ارفعوا أيديكم عن
فلسطين، فقد سقطت آخر ورقة توت تستر عري النظام
العربي الرسمي، طبعوا ما شاء لكم
التطبيع، ونسقوا أمنيا بين أجهزتكم وأجهزتهم،
تحالفوا معهم، واعقدوا الاتفاقات، وأقيموا المشاريع المشتركة، واستوردوا منهم
"ما لذ وطاب لكم" من أجهزة التجسس على شعوبكم، واستدعوا مرتزقتهم
وخبراءهم في التعذيب والقهر، فقد آن لهذه العلاقة السرية المحرمة بينكم وبينهم
التي امتدت قرنا أن تخرج للعلن، لم تعودوا بحاجة للتخفي ووضع أقنعة الطهر والوطنية
والقومية، فقد أصبح الرقص تحت ضوء النهار، بعد طول مكوث في سراديب مظلمة، لم تعودوا
بحاجة للبس طاقية الإخفاء وأنتم تتبادلون الأنخاب في احتفالاتكم المشتركة، فقد حان
وقت المجاهرة بالخطيئة، والتباهي بها، باعتبارها "مصلحة وطنية"
و"اجتهادا" لازما للخلاص من "استعمار" فلسطين لوجدان الشعوب،
وآن لكم أن تتحللوا من "واجب الكظية" وثقلها على كواهلكم، واستبدال بساطير الصهاينة بها، فهي أكثر دفئا وحنانا من دموع الثكالى، ودماء الشهداء!
ارفعوا أيديكم عن فلسطين، فهي قضية الشرفاء، ولم يعد يلزمكم ارتداء
مسوح الطهر، بعد أن ولغتم في دماء أصحابها، وشاركتم سرا في إخضاعها، ومحاصرتها،
وتجريدها من كل ما يلزمها من الدفاع عن نفسها، وآن لكم أن تعلنوا على الملأ
"ندمكم" عن الدفاع عنها ولو كذبا وبهتانا، وآن لكم أن تفتحوا أبوابكم
الرسمية لعلوجهم، وفرش السجاد الأحمر تحت أقدامهم، بعد أن كانوا يأتونكم تحت جنح
الليل، لتتبادلوا معهم الأنخاب وتطارحوهم الغرام الحرام!
الأقصى الشريف والمسجد الإبراهيمي (حيث يرقد أبونا الذي أقام وولده إسماعيل أول بيت للناس!) فلهما الله، ومن له الله فقد كفاه، فاستعدوا للملمة بقاياكم وبقايا حليفكم حين تكنسها مكنسة التاريخ ولو بعد حين!
احشدوا ما تشاؤون من مطبليكم ومزمريكم ونافخي كيركم لتسوقوا أكاذيبكم
عن ضرورات المرحلة ومصالح الوطن، وأهمية الاعتراف بكيان معتد أثيم باعتباره
"حقيقة واقعة" فهي بالنسبة للسواد الأعظم من أبناء الأمة نبت شيطاني
سيقتلع آجلا أو عاجلا، وستذهب معه كل الأيدي التي رفعته، والأنظمة التي احتضنته،
والزعامات التي فضلته على مصلحة شعبها، إن كل الأدبيات التي تمجد التطبيع وتتحدث
بلغة ما يسمونه "الواقع" والواقعية، سيكون مصيرها مكبات النفاية، ومزابل
التاريخ، فهذا الوسخ المسمى "إسرائيل" كيان عابر، ليس كما يعتقد شرفاء
الأمة فقط، بل كما يعتقد من أزيلت الغشاوة عن "عقلائه" فهم أشد معرفة
ويقينا بأنه كيان مفتعل مصطنع مؤقت، كما كل الغزاة والمستعمرين الذين مروا على
بلادنا، وسيزول معه كل من أمده بأسباب الحياة، فهي حقبة سوداء في تاريخ الأمة بدأت
تباشير نهايتها بالظهور والوضوح كما قرص الشمس في رابعة النهار!
لستم بحاجة للتمنطق بأي لغة كاذبة لإقناع شعوبكم بأهمية اعترافكم
بهذا الكيان و"الخيرات!" التي سيجرها على شعوبكم، فتلك مفردات عارية
سوءاتها أوضح من أن يتم إخفاؤها، فقد ذاق غيركم ممن سبقكم في قافلة التطبيع
والتنسيق الأمني والعسكري طعم "السمن والعسل" الذي أكله شعوبهم والرغد
الاقتصادي الذي "تبغددت" به، ولهذا لا داعي للتغني بفضائل اتفاقات سلام
لم تجلب غير الشر المستطير والعنت والضيق والإفلاس، فهذا كيان لا يأتي بخير لأحد،
حتى ولو أضاء هذا الأحد أصابعه العشرة له، ليس لشيء إلا لأنه شر مستطير، ذو قلب أجرب
لا يشيع ولا يرتوي من دماء الغلابى وعرق الجوعى.
انعموا أيها المطبعون بخيرات التطبيع، وزودوا كيان العدوان بالمزيد
من أسباب القوة والمنعة، وذخروا بنادقه بالمزيد من الطلقات، واملأوا خزائنه
بالمعاول والفؤوس، كي يتقن قتل أبناء فلسطين، ويمعن في هدم بيوتهم ومقدساتهم، ووفروا
لسفاحيه ما يلزمهم لمواصلة ارتكاب جرائمهم، أما الأقصى الشريف والمسجد الإبراهيمي
(حيث يرقد أبونا الذي أقام وولده إسماعيل أول بيت للناس!) فلهما الله، ومن له الله
فقد كفاه، فاستعدوا للملمة بقاياكم وبقايا حليفكم حين تكنسها مكنسة التاريخ ولو
بعد حين!