أعلن
رئيس وزراء
الاحتلال بنيامين
نتنياهو آراء متشددة في الرد الذي قدمته حركة
حماس
على الورقة الأمريكية القطرية المصرية حول تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة،
مستبقا بذلك اجتماع مجلس الحرب.
وينظر
محللون إسرائيليون إلى المؤتمر الصحفي الذي عقده نتنياهو، الأربعاء، على أنه
محاولة لفرض موقفه على أعضاء المجلس الوزاري الحربي، وفق الأناضول.
ومع
ذلك يرون أن نتنياهو لم يغلق الباب تماما أمام فرصة مواصلة المفاوضات مع
"حماس" عبر الوسطاء، ما قد يفتح الباب أمام اتفاق.
مناورة
ضد غانتس وآيزنكوت
المحلل
الإسرائيلي يوني بن مناحيم، قال إن "ما قام به نتنياهو في المؤتمر الصحفي هو
مناورة هدفت لفرض مواقفه على المجلس الوزاري الحربي الإسرائيلي". وفق تقرير للأناضول.
وأضاف:
"نتنياهو لم ينتظر اجتماع المجلس الوزاري الحربي، بل خرج إلى العلن ليقول إن
مواقف حماس مرفوضة لفرض هذا الموقف على عضوي المجلس الوزاري الحربي بيني غانتس
وغادي آيزنكوت".
وكان
غانتس وآيزنكوت، وكلاهما من حزب "الوحدة الوطنية" الذي انضم إلى الحكومة
بعد الحرب، أيدا صفقة تؤدي إلى إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين من غزة.
ويقول
مراقبون إسرائيليون إنه في حال عدم التوصل إلى صفقة لإطلاق الأسرى الإسرائيليين
فإن حزب "الوحدة الوطنية" سيغادر الحكومة التي لن تتأثر لوجود 64 نائبا
لها بالكنيست المؤلف من 120 مقعدا، لكنها قد تشعل الشارع أكثر ضد أحزاب اليمين
المتطرف المشكلة للحكومة.
وقال
بن مناحيم: "الموقف الرسمي للاحتلال الإسرائيلي من ورقة حماس سيصدر عن المجلس
الوزاري الحربي، وسيتوجه رئيس الموساد ديفيد بارنياع إلى قطر من أجل تسليمه".
ورأى
أن "إسرائيل قد لا ترفض ورقة حماس بشكل قاطع، وإنما تطلب من الوسطاء ممارسة
الضغط عليها لتغيير مواقفها وتقديم مواقف مختلفة".
وذكر
في هذا السياق أن نقطتين أساسيتين في ورقة "حماس" سيكون من الصعب على
نتنياهو وشركائه في الحكومة القبول بهما، وهما وقف الحرب، وإطلاق سراح عدد كبير من
الأسرى الفلسطينيين المحكوم عليهم بالسجن المؤبد.
وأوضح
المحلل: "من الصعب جدا، إن لم يكن من المستحيل على نتنياهو القبول بوقف الحرب
دون تحقيق الأهداف المحددة لها".
وأضاف:
"كما أن الورقة تطالب بإطلاق سراح 500 من الأسرى محكوم عليهم بالسجن المؤبد،
وهذا صعب جدا".
وكان
نتنياهو قال في مؤتمر صحفي، الأربعاء: "أنا أجاهر بما أؤمن به: مواصلة الضغط
العسكري شرط ضروري لإطلاق سراح المختطفين".
واعتبر
نتنياهو أن "الاستسلام للمطالب الحمساوية المتوهمة لن يؤدي إلى إطلاق سراح
المختطفين بل سيستدعي مجزرة أخرى وكارثة فادحة لدولة إسرائيل، لن يكون أي واحد من
مواطنينا على استعداد للقبول بها".
لكن
وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن رجح في مؤتمر صحفي عقده في تل أبيب، مساء
الأربعاء، بعد سلسلة اجتماعات مع كبار المسؤولين الإسرائيليين استمرار المفاوضات.
وقال:
"لقد أتيحت لنا الفرصة لنناقش مع الحكومة الإسرائيلية الرد الذي أرسلته حماس
الليلة الماضية على الاقتراح الذي وضعته الولايات المتحدة وقطر ومصر لإعادة الأسرى
المتبقين إلى الوطن، وتمديد
الهدنة الإنسانية".
وأضاف:
"ما يمكنني قوله لكم عن هذه المناقشات هو أنه في حين أن هناك بعض الأفكار
التي تفتقد بشكل واضح الفاعلية والقابلية للنجاح في رد حماس، فإننا نعتقد أنه يخلق
مساحة للتوصل إلى اتفاق. وسنعمل على ذلك دون كلل حتى بلوغ ذلك".
ولفت
بلينكن إلى أنه "من الواضح أن هناك أمورا في رد حماس لا تصلح على الإطلاق
كنقطة انطلاق".
واستدرك:
"ولكن في الوقت نفسه نرى، في ردها، مساحة لمواصلة السعي للتوصل إلى
اتفاق. وهذه الأمور هي دائما مفاوضات".
وفهمت
تصريحات بلينكن في مؤتمره الصحفي على أنها دعوة إلى عدم إغلاق الباب نهائيا أمام
استمرار المفاوضات، وفق الأناضول.
الباب
ما زال مفتوحا
من
جانبه، يرى جوناثان ليز، المحلل بصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، الخميس،
أنه "رغم كلامه الحازم، لم يغلق نتنياهو الباب أمام مواصلة المفاوضات مع
حماس".
وقال
في مقال: "رغم الانتقادات الشديدة، لم يغلق نتنياهو الباب: فهو لم يعلن وقف
المحادثات أو تخلي إسرائيل عنها، ولم يعلن صراحة أنه سيعارض إطلاق سراح القتلة
الفلسطينيين، بل قال إن إسرائيل لم تلتزم بذلك".
وأضاف:
"من المتوقع أن يناقش أعضاء مجلس الوزراء الحربي هذا الأمر اليوم فقط، وقد
فضل رئيس الوزراء عقد مؤتمر صحفي للجمهور العام حول الموقف الإسرائيلي فقط بعد
التشاور مع مقربيه المباشرين ومع رؤساء المؤسسة الأمنية فقط".
وتابع:
"كما أجرى وزير الدفاع يوآف غالانت في الوقت نفسه سلسلة من المشاورات تهدف
إلى دراسة مطالب حماس وبلورة موقف إسرائيل ضدها".
ولفت
ليز إلى أن "مصادر سياسية قدرت الليلة الماضية أن كلام رئيس الوزراء ضد مخطط
حماس قد يؤهل فعليا لاستمرار المفاوضات في الأيام والأسابيع المقبلة".
واعتبر
ليز أن مواقف نتنياهو المتشددة وتصريحاته حول الدخول المتوقع للجيش الإسرائيلي إلى
رفح ومخيمين آخرين للاجئين، "قد تؤدي الآن إلى تعميق الضغط على حماس، على أمل
تخفيف مواقفها".
ولكن
في حين أن نتنياهو قد يرضي بعض الأطراف في اليمين واليمين المتطرف في إسرائيل فإنه
يجازف باحتجاجات واسعة من قبل أهالي الأسرى الإسرائيليين في غزة.
وصعدت
العائلات في الأسابيع الأخيرة من فعالياتها للضغط على الحكومة من أجل القبول بصفقة
لإطلاق الأسرى الإسرائيليين حتى لو كان الثمن إطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين
ووقف إطلاق النار في غزة.
غير
أن العديد من المحللين وقادة المعارضة الإسرائيليين كانوا قد أشاروا في الأشهر
الماضية إلى أن نتنياهو يهتم بمنصبه السياسي أكثر من أمن إسرائيل أو مصير الأسرى
في غزة، وهو ما سيجعل موقفه مفتوحا أيضا على خيارات أخرى.
ومنذ
7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 تشن إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة، خلّفت عشرات
الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة
ودمار هائل بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل
الدولية لمحاكمتها بتهمة الإبادة الجماعية.