أثارت
صفقة استحواذ إماراتية على مجموعة من
الفنادق التاريخية المصرية بشكل غير مباشر، من خلال طرف ثالث، علامات استفهام حول
طريقة عقد الصفقة التي لم يفصح عن قيمتها، بعد أقل من شهر من انتقال مجموعة
الفنادق إلى إحدى شركات رجل أعمال شهير.
واستحوذت مجموعتا "ADQ" القابضة
و"أدنيك" الإماراتيتان على 40.5% من شركة "آيكون" ذراع قطاع
الضيافة التابعة لـ"مجموعة طلعت مصطفى القابضة"، من خلال زيادة رأس
المال، والمالكة لمجموعة فنادق مصر التاريخية.
وفي كانون الأول/ ديسمبر الماضي استحوذت
"آيكون"
(ICON)، الذراع
الفندقية لمجموعة طلعت مصطفى القابضة، على حصة 39% ثم زادت إلى 51% من شركة
"ليغاسي" للفنادق (حكومية) التي تمتلك سبعة فنادق تاريخية في مصر.
شركة "ليغاسي"، هي شركة حكومية تأسست
من خلال شراكة بين وزارة قطاع الأعمال وصندوق مصر السيادي"، ويتيح العقد
الجديد لـ "آيكون" كامل حقوق إدارة الفنادق، في صفقة بلغت قيمتها 800
مليون دولار وصفتها الحكومة حينها "بالتاريخية".
والفنادق هي"سوفيتيل أولد كتراكت أسوان"،
و"موفنبيك أسوان"، و"سوفيتيل وينتر بالاس الأقصر"،
و"شتيغنبرغر التحرير"، و"شتيغنبرغر سيسيل الإسكندرية"،
و"ماريوت مينا هاوس"، و"ماريوت القاهرة"، وكازينو "عمر
الخيام".
وكان بيان لشركة "آيكون" قد أشار
آنذاك إلى زيادة رأس مال الشركة بقيمة 882.5 مليون دولار أمريكي من قِبل مستثمر
استراتيجي دولي (دون أن يسميه أو يحدد هويته) للحصول على حصة أقلية في
"آيكون" بعد إعادة الهيكلة.
تمرير الصفقة للإمارات بـ"محلل"
في وقت لاحق، تفاجأ السوق بأن الشريك
الاستراتيجي المساهم في "آيكون" هما مجموعتا "ADQ" القابضة
و"أدنيك" الإماراتيتان، ما أثار تساؤلات حول عدم تقدم
الإمارات لشراء
الحصة الحاكمة في شركة فنادق مصر التاريخية بشكل مباشر، ولماذا لعب رجل الأعمال
الشهير طلعت مصطفى دور الوسيط، أم إنه لعب دور المحلل في الصفقة لتمرير ملكية
الفنادق التاريخية للإمارات.
مجموعة "طلعت مصطفى" هي أكبر شركة
تطوير عقاري خاصة في مصر، ولها مشاريع عقارية ضخمة مثل مدينة "مدينتي" و"الرحاب" و مشروع "نور" شرقي القاهرة، و"سيليا" في
العاصمة الإدارية الجديدة، بالإضافة إلى محفظة من الأراضي بمساحة 74 مليون متر
مربع.
وتضاف الفنادق السبعة الجديدة إلى مجموعة أربعة فنادق
تملكها "آيكون" وهي "فورسيزونز القاهرة نايل بلازا"،
و"كمبينسكي النيل القاهرة"، ومنتجع "فورسيزونز شرم الشيخ"،
وفندق "فورسيزونز الإسكندرية بسان ستيفانو" بالإضافة إلى تطوير ثلاثة فنادق
وعقارات سكنية فاخرة في "مدينتي" و"الأقصر"، و"مرسى
علم" على البحر الأحمر، ومنطقة "الأهرامات" بالجيزة.
بدوره، اعتبر الخبير الاقتصادي إلهامي الميرغني،
أن "عدم الكشف عن الشريك الأجنبي لشركة آيكون في صفقة الاستحواذ على حصة
حاكمة في شركة ليغاسي المالكة لسبعة فنادق مصرية تاريخية نهاية العام الماضي
والإعلان عنه الآن بعد أن استحوذ على حصة 40% من آيكون نفسها، يثير الشكوك حول
طبيعة تلك الصفقة ودور الشركة في تمرير ملكية تلك الفنادق للجانب الإماراتي".
وانتقد الميرغني في حديثه لـ"
عربي21":
"حالة الغموض وعدم الشفافية في الإفصاح عن البيانات المتعلقة بأصول مصرية
مهمة، وعدم الإفصاح عن قيمة الصفقة الجديدة بين الشريك الإماراتي وشركة طلعت مصطفى،
والسؤال هنا هو: لماذا لم تتقدم الإمارات مباشرة لشراء حصة في شركة الفنادق التاريخية
دون الحاجة إلى وسيط مصري؟ ما يفتح الباب أمام جميع التكهنات، ولا تخرج الصفقة عن
نطاق
الشراء لحساب الآخر ووجود مصالح مشتركة بين الطرفين".
وأكد أن "صفقات الإمارات في شراء الأصول
المصرية تثير أيضا علامات استفهام، حيث تعتبر أكبر مشتر لها إلى جانب السعودية، وكل الشركات التي استحوذت عليها هي شركات استراتيجية في العديد من القطاعات سواء
النقل أو الصناعة أو الخدمات أو البنوك وغيرها، مشيرا إلى أن "استمرار بيع
الأصول يؤكد عدم وجود رؤية اقتصادية لتوفير مصادر دخل دولارية".
الخصخصة ومغارة "علي بابا"
من جانبه، يقول الباحث الاقتصادي حافظ الصاوي إن
"الخصخصة تفتح الباب أمام سماسرة أجهزة الدولة المختلفة ورجال الأعمال سواء
للعب دور الوسيط أو المحلل، مثل محمد نصير رجل المخابرات وتاجر السلاح، عندما
اشترى شركة فودافون مصر ثم قام ببيعها لشركة فودافون الأم، وكذلك فعل مع شركة كوكا
كولا، ولا نعلم كيف تتم مثل تلك الصفقات، هل هي في إطار تفاهمات بين الدولة
والوسيط والمشتري، أو شكل من أشكال الفساد وتقاسم الأرباح، وهل هناك عمولات، وما
مصير هذه الأموال وهل تبقى في مصر أم تخرج للخارج كلها أسئلة بدون إجابات".
ورأى في حديثه لـ"عربي21" أن
"ما حدث في صفقة الفنادق التابعة لقطاع الأعمال العام عبر هشام طلعت مصطفى
ليس بجديد"، مشيرا إلى "أن شركة لافارج للأسمنت الفرنسية من قبل
اشتراها أحد أفراد أسرة ساويرس من قطاع الأعمال العام ثم أعاد بيعها لشركة لافارج
وربح من خلالها مبلغا ضخما يقدر بمليارات الجنيهات".
في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة المصرية لبيع
أكبر قدر من الشركات والأصول، يعتقد الصاوي أن "مثل هذه الأمور تضر بلا شك
بالاقتصاد المصري والمجتمع المصري؛ لأنه تفريط في ثروات ومقدرات الشعوب والأجيال
المقبلة التي تنتظر منا رصيدا معتبرا من الاستثمار والشركات لا رصيدا كبيرا من
أقساط الديون وفوائدها".
وتقول الحكومة المصرية إنها ملتزمة بتنفيذ
سياســة ملكيــة الدولــة ومواصلة تنفيذ برنامج الطروحات العامة، والــذي تضمن
مــن تخــارج الدولــة من 35 شــركة وأصــلا مملــوكاً لهــا، بدايــة مــن الـربـع
الأول لعام 2023 وحتـى الربـع الأول مــن عــام 2024.
وبحسب بيان الحكومة الأخيرة، فإنه تــم التخارج
الكامل أو الجزئــي للدولــة مــن 13 شــركة ساهمت فيهــا الدولــة بقيمـة نحــو 5
مليارات دولار، خـلال الفتـرة (آذار/ مــارس 2022 – تموز/ يوليو 2023).
وتخطط الدولــة خـلال الفتـرة المقبلة لاستمرار
تنفيــذ برنامــج الاكتتابات الحكوميــة وتخارج الدولـة، مـن حصص تتــراوح بيــن
25% إلــى 60% مــن ملكية عــدد مــن الأصــول المملوكة لهــا خلال الفتـرة (تشرين
الأول/ أكتوبر 2023 – حزيران/ يونيو 2024) بقيمة 5 مليارات دولار أمريكي.