رأى باحث مغربي أن
القمة الأمريكية ـ
الصينية التي جرت أمس الخميس في
سان فرانسيسكو بين الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الصيني شي جين
بينغ، أنهت عمليا تفرد الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة العالم، وجعلت القوة
العظمى الدولية مناصفة بين أمريكا والصين.
وأوضح الباحث المغربي عبد الحميد العوني في تسجيل مصور نشره على
صفحته الرسمية على منصة فايسبوك، أن السبب في تراجع الإدارة الأمريكية وتنازلها
لصالح الصين هو الحرب الدائرة في غزة، ورغبة الولايات المتحدة الأمريكية في حماية
إسرائيل.
وقال العوني: "لقد أصبح العالم بعد قمة سان فرانسيسكو بنسخة
أخرى أنهت وضعا متأرجحا وربما متذبذبا وفي كل الأحوال فإن هناك اليوم وضوح للرؤية..
الولايات المتحدة الأمريكية أنهت مشكلة تايوان بشكل كامل، وهو الأمر الذي دفع جين
بينغ إلى الحديث مباشرة وبوضوح حول هذه القضية لأن الصين لا ترغب تحت أي ظرف فيما
سماه الرئيس الصيني بالبعد الكولونيالي أو أي مواجهة أيديولوجية أو تصدير أي
أيديولوجيا".
وأضاف: "هذه في نظره هي المبادئ
الرئيسة بالنسبة لإرساء القوة الصينية التي تدعو مباشرة وبوضوح وفي هذه القمة بمشاركة
مسؤولية القوة العظمى ما بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، وهذا يعني إبعادا
كاملا لأهم خصمين حاولا أن يضعا لنفسيهما إطارا للمواجهة أقصد بريطانيا بالنسبة
لأمريكا وحاولت أن تعمل كل ثقلها من أجل استعادة إدارة الوضع على أساس الانطلاق من
الغرب، وأيضا بالنسبة للصين فقد أبعدت جزئيا أي قوة ثانية وأخذت موقع القوة
الأولى، بل إن القوة العظمى هي واحدة.. صلاحيات القوة العظمى مشتركة ما بين
الولايات المتحدة الأمريكية، وما بين الصين".
وأكد العوني أن سان فرانسيسكو قمة حسمت في
أمور كثيرة"، وقال: "بوضوح شديد أمريكا تتخلى عن أوكرانيا وتايوان من
أجل ربح إسرائيل والشرق الأوسط.. هذا هو الوضع الذي منحه أساسا الرهان على القوة
الأمريكية".
وأضاف: "القوة الأمريكية لم تستطع أن
تواكب في تزويد زيلنسكي بالسلاح وفي نفس الوقت إدارة حرب في شرق المتوسط.. هذا
معناه أن مسألة تايوان أصبحت من قبيل خبر كان.. فلا يمكن أن تربح الولايات المتحدة
ضد الصين، لقد أصبح هذا معطى فتفاوضت من أجل اقتسام صلاحيات ومسؤوليات القوة
العظمى مع الصين".
وأكد العوني أن "سان فرانسيسكو تعد هي
الأهم في تاريخ العالم الآن،، فقد انتهت إلى بناء عالم تتقاسمه بيجين وواشنطن".
والأهم، من كل ذلك، وفق الباحث المغربي، بناء
العالم الجديد على أساس ثلاثة معايير: الاحترام المتبادل، التعايش السلمي، شراكة
رابح رابح.. حيث أنه ومنذ قمة بالي أصبح أمام أمريكا ثلاث لاءات: لا تغيير للنظام
الصيني، لا دخول في حرب باردة جديدة، لا مواجهة".
وقال: "إذن أمامنا وضوح بالنسبة لهذه
المعايير.. ليكرس الرئيس الصيني بوضوح وأمام الإعلام أن سان فرانسيسكو تعتمد على
خمسة معايير: أولا الاعتراف المتبادل الصحيح، أو الاعتراف الصحيح المتبادل بين
الصين وأمريكا، ثانيا تدبير الخلافات، ثالثا العمل على تعاون ثنائي مربح، رابعا تحمل
المسؤولية المشتركة للقوة العظمى بين بيكين وواشنطن، خامسا التعاون الثقافي".
وتابع: "الأهم من كل هذا فإنه تم تأسيس
ثلاث قيم: الاحترام المتبادل والتعايش السلمي وشراكة رابح رابح.. ومهم جدا أن
الصين فرضت وبشكل لا يقبل الجدل، اللاء الأولى لا دعم لاستقلال تايوان، واللاء
الثانية لا تسليح لتايوان، والثالثة دعم التوحيد السلمي لتايوان بالصين.. وهذا
الذي وافق عليه الرئيس الأمريكي".
وأكد العوني أن صفقة القرن الحقيقية
هي ثمرة
نتائج القمة الأمريكية الصينية في سان فرانسيسكو، حيث خسرت أمريكا منذ
اللحظة التي لم يكن فيها وصول في الشرق الأوسط إلى حلول.
وقال: "هذه الضربة الموجعة التبي أبعدت
الولايات المتحدة عن أهدافها.. عدم احتلال غزة لأن الصين منعت من احتلال كييف من
طرف روسيا.. وبعد أن وصلت الجيوش إلى قلب كييف تراجعت نتيجة الضغط الصيني، والآن
أيضا الصين تضغط على أمريكا من أجل إبعاد خيار الاحتلال، أي احتلال غزة.. رغم أن
ميناء غزة هو في خارطة سانت كوم، ويجب أن تتنازل عليه أمريكا الآن وفورا.. لأن
حيفا أصبحت جزءا من قناة بن غوريون وأيضا من الشراكة الهندية الأوروبية.. هذا الذي
تم بوضوح شديد في لحظة حاسمة بعد إقرار بالمرور في الطريق الاقتصادي ما بين كل من
نيودلهي إلى أوروبا عبر دول الشرق الأوسط".
وتابع: "الطريق والحزام الهندي
الأوروبي في مقابل الحزام والطريق الآخر الصيني، وواضح جدا اليوم أن هناك إقصاء
كاملا لروسيا، وإبعاد بشكل كامل لتركيا عبر الأمريكيين، وبالنسبة للصين فهي ترى أن
أهم عنصر هما إيران وباكستان، في اللحظة التي كانت فيها القمة كانت هناك مناورات بحرية
باكستانية صينية تؤكد هذا المسار، وتؤكد من جهة أخرى أن سلطنة عمان وباكستان خطوط
حمر في هذه الاستراتيجية".
وحول الوضع المستقبلي في غزة بناء على ذلك
يقول العوني: "الأمر يتعلق بالحماية الدولية عن طريق نشر قوات دولية على
إسرائيل قبول هذا الخيار، كما رضخت مصر لهذا الخيار.. لذلك بالنسبة للقوات الدولية
هذا قرار صيني للذهاب بعيدا تجاه فرض وصاية مباشرة على مسلسل السلام القادم في
الشرق الأوسط انطلاقا من هذه القوة.. قوات دولية".
وجوابا على سؤال: لماذا تحديدا الولايات
المتحدة الأمريكية والصين لأول مرة؟ قال العوني: "قد يكون هناك ميكانيزم لنشر
قوات صينية أمريكية في الشرق الأوسط لحماية غزة، وهذا الذي سينتقل مباشرة إلى
الضفة، ومثل هذا الحصار لا يرغب فيه الأمريكي ويريد الآن غزة لأنها نقطة ملتهبة
دون جر الوضع إلى حل الوضع الإشكالي الفلسطيني عبر الدولة.. لكن الصين تصر أن هذه
الخطوة الأولى باتجاه خطوات أخرى".
وتابع: "أهم حل بالنسبة لنظام سان
فرانسيسكو العالمي يبدأ من الأقصى والضفة وغزة، وهذا هو التطور الاستثنائي.. وهو
أن نظام سان فرانسيسكو الصيني ـ الأمريكي يضع أول خطوة نشر قوات ورفض احتلال
إسرائيل لغزة، ونشر قوات دولية، وتمكين هذه القوات من الحل على الحدود الفلسطينية،
ما دامت منزوعة السلاح.. ومنزوعة السلاح أصبحت ضد إسرائيل لأنها تستدعي قوات دولية
وصينية تحديدا ترفضها الآن إسرائيل.. وهذا ما يشكل عائقا حقيقيا".
وانتهى الباحث المغربي إلى القول: "القوة
العظمى ليست دولة، القوة العظمى لديها ثقل أخلاقي وثقل قانوني وثقل الحفاظ على
نظام 1945، ولكن بقيمه وأيضا بخارطة حلول جيوسياسية.. فمشاركة الصين لأمريكا في القوة العظمى.. أي أن
القوة العظمى ليست الصين أو الولايات المتحدة الأمريكية أو غيرها من الدول العظمى..
الأمر يتعلق بالقوة العظمى النافذة للقانون ولمسؤوليات وصلاحيات.. وبالتالي القوة
العظمى لم تعد أمريكا أو الصين.. القوة العظمى مقولة مجردة لقوتين تتحاوران في كل
مشاكل العالم وترتيباته، وهذا الذي يعطي أفقا آخر لمفهوم القوة العظمى..
هي مسؤوليات وصلاحيات تشارك فيها الصين وأمريكا".
وأضاف: "غزة قلبت التوازنات ودفعت
الولايات المتحدة إلى التنازل عن كل ما تعتبره امتيازات في بحر الصيبن الجنوبي
وقبول لاءات ومعايير نقلت ووقع عليها بايدن.. فهل يعترف بايدن الآن بأنه ليس له
الحق في القوة العظمى إلا بنصف قوة عظمى؟ اليوم أمريكا أصبحت نصف قوة عظمى، لأنها
تشارك النصف الآخر مع بيكين، هذا هو التطور الخطير في قمة سان فرانسيسكو"،
وفق تعبيره.
واتفق الرئيسان الصيني شي جين بينغ، ونظيره
الأمريكي جو بايدن، على استئناف المحادثات العسكرية بين البلدين على "مستوى
رفيع"، وذلك خلال القمة التي جمعتهما أمس في ولاية كاليفورنيا الأمريكية.
ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة
"شينخوا"، أن رئيسي أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم "اتفقا على
استئناف المحادثات العسكرية رفيعة المستوى على أساس المساواة والاحترام".
وكانت التوترات بين البلدين تصاعدت بحدة
بعدما أسقطت الطائرات المقاتلة الأمريكية مطلع العام الجاري، بتوجيه من بايدن،
منطادا صينيا بالقرب من ساحل ولاية كارولينا الجنوبية بعد أن حلق فوق ألاسكا والبر
الرئيسي للبلاد.
واعتبرت واشنطن حينها المنطاد أداة صينية
للتجسس على منشآت عسكرية حساسة، فيما نفت بكين تلك الاتهامات.
إقرأ أيضا: خلال لقائه نظيره الأمريكي.. الرئيس الصيني يؤكد عدم سعي بلاده لتجاوز واشنطن