وافق مجلس
النواب الأمريكي أمس الجمعة على مشروع قانون تفويض الدفاع الوطني وميزانية الدفاع
للعام المالي 2024 البالغة 886 مليار دولار، وتتضمن 156 مليونا لصندوق
سوريا الذي
تستفيد منه قوات سوريا الديمقراطية "
قسد" التي تشكل وحدات الحماية
الكردية عمودها الفقري، لقتال تنظيم الدولة.
ومقارنة
مع العام 2023، خفض المشروع 9 ملايين دولار أمريكي من الدعم المخصص لسوريا، وهو ما
أثار تساؤلات عن دلالة الخطوة الأمريكية.
وقالت مصادر
أمريكية في حديثها مع "عربي21" بشأن تخفيض الأموال المخصصة لسوريا في
ميزانية الدفاع الأمريكية للعام 2024، إن التخفيض لا يعكس تغييراً على سياسة
واشنطن تجاه سوريا.
نسبة
بسيطة
ووصف
المستشار السابق في وزارة
الخارجية الأمريكية حازم الغبرا نسبة التخفيض
بـ"الضئيلة"، وقال لـ"عربي21" إن نسبة التخفيض هي 5 في المئة
فقط، ما يلغي أي بعد سياسي للخطوة، وخاصة أن المبلغ المرصود ضخم (156 مليون
دولار).
ويقول
الغبرا إن ميزانية الدفاع الأمريكية تعتمد على نقاط عديدة أولها الحاجات على
الأرض، أي مدى حاجة القوات الأمريكية والقوات الحليفة لها (قسد) على الأرض،
وبطبيعة الحال هذا يتغير من عام لآخر، فعلى سبيل المثال لا يتم تزويد القوات
الحليفة لواشنطن بمدرعات بشكل سنوي.
ويضيف
أن
الولايات المتحدة لا تستطيع تلبية كل الاحتياجات على الأرض، بل تركز على
الأساسيات، وهذا يقرره بطبيعة الحال الخبراء والمكتب المالي المسؤول عن الميزانية.
ولفت
إلى زيادة الوجود الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط وسوريا على وجه الخصوص للتعامل
مع الميليشيات الإيرانية، وقال إن "تموضع الجيش الأمريكي بشكل أكبر في المنطقة
يقلل حكماً من الدعم المالي المرصود لحماية المنطقة، على اعتبار أن تكاليف التموضع
الأمريكي تزداد".
مشاكل
تواجه الخزينة الأمريكية
من
جانب آخر، أكد الغبرا أن الولايات المتحدة تعاني من مشاكل التمويل، وقال:
"الولايات المتحدة منخرطة في أكثر من حرب، من أوكرانيا التي تستنفد الكثير من
الأموال الأمريكية، إلى التموضع الأمريكي في الخليج العربي "المكلف"،
وصولاً إلى الحرب في غزة، التي تكلف الخزينة الأمريكية أيضاً".
وتابع:
"لذلك جاء التخفيض على الأموال المخصصة لسوريا، بحيث يمكن القول إن هناك
أولويات لدى واشنطن".
وبحسب
الغبرا، فإن كل ما سبق يؤشر إلى عدم وجود تغير في الموقف الأمريكي في سوريا تجاه
"قسد" التي عملت مع واشنطن لسنوات.
ويتفق
مع الغبرا، السياسي السوري المقيم في الولايات المتحدة أيمن عبد النور، في اعتبار
أن نسبة التخفيض صغيرة مقارنة بالرقم المالي الضخم (156 مليون دولار).
ويقول
لـ"عربي21" إن التخفيض شمل غالبية بنود ميزانية الدفاع، مشيراً إلى وجود
مشاكل بين الكونغرس والبيت الأبيض بخصوص الميزانية، ويضيف: "بالتالي سبب
التخفيض يعود لأسباب مالية، وليس سياسية".
أزمة
متفاقمة بعد حرب غزة
ويقول
الباحث المختص بالشأن الأمريكي، عبد الرحمن السراج إن التخفيض يتعلق أساساً بأزمة
تواجهها الولايات المتحدة فيما يتعلق بتكلفة المساعدات الخارجية وخاصة المساعدات
في مناطق الصراع، ومنها أيضا أوكرانيا وإسرائيل.
ويضيف
لـ"عربي21" أن الأزمة تفاقمت بعد بدء الحرب على غزة، ولم تحصل الإدارة
الأمريكية من الكونغرس على موافقات على التمويل، واستثنت فقط المساعدات
لـ"إسرائيل" التي قدمتها بقرار تنفيذي دون اللجوء للكونغرس.
ويتابع
السراج بأن التخفيض يتماشى مع توجه الولايات المتحدة لخفض الإنفاق الخارجي من هذا
النوع، مؤكداً أن "الساحة السورية تعد أقل الأولويات في المنطقة إذا ما قورنت
بالعراق والأراضي الفلسطينية المحتلة".