسية بالنقد المباشر الصريح، واستندت في ذلك على نتائج تحليل استبانة البحث، لتصل إلى أن يكون النقد موضوعيا وبروح جماعية، وليكون بذلك الأقرب للصوابية والتتقييم الصحيح.
وقد امتازت هذه
بروح نقدية عالية، خرجت عن مألوف العقل العربي المتمترس في المقولة القاتلة لأية
تغذية راجعة على قاعدة: "لم يكن بالإمكان أفضل مما كان"، بل راحت تتناول
أدقّ الأمور وأكثرها حساسية بالنقد المباشر الصريح، واستندت في ذلك على نتائج
تحليل استبانة البحث، لتصل إلى أن يكون النقد موضوعيا وبروح جماعية، وليكون بذلك
الأقرب للصوابية والتتقييم الصحيح.
وشكّل بهذه
الدراسة وما رافقها من دراسات نقلة نوعية في ثقافة السجون، التي باتت تعتمد على أدوات
قياس علمية؛ وظّفت الاستبانة واستطلاع آراء عيّنات البحث لتصل إلى التقييم
والتحليل العلمي، وخلاصة التوصيات العملية مع هذه التجربة التي كانت محلّ الدراسة.
ثانيا: دراسة نفق
الحريّة وتداعياته على الحركة الأسيرة
عمدت الدراسة على
تحديد القرارات والإجراءات التي اتخذتها إدارة السجون ضد الحركة الأسيرة وارتداداتها
وتداعياتها على كل المستويات، حيث جعلت من الانتقام من الأسرى وتدفيعهم ثمن فشلها
الأمني الذريع عنوانا لكل قراراتها الانتقامية.
ثم عمدت الدراسة
إلى تحليل ورصد؛ إلى أيّ حدّ استطاعت الحركة الأسيرة صد الهجمة وكسر تلك القرارات.
ثم خلصت إلى التوصيات
التالية:
- إعادة
الاعتبار لدور الحركة الأسيرة ليس فقط على صعيد الصراع مع السجان، وإنما على صعيد
الدور الوطني العام خارج السجون.
- الاستعداد
والجهوزية ووضع الخطط لاحتمالية تسلم "بن غفير" لوزارة الأمن الداخلي
(استشرفت الدراسة هذا الأمر قبل وقوعه بالفعل).
- مأسسة
الحراك الشعبي والوطني لتفعيل شرائح المجتمع الفلسطيني كافة.
- أن
يكون على رأس الاهتمام بقضية الأسرى، نيل حريتهم؛ بحيث يصبح حقّا لازما على الفصائل
الفلسطينية بالوسائل والطرق كافة.
ثالثا: الممارسة
الديمقراطية للحركة الأسيرة في سجون الاحتلال
الحركة الأسيرة بكل فصائلها، عملت على إسقاط مبادئ الديمقراطية قدر المستطاع على أطر عملها الفصائلي والتنظيمي، رغم التحديات والمعوقات الجمّة، وحققت نجاحات كبيرة خاصة في الجوانب الإجرائية والإدارية.
وقد عمدت الدراسة
بداية على تحديد:
- مفهوم
الديمقراطية لدى الحركة الأسيرة.
- المعوقات
التي تتعرض لها.
-
إلى أي مدى استطاع الأسرى إسقاط الديمقراطية على واقع الأسر.
وكانت في نتيجة
الدراسة أهم ما وصلت إليه، من أن الحركة الأسيرة بكل فصائلها، عملت على إسقاط مبادئ الديمقراطية قدر المستطاع على أطر عملها الفصائلي والتنظيمي، رغم التحديات والمعوقات الجمّة، وحققت نجاحات كبيرة خاصة في الجوانب الإجرائية والإدارية.
رابعا: بركان
الحريّة وكيّ الوعي: 23 آذار/ مارس 2023
استهدفت هذه
الدراسة العدوّ الإسرائيلي بشكل كبير وتناولت بالتحديد:
- السياسات
والأساليب التي تستخدمها إدارة السجون، من خلال نظريات علمية ونفسية واجتماعية، لإنتاج
الأسير الفلسطيني المنسلخ عن دينه ووطنه وشعبه وإنسانيته.
-
ضرب الوحدة الوطنية والخطوات الجماعية، بما فيها الإضراب المفتوح عن الطعام، ضمن أهداف
إدارة السجون.
ثم أفردت للحديث
عن كيفية ردّ الأسرى على هذه السياسات والأساليب، واعتبرت حالة التحقق من الآتي هو
أساس النجاح في العلاقة المشتبكة مع السجّان:
- الوحدة
الوطنية.
- التوقيت
الزمني بحيث يكون مناسبا.
- الوضع
الأمني وما يحدثه الإضراب من تداعيات تؤدي إلى مخاطر يحسب لها صناع القرار
الإسرائيلي ألف حساب.
الأسرى قد نجحوا في كسر قرارات "بن غفير" في جولات معينة، مثل ما حدث في معركة الإضراب التي كان من المفترض أن تبدأ مع بداية شهر رمضان الماضي، وقد آتت أكلها قبل أن تبدأ المعركة، ومع هذا، فإن المعركة لم تنته بعد، وما زالت هناك جولات قادمة كثيرة، ما دام الاحتلال موجودا وما دامت السجون مفتوحة.
- كذلك
لا بدّ من دراسة الأوضاع السياسية الإسرائيلية، ومراعاة الظرف المناسب لأي خطوة
يتخذها الأسرى.
ثمّ ركّزت
الدراسة على فقرة خطيرة: "دولة الاحتلال أنتجت نظاما علميا وشاملا وخطرا، يعتمد على أحدث النظريات في الهندسة البشرية، بغية صهر الوعي الفلسطيني عبر تفكيك
القيم الجامعة، وإحداث حالة من الإبادة السياسية". ثم أثبت في الدراسة، أنّ الأسرى
قد نجحوا في كسر قرارات "بن غفير" في جولات معينة، مثل ما حدث في معركة
الإضراب التي كان من المفترض أن تبدأ مع بداية شهر رمضان الماضي، وقد آتت أكلها قبل
أن تبدأ المعركة، ومع هذا، فإن المعركة لم تنته بعد، وما زالت هناك جولات قادمة
كثيرة، ما دام الاحتلال موجودا وما دامت السجون مفتوحة.
خامسا: رصد
عمليات القسام في القدس 9 تشرين الأول/ أكتوبر إلى كانون الأول/ ديسمبر 1994
وقد امتازت هذه
الدراسة بـ:
- قراءة
نقدية وتحليلية لتلك العمليات.
- توثيق
الأحداث والوقائع وما رافق العمل من تحديات وصعوبات.
وخلصت إلى تقديم
تغذية راجعة لهذا العمل، ثم خلصت إلى العبر التي سيستفيد منها كلّ مقاوم يقرأ هذه
التجربة.