قالت منظمة هيومن
رايتس ووتش، إن السلطات
المصرية، وسعت من صلاحيات
الجيش، على الحياة المدنية، بعد
تشريع أصدرته أوائل الشهر الماضي.
ومنح القانون الجديد،
سلطة للجيش بصورة واسعة، لممارسة وظائف بدلا من الشرطة والقضاء المدني، والسلطات
الأخرى كليا أو جزئيا، ووسع نطاق اختصاص المحاكم العسكرية لمحاكمة المدنيين.
وقال عمرو مجدي، وهو باحث
أول في شؤون مصر بالمنطمة، إن "ترسيخ سيطرة الجيش على الحياة المدنية هو
استراتيجية لاحتواء السخط المتزايد على إخفاقات الحكومة المصرية الذريعة في دعم
الحقوق الاقتصادية والسياسية الأساسية وضمانها. لن تُحَل الأزمة المالية في مصر
بمحاكمة المزيد من المصريين في محاكمات عسكرية واضحة الجور وحبسهم".
ويكلف القانون رقم 3
القوات المسلحة بـ"معاونة الشرطة والتنسيق الكامل معها في تأمين وحماية
المنشآت والمرافق العامة والحيوية بما في ذلك محطات وشبكات أبراج الكهرباء وخطوط
الغاز وحقول البترول وخطوط السكك الحديدية وشبكات الطرق والكباري" و"ما
يدخل في حكمها".
ويمنح القانون
العسكريين المشاركين في هذه العمليات الصلاحيات القضائية التي تتمتع بها الشرطة في
الاعتقال والضبط. ينص القانون أيضا على أن جميع الجرائم المرتكبة ضد المرافق
العامة والمباني العامة "الحيوية" أو في ما يتعلق بها يجب ملاحقتها أمام
المحاكم العسكرية.
وبحسب المنظمة، فإن هذا القانون يحتوي على أحكام أوسع وأكثر تعسفا من سابقه، الذي أصدره عبد الفتاح السيسي
بمرسوم في 2014، واستخدمت حكومته قانون 2014 لمحاكمة آلاف المدنيين، وبينهم عشرات
الأطفال، في المحاكم العسكرية، غالبا في محاكمات جماعية تنتهي بأحكام السجن
القاسية أو الإعدام. "في مثال يعكس الطبيعة الفوضوية والمنتهكة"
للمحاكمات الجماعية التي لا يتم فيها التحقق من الوثائق الأساسية.
وفي كثير من الأحيان
لا تثبت المسؤولية الجنائية الفردية، وأدت إحدى القضايا البارزة عام 2016 إلى
الحكم بالسجن المؤبد على مدعى عليه عمره ثلاث سنوات، وبعدما أثار سخطا عارما، قال
متحدث باسم الجيش لاحقا إن الحكم صدر عن طريق الخطأ.
وتهدف الصلاحيات
الجديدة إلى "حفظ المقومات الأساسية للدولة ومكتسبات الشعب وحقوقه أو مقتضيات
الأمن القومي، والتي يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية أو من يفوضه بعد أخذ رأي
مجلس الدفاع الوطني".
وقالت "رايتس ووتش" إن
هذه الصياغة الفضفاضة غير المسبوقة تفسح المجال أمام المزيد من التدخل العسكري في
الحكم المدني والحياة اليومية، ما يمنح الرئيس ولواءاته الحرية في تحديد التهديدات
للأمن القومي.
ويمنح القانون
الجديد وزير الدفاع صلاحية تحديد أعداد العسكريين ومواقعهم ومهامهم وتوزيعهم بحسب
مقتضيات "طبيعة عملهم داخل هذه المنشآت والمرافق العامة والحيوية". ويمكن
استخدام هذا النص لنشر عسكريين بشكل دائم في المرافق الحكومية المدنية، ما قد يقوض
استقلالها أو يؤدي إلى
قمع تعسفي من قبل القوات العسكرية ضد التجمعات السلمية قرب
هذه المرافق.
"السلع
والمنتجات التموينية" التي يقول القانون إنها من المفترض أن يحميها الجيش
تشمل منتجات غذائية وغير غذائية وأشكال من الوقود التي تدعمها الحكومة للمواطنين
ذوي الدخل المنخفض.
وتشمل تلك المنتجات
عادة مواد مثل الخبز، والأرز، والعدس، والسكر، والدقيق، والفول، وزيت الطهي؛
والضروريات المنزلية، مثل الصابون ومنظفات الغسيل؛ والوقود، مثل أسطوانات غاز
البوتان المستخدمة في المنزل. وتشرف وزارة التموين والتجارة الداخلية على توريد
وشراء هذه المنتجات وأسعارها المدعومة، في حين أن التحقيق واحتجاز المسؤولين عن
مخالفات السوق يقع عادة تحت سلطة "مديرية التموين والتجارة" التابعة
لشرطة وزارة الداخلية.
وقال أعضاء في مجلس
النواب ومسؤولون حكوميون وتقارير وسائل إعلام موالية للحكومة إن صياغة القانون
الجديدة المتعلقة بالتموين والسلع تهدف إلى منح الجيش صلاحية التدخل للسيطرة على
الأسواق بوجه "التلاعب"، ما يشير إلى أنه يمكن استخدام القانون لاستهداف
المتورطين في ما تعتبره السلطات جرائم اقتصادية، مثل الاحتكار، أو المتاجرة
بالعملة الأجنبية في "السوق السوداء".
وتشمل تعديلات قانون
القضاء العسكري إضافة الجرائم المرتكبة ضد "المرافق العامة والحيوية
والممتلكات العامة، وما في حكمها، التي تتمتع بحماية القوات المسلحة" إلى
اختصاصات المحاكم العسكرية، وأدخلت تعديلات أخرى محاكم استئناف عسكرية جديدة
للجنايات، في مجاراة للتغيير الذي أُجري في كانون ثاني/ يناير على هيكلية المحاكم
المدنية.