استطاع فاتح أربكان، زعيم حزب "الرفاه من جديد" التركي، ونجل رئيس الوزراء الأسبق نجم الدين أربكان، وضع حزبه في مقدمة الأحزاب المنافسة في الانتخابات المحلية المزمعة الأحد المقبل، وذلك عقب انشقاقه عن "تحالف الجمهور" بقيادة الرئيس رجب طيب
أردوغان، وطرح مرشحيه الخاصين.
ومن المتوقع أن يتمكن مرشحو أربكان في الانتخابات المحلية، لاسيما بمدينة إسطنبول ذات الأهمية الاستراتيجية على خارطة السياسة التركية، من جذب جزء من الناخبين المحافظين المنزعجين من سياسات حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، بعد طرح نفسه كبديل لهم عن باقي الأحزاب السياسية، وفي مقدمتها "الشعب الجمهوري" اليساري المعارض.
ويظهر مرشح أربكان لرئاسة بلدية إسطنبول، محمد ألتن أوز، بقوة أمام الشارع التركي عبر حملة انتخابية واسعة، ما قد يمكنه من حصد نسبة أصوات جيدة مقارنة بباقي الأحزاب المشاركة، الأمر الذي سيضر في المقام الأول بمرشح "العدالة والتنمية" مراد كورم، الذي يخوض بالفعل سباقا محتدما ضد منافسه، أكرم إمام أوغلو، رئيس البلدية الحالي المنتمي لـ"الشعب الجمهوري"، الذي استطاع انتزاع المدينة التركية من كنف أردوغان عام 2019، لأول مرة منذ ما يقرب من عشرين عاما.
ومن المتوقع أن تسفر الانتخابات المقررة في 31 آذار/ مارس، الجاري عن فوز أحد المرشحين (أكرم إمام أوغلو و مراد كوروم) بفارق ضئيل جدا عن الآخر، وفقا لاستطلاعات الرأي التي تقوم عليها مراكز بحثية متخصصة، وذلك ما قد يجعل خسارة "العدالة والتنمية" لأي من ناخبيه أمرا قد يهدد وصوله إلى رئاسة البلدية مجددا.
ويعلم أربكان الذي أعلن قبل أيام عن تجاوز عدد أعضاء حزبه خلال الأشهر الأخيرة حاجز الـ500 ألف عضو، ليصبح بذلك ثالث أكبر حزب سياسي في البلاد بعد حزبي "العدالة والتنمية" و"الشعب الجمهوري"، أنه من غير الممكن الفوز برئاسة بلدية إسطنبول، وأن السباق المحتدم يتمحور حول مراد كوروم وأكرم إمام أوغلو.
إلى ذلك، يرى الكاتب التركي أوزاي شيندير، أن السبب وراء خوض أربكان الانتخابات المحلية المقبلة وحده، يعود لرغبته في ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية عام 2028، مستغلا عدم قدرة أردوغان على المشاركة حينها بموجب الدستور الذي يمنع ترشحه لولاية رئاسية ثالثة.
وأضاف الكاتب في مقال نشر بصحيفة "
ملييت" المحلية، أنه حتى لو كان هذا هو الهدف النهائي لفتح أربكان، فليس من الواضح كيف ينوي تحقيق هذا الهدف، مشيرا إلى أنه في حال انتُخب أكرم إمام أوغلو مجددا لرئاسة بلدية إسطنبول، عبر تقسيم أصوات الناخبين المحافظين (الذي يمنحون أصواتهم لحزب أردوغان عادة) على حزب إعادة الرفاه، فسيكون إمام أوغلو أحد منافسي نجل السياسي التركي الراحل عام 2028.
وفي حين برر الكاتب دخول أربكان في السباق الانتخابي رغم معرفته بخسارته المسبقة، قائلا؛ إن الأحزاب السياسية يتم تأسيسها للمشاركة في الانتخابات، أوضح شيندير أنه في حال تسبب أربكان بفوز أكرم إمام أوغلو، فإنه سيؤمن بذلك ترشح الأخير أيضا في الانتخابات الرئاسية عام 2028، ليكون منافسه حينها.
وأضاف الكاتب أن "فاتح أربكان فعل بالفعل ما لم يكن متوقعا، واختار أن يتبنى نهجا سياسيا أعطى الحياة لأحد أكبر منافسيه"، في إشارة إلى ارتفاع إمكانية فوز أكرم إمام أوغلو برئاسة البلدية مجددا، بسبب الانقسام المحتمل في أصوات ناخبي "العدالة والتنمية".
واختتم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أنه يشعر بالفضول تجاه الطريقة التي ستتصرف بها قاعدة حزب "الرفاه الجديد" -التي تحب جارها في الحي من "العدالة والتنمية"، لكنها لا تحب جارها في الحي المقابل من حزب "الشعب الجمهوري"- أمام صناديق الاقتراع الأحد المقبل.
وأوضح أنه في حال تمكن مرشح الشعب الجمهوري من الفوز بسبب تأثير "الرفاه الجديد" على الانتخابات، فإن القاعدة الشعبية لأربكان لن تكون راضية، على حد قوله.
الجدير بالذكر، أن الانتخابات المحلية تتحول إلى انتخابات تتمحور حول مدينة إسطنبول بطريقة مثيرة للاهتمام، دون غيرها من المدن الأخرى؛ لموقعها الاستراتيجي على خارطة السياسة التركية، الأمر الذي دفع أردوغان إلى المشاركة بنفسه في السباق الانتخابي، دعما لمرشحه مراد كوروم.
ومن المقرر أن يتوافد الأتراك طوال الأحد المقبل، على مراكز الاقتراع، عقب فتح الصناديق في تمام الساعة الثامنة صباحا، بالتوقيت المحلي في 81 ولاية وقضاء في عموم البلاد، من أجل انتخاب رؤساء البلديات الكبرى والفرعية وأعضاء المجالس المحلية والمخاتير.