يعد
جبل جرزيم عند السامريين أحد أركان الشريعة السامرية، ويقع جنوبي
مدينة نابلس ويرتفع عن سطح البحر 885 مترا، ويقع إلى الشمال من مدينة نابلس جبل آخر هو جبل عيبال الذي يرتفع عن سطح البحر 940 مترا.
جبل جرزيم المقدس عند السامريين يحمل اسما آخر هو جبل الطور، تيمنا
بجبل طور سيناء الذي أنزل الله فيه على النبي موسى الوصايا العشر.
ويقع جبل جرزيم في منتصف المسافة بين البحر الأبيض المتوسط والبحر
الميت، وإلى الشرق من هذا الجبل يقع سهل روجيب.
آثار على قمة جبل جرزيم يعتقد أنها للمعبد السامري
وجرزيم هو جبل عار من الأشجار إلا من بعض أشجار الزيتون، أما عن سبب
التسمية وأسمائه الأخرى وقدسيته وتاريخه، فإن هناك عدة آراء حول ذلك.
رأي يقول إن كلمة "جرزيم" هي كلمة عبرانية معناها "الفرائض"
أي الجبل الذي تقام عليه الفرائض الدينية.
ورأي يقول إن اسم "جرزيم" جاء نسبة إلى القبيلة العربية القديمة التي
كانت تسكن في
فلسطين، والمعروفة باسم "الجرزيين".
وكتب العالم السامري أبو الحسن الصوري، أواخر القرن الحادي عشر وأوائل
القرن الثاني عشر للميلاد في كتابه "الطباخ" أن المقصود من لفظة
"جريزيم" هو "جبل المنقطعين لعبادة الله".
ويحتوي جبل جرزيم على آثار كثيرة تعود لفترات زمنية مختلفة ومن
أهمها: المعبد السامري الذي أقامه
السامريون في فترة الإسكندر المقدوني بالفترة
اليونانية، وقد دمر المعبد السامري بشكل تام عام 125ق.م من قبل يوحنا هركانوسي
الحشموني.
وفي العصر الإغريقي أقيم في هذا المكان معبد للإله زاوس، وقد اكتشفت
آثار في رأس القمة الشمالية من الجبل في الموقع المسمى خربة الرأس، ويمكن الوصول
إليها بواسطة درج، يؤدي إلى المعبد اليوناني.
وفي العصر البيزنطي أقيمت على هذا الجبل كنيسة بيزنطية مثمنة
الأضلاع، وقد حصنت بسور في زمن ثورة السامريين في القرن السادس الميلادي وهدمت في
القرن الثامن، وبجانب هذه الكنيسة يوجد مسجد ومقام الولي الصالح عبد السلام بن
غانم حيث يوجد رفاته ورفات عائلته. وتوجد في الجبل آثار صليبية منها: القلعة التي
شيدها بلدوين الأول ملك بيت المقدس الفرنجي، ويوجد بالجبل آثار أخرى من خزانات وصهاريج وأساسات أبنية وغيرها.
السامريون يملكون حسابا فلكيا قمريا متوارثا تتخذ قاعدته وانطلاقته من
خط عرض جبل جرزيم، لأن هذا الجبل يقع، بحسب اعتقادهم، في مركز الأرض المقدسة، ونواة
جنة عدن، وضبط هذا الحساب لا يتم إلا من موقعه هذا، وبواسطته يستطيعون أن يتحكموا
برؤوس الشهور، بالكسوف والخسوف، بتحديد الأعياد، وعلم الأبراج الفلكية وغيرها.
ويقول السامريون بأن الله عز وجل خلق سيدنا آدم من تراب جبل جرزيم
المقدس. وكان هذا قبل 6445 عاما، ومن هنا جاءت قدسية الإنسان. وبحسب اعتقاد
السامريين فإن المكان الذي أنزل الله عليه آدم من الجنة يقع إلى الشرق من بلاد ما
بين النهرين، حيث بدأ من هناك التكاثر البشري.
وجرت معارك طاحنة بين السامريين وكل من الأشوريين والبابليين والفرس
واليونانيين والبيزنطيين، فقتل من السامريين أعداد كبيرة، ومنع السامريون في عهدهم
150 عاما من الصعود إلى قمة الجبل وحرموا من إقامة شعائرهم الدينية. ولما جاء عهد
القائد صلاح الدين الأيوبي الذي ساعده السامريون أثناء حملته ضد الصليبيين، فقد حصل السامريون
منه على عهد بإقامة الشعائر الدينية،
واستمر هذا العهد نافذا على امتداد عهد الدولة العثمانية والعهود التي تلتها.
وتسكن الطائفة السامرية على قمته، وتعد من الطوائف القليلة العدد
في العالم حيث يبلغ عدد أفرادها حوالي 712 نسمة موزعين على منطقتين: الأولى جبل
جرزيم في نابلس، والقسم الثاني في منطقة حولون بالقرب من تل الربيع (تل أبيب).
ويردد السامريون اسم جبل جرزيم في صلواتهم أيا كانت أوقاتها، وبنغمة
موسيقية واحدة: "جبل جرزيم كل أيام حياتنا". وهذا الجبل هو الركن الرابع
من أركان الدين السامري الخمسة: "إله واحد، نبوة موسى، الشريعة المقدسة، قدسية
جبل جرزيم، واليوم الآخر (يوم الدين)".
جبل جرزيم بالنسبة للسامريين هو أقدس بقعة دينية في العالم، وهو
المكان الذي يجب أن تقدم عليه القرابين والذبائح والمحرقات والعشور إلى رب
العالمين.
السامريون يصعدون جبل جرزيم
وقد آمنت هذه الطائفة بالنبي موسى واتخذت التوراة كتابا مقدسا،
والأسفار الخمسة الأولى من العهد القديم فقط. وتحافظ على طابعها وتراثها وعاداتها
النابعة من الدين السامري، حيث يقوم أفراد الطائفة بدراسة الدين واللغة العبرية
القديمة من خلال كهنتهم وشيوخهم الذين يقطنون على قمة الجبل، ويقطن بعضهم داخل
مدينة نابلس، ويعد جبل جرزيم بالنسبة لهذه الطائفة هو "القبلة لصلاتهم".
ويعرّف السامريون عن أنفسهم بأنهم فلسطينيون، وأنهم "السلالة
الحقيقية لشعب بني إسرائيل"، وينفون قدسية القدس في التوراة ويقولون بأنها لم
ترد في التوراة، ويرون في اليهودية انشقاقا.
ويتحدث أبناء الطائفة، التي تعتقد أنها تملك أقدم نسخة من التوراة،
ويعود تاريخها إلى 3600 عام، اللغة العربية بطلاقة، إلى جانب اللغة العبرية
اليهودية، كما أنهم يتقنون اللغة العبرية القديمة التي نزل بها التوراة، بحسب معتقداتهم.
ويصلي السامريون صباحا ومساء، ويمضون سبع ساعات في يوم السبت
بالصلاة، بعد الطهارة والوضوء الذي يشبه إلى حد ما وضوء المسلمين، حيث إنهم يغسلون اليدين
والفم والأنف والوجه والأذنين والرجلين، ويصلون ركوعا وسجودا.
السامريون يؤدون الصلاة على جبل جرزيم
ويحمل السامريون الجنسيات الفلسطينية والإسرائيلية، ومنهم من يحمل
الجنسية الأردنية، ويرجعون ذلك إلى الظروف الخاصة التي يعيشونها.
ورفض السامريون التنازل عن الجنسية الفلسطينية، مقابل الحصول على
الجنسية الإسرائيلية.
وأقيمت مستعمرة "هار براخا" الإسرائيلية على إحدى قمم
الجبل من الطرف الجنوبي الشرقي.
المصادر:
ـ قيس أبو سمرة، فلسطين.. جبل
"جرزيم" يحتضن أصغر طائفة دينية في العالم، وكالة الأناضول، رأي اليوم،
13/12/2015.
ـ الأماكن المقدسة عند السامريين ( جبل جرزيم)، مركز المعلومات
الوطني الفلسطيني، وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا).
ـ الأماكن الأثرية، موقع مدينة نابلس.
ـ جبل جرزيم، مركز النجاح للدراسات الدينية، جامعة النجاح الوطنية.