نصح رئيس وزراء
الاحتلال السابق
إيهود أولمرت
حكومة الاحتلال بضبط النفس وعدم الرد على الهجوم
الإيراني، وفي ذات الوقت المضي
قدما بصفقة تبادل أسرى مع المقاومة في غزة وعدم الهجوم على رفح.
وقال أولمرت في مقال في صحيفة "هآرتس"
إن الولايات المتحدة ساهمت بشكل فعال في إحباط الهجوم الإيراني.
وفيما يلي نص المقال:
هجوم إيران
على إسرائيل استهدف أن ينقش في وعي جميع المشاركين في هذه الدراما في الشرق الأوسط
بأن إيران هي العامل الرئيسي. إيران، وليس فقط وكلاؤها في الشمال والجنوب وفي سوريا
والعراق، هي أولا وقبل كل شيء القوة الرئيسية التي تملي الخطوات، والتي تقرر جدول الأعمال
وتناور بين القوات التي تعمل في المنطقة.
الـ 300 طائرة مسيرة التي أطلقتها على دولة إسرائيل
وعشرات الصواريخ المجنحة والصواريخ البالستية هي الدليل على قوتها الكبيرة، والدليل
على تنوع الوسائل القتالية لإيران وقدرتها على أن تصبح خصما، ليس فقط لإسرائيل بل أيضا
للدول العظمى التي زعماؤها يتصلون مع آية الله في إيران من أجل ردعه وتحذيره من نيته
عن حربه العلنية.
هذا الهجوم انتهى بهزيمة ساحقة. الليلة بين نهاية
السبت ويوم الأحد أنزلت بإيران وحلفائها هزيمة مدوية. هذه كانت ليلة النصر الأكبر لسلاح
الجو الإسرائيلي وقادته وطياريه، وبالطبع لرئيس الأركان ومساعديه. في هذه الليلة مرة
أخرى حاز الجيش الإسرائيلي، أكثر مما في كل أشهر القتال الطويلة، الجرأة والشجاعة للجنود
النظاميين وجنود الاحتياط، على ثقة الدولة ومواطنيها. فقد تبين لكل العالم بأنه حتى
300 مسيرة وعشرات الصواريخ المجنحة والصواريخ البالستية لا يمكن أن تضعضع أمن إسرائيل
وتفوقها العسكري والعلمي وإنجازاتها التكنولوجية. هذا كان استعراضا للشجاعة والكفاءة
العبقرية والدقة والقدرة على السيطرة والتنسيق والقيادة العسكرية المنضبطة والهادئة
والمهنية.
تلك الليلة كانت أيضا ليلة النصر الأكبر للرئيس الأمريكي
جو بايدن. فبالهدوء وضبط النفس والالتزام الكامل بأمن إسرائيل والقدرة على تجنيد لهذا
الجهد العسكري أيضا بريطانيا وفرنسا وجهات أخرى ما زالت هويتها سرية، هو خلق الفرق
المهم في نتائج هذه المواجهة. إنجاز أمريكا ليس فقط في الوقوف العلني والمثير للانطباع
للرئيس، بل بالإسهام المباشر في هذا الإنجاز العسكري.
يمكن الافتراض أن أساس عملية الاعتراض هو سلاح الجو
الإسرائيلي. أيضا يمكن الافتراض بأنه لولا الأمريكيين والبريطانيين، لا سيما في المناطق
البعيدة، لكانت إسرائيل ستنجح فقط في إحباط 75 في المئة من هذا التهديد. الفجوة في
نسبة النجاح والإحباط هي الفجوة بين ضربة محتملة مؤلمة جدا (تدمير عدد من قواعد سلاح
الجو وعشرات القتلى والشعور بأننا مكشوفون وبدون حماية) وبين نتيجة هجوم إيران الفعلي.
بالتالي، إسهام الولايات المتحدة ليس فقط الصورة الدولية لتحالف سياسي وعسكري، بل هو
إسهام حقيقي لجنود أمريكيين الذين بدونهم ما كنا سنحصل على صورة النصر الحاسم. الاستنتاج
المطلوب متعدد الوجوه.
أولا، من المهم جدا عدم انجرار إسرائيل إلى حرب تصريحات
متبجحة من النوع المعروف في محيطنا. سلاح الجو أعاد للدولة والجيش المكانة التكنولوجية
التي تراجعت. مقاتلو سلاح الجو أعادوا إلى وعي الجمهور التفاخر والثقة. ولكن بدون بايدن
كل شيء كان سيكون مختلفا. من الجدير تذكر ذلك قبل أن تبدأ أدوات رئيس الحكومة وعصابة
الزعران المحيطة به في إطلاق التصريحات والتهديدات والتحذيرات والطلبات.
في هذا السياق لا يمكن أن لا نعيد النظر مرة أخرى
فيما إذا كانت تصفية حسن مهداوي تمت في التوقيت الصحيح.
الحديث يدور عن شخص خبيث كان متورطا في نشاطات عسكرية
استفزازية ضد إسرائيل، وكان عاملا رئيسيا في تنسيق وتفعيل قتال حزب الله والمليشيات
الإيرانية في سوريا. مع ذلك، من الواضح أنه في الوقت الذي تقرر فيه تصفيته لم يتم فحص
إمكانية أن هذا الأمر يمكن أن يكون مرتبطا بتوسع القتال وتدخل مباشر من قبل إيران والخوف
من اندلاع حرب شاملة بتدخل من دول عظمى، تهز الشرق الأوسط وتورط إسرائيل في حرب متعددة
الجبهات.
أحيانا يكون من الجدير ضبط النفس حتى عندما يكون
هناك هدف جدير، ومهداوي كان هدفا جديرا بالتصفية. شخص ما خارج الإطار العسكري المقلص
يجب عليه أن يكون مشاركا في هذه الاعتبارات، ومن الأفضل أن لا يكون هذا فقط رئيس الحكومة
الذي يعمل تقريبا بكل الطرق الممكنة لتوسيع الحرب وإطالتها وتأجيل انتهائها.
عندما يتم تنفيذ عملية تصفية في عاصمة دولة عربية
يمكن جمع كل قوة ضبط النفس وعدم الانطلاق إلى احتفال التفاخر والغطرسة. فهذه ساهمت
بالضرورة في رد إيران. في الحقيقة إسرائيل لم تتحمل المسؤولية عن عملية الاغتيال، لكن
قدرة المحللين في جميع القنوات على التحدث عن عملية الاغتيال وتحديد أسماء الضحايا
والظروف وسياق العملية على الفور عند حدوثها، كل ذلك أوضح بأن الأمر يتعلق باحتفال
زائد لإسرائيل.
عندما كنت
رئيسا للحكومة أمرت بتصفية عدة جهات معادية في دول قريبة وبعيدة. معظم عمليات التصفية
حتى الآن لم تعترف إسرائيل بتنفيذها. ولم يأت أي رد من الدول التي قمنا باغتيال شخصيات
رفيعة فيها. وقد دمرنا أيضا المفاعل النووي في سوريا. مرت عشر سنوات ولم يتم النشر
بأن إسرائيل هي من فعلت ذلك. الأسد، الذي عرف بالضبط من نفذ الهجوم، صمت ولم يرد.
الحكومة التي تنشغل كل الوقت في محاولة تصفية، بالأساس
الخصوم السياسيين والذين يطالبون بإسقاطها، غير قادرة على الامتناع عن التفاخر بعد
كل إنجاز، حتى عندما يكون أحيانا من الصحيح إخفاء ذلك. ولكن طالما أن بنيامين نتنياهو
هو رئيس الحكومة فإن هذا شر لا يمكن تجنبه كما يبدو.
ليلة الأحد ألغت نهائيا قدرة إسرائيل على الدخول
إلى رفح. يجب على نتنياهو التقرير إذا كان يريد حماية أمريكا من إيران أو أنه يريد
شرخا مكشوفا، علنيا وخطيرا، مع القيادة الأمريكية والشركاء في بريطانيا وفرنسا وألمانيا،
إزاء اقتحام رفح.
هذا الخيار ما زال أمامنا. ضغط إيتمار بن غفير وأعضاء
عصابته على نتنياهو سيستمر. فهم لن يتنازلوا عن مواصلة الحرب في رفح. بايدن حذر من
هذه العملية. بعد هذه الليلة فإن هجوم إسرائيل على رفح خلافا لموقف الولايات المتحدة
وأوروبا يمكن أن يذهب بإسرائيل نحو الهاوية.
إذا حدث ذلك فإنه في المواجهة القادمة مع إيران،
التي يمكن أن تكون في القريب، نتنياهو وبني غانتس وغادي ايزنكوت سيضطرون إلى اتخاذ
القرارات دون أن تكون بجانبهم الدولة الأقوى في العالم. وأيضا بدون عقد مجلس الأمن
الأمريكي جلسة ماراثونية في واشنطن لتنسيق الحماية لإسرائيل، التي تصمم حكومتها على
إدارة حرب لا حاجة إليها.
رئيس الحكومة ووزير الدفاع لم يتوقفا عن التحذير
من أنه إذا قامت إيران بمهاجمتنا من أراضيها فإن إسرائيل سترد بدون أي تردد وبكل قوة.
هذه التصريحات سمعت كثيرا، حتى من وزراء، بعد هجوم إيران وبعد إعلانها بأنها أنهت العملية.
أنا أطلب وأوصي بضبط النفس. أي رد لإسرائيل
هو أمر غير مطلوب. فهذا الرد أعطي ليلة الأحد.
الرئيس بايدن كان على حق عندما قال إن إسرائيل انتصرت،
في الحقيقة بمساعدة مهمة جدا من أمريكا. وحتى الآن إسرائيل انتصرت بشكل حاسم. هذا إنجاز
سيتم تعليمه في الكليات العسكرية. قدرة غير مسبوقة للتنسيق بين جميع المنظومات وتفعيل
بالتوازي جميع طبقات الحماية المضادة للأسلحة الجوية، القبة الحديدية ومقلاع داود والحيتس
في ساحة غير ضيقة وفي تزامن مدهش ومثير للانفعال.
إن صلافة إيران كانت واضحة في هذه المرة، إرسال
300 مسيرة وصواريخ مجنحة وصواريخ بالستية وإلحاق ضرر هامشي فقط بقاعدة واحدة لسلاح
الجو، التي لم يتوقف عملها للحظة، وبدون خسائر في أرواح الجنود والمواطنين، باستثناء
فتاة أصيبت بشظايا قذيفة إسرائيلية. هذا فشل ذريع ويمكن أن يساعد على إعادة القيادة
الإيرانية إلى اتزانها الصحيح.
لقد حان الوقت للتوقف. وحان الوقت لعقد الصفقة مع
يحيى السنوار لإعادة جميع المخطوفين. من المناسب لنا عقد هذه الصفقة بعد العملية الناجحة.
ومن المناسب للسنوار التوصل إلى مثل هذه الصفقة بعد أن عرف أن راعيه الرئيسي غير قوي
كما كان يأمل.