حملت السلطات
المصرية حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "
حماس" مسؤولية "تعثر
مفاوضات الهدنة"،
حسب تصريح مصدر رفيع المستوى لقناة القاهرة
الإخبارية.
وقال المصدر
للقناة إن قصف كتائب القسام لقوات
الاحتلال
في معبر كرم أبو سالم الأحد كان سببا في هذا
التعثر.
ويأتي التصريح
المصري خلافا لكل ما نشر في الصحافة
الغربية وحتى "الإسرائيلية" حول مسار
المفاوضات، والتي أشارت في تقاريرها إلى
أن سبب تراجع فرص الوصول إلى صفقة لوقف
العدوان هو إما لخلافات على تفاصيل الصفقة،
أو بسبب تصريحات نتنياهو وحلفائه من
المتطرفين حول اجتياح رفح.
أسباب التعثر
وقالت صحيفة
نيويورك تايمز في تقرير نشرته الأحد الماضي،
إن فرص الوصول إلى اتفاق تهدئة بدأت تضيق.
وأضافت
الصحيفة أن هناك خلافات حول التفاصيل
وأهمها أن حماس تريد وقفا دائما للحرب
بينما تصر حكومة الاحتلال على أنه "وقف
مؤقت" لإطلاق النار.
وأشارت الصحيفة
إلى أن تصريحات نتنياهو العلنية التي أكد
فيها أن التهدئة ستكون مؤقتة عززت من
العقبات التي تحول دون استمرار المفاوضات.
اقرأ أيضا:
مفاوضات الهدنة تتجه للتوقف بسبب النية لاقتحام رفح.. ومصر تلوم حماس
من جهته، قال
الصحفي "الإسرائيلي" المعروف
بقربه من مصادر المفاوضات باراك ديفيد
إن "قرار
إسرائيل البدء بإخلاء رفح سيؤدي إلى تعليق
المفاوضات الخاصة بالرهائن"،
وذلك نقلا عن قيادي في "حماس".
وأكدت أكثر
من صحيفة "إسرائيلية" أن الخلاف
الأهم الذي يعيق الوصول إلى اتفاق لوقف
الحرب هو إصرار الاحتلال على أنه وقف
مؤقت، فيما تصر حماس على وجوب الوقف الدائم
للعدوان، وهو ما أكدته أيضا مصادر من حركة
حماس في تصريحات خاصة سابقا لـ"عربي21".
اقرأ أيضا:
حصري: آخر تفاصيل مفاوضات وقف الحرب على غزة.. هذه تنازلات الاحتلال
لماذا تلوم
القاهرة حماس؟
وعلى الرغم من
أن مصر تلعب دور الوسيط إلى جانب قطر في
مفاوضات التهدئة بين حماس والاحتلال،
إلا أنها تدخلت لأول مرة بشكل علني وحمّلت
أحد طرفي المفاوضات مسؤولية تعثر هذه
المفاوضات.
وقال مصدر
عربي خبير بشؤون الشرق الأوسط لـ"عربي21"،
إن تحميل القاهرة لحماس مسؤولية تعثر
المفاوضات يخالف دور الوسيط، الذي يفترض
أن يبقى على مسافة واحدة من الطرفين، وأن
يحافظ على سرية تفاصيل المفاوضات حتى
يسهل عملية الوصول إلى حلول.
واستغرب
الخبير الذي طلب عدم كشف هويته من أن مصر لم
تعلن سابقا عن تعطيل حكومة الاحتلال
للمفاوضات عدة مرات، بينما تتطوع لتحميل
حماس المسؤولية الآن، مضيفا: "كنا
سابقا نقول إن الدولة العربية الأكبر لا
يجب أن يقتصر دورها على الوساطة بين فصائل
المقاومة والاحتلال، وأنها يجب أن تكون
داعمة للشعب الفلسطيني، والآن نتفاجأ
أنها تنحاز للجانب الإسرائيلي وتفقد حتى
دور الوسيط النزيه".
وقال المصدر
الذي كان مطلعا على مفاوضات "كامب
ديفيد" الثانية
عام 2000 إن
الرئيس الأمريكي آنذاك "بيل
كلينتون" رغم
انحيازه لم يصرح بشكل واضح بتحميل عرفات
مسؤولية المفاوضات واكتفى بالتلميح،
حفاظا على دور إدارته في أي جولة مفاوضات
لاحقة، ولكنه عبر عن إدانته لعرفات بشكل
واضح فقط بعد شهور من انتهاء رئاسته.
وعن الأسباب
التي دفعت القاهرة لإلقاء اللوم على حماس
قال الخبير العربي، إن هذا يأتي في إطار
عملية الضغط على المفاوض الفلسطيني،
مشيرا إلى أن المسؤولين المصريين اعتادوا
ممارسة الضغوط على الفلسطينيين أثناء
المفاوضات مع الاحتلال سواء كان الرئيس
الراحل عرفات الذي وجه له الرئيس المصري
المخلوع مبارك تقريعا علنيا أثناء احتفال
التوقيع على اتفاقية القاهرة عام 1994،
أو مفاوضي حماس خلال الحروب العدوانية
السابقة على قطاع
غزة.
وأضاف المصدر
أن مصر تخشى اجتياح الاحتلال لمدينة رفح
الفلسطينية باعتبارها خطرا على الأمن
القومي المصري، وبدلا من الضغط على
الاحتلال لمنعه من هذا الاجتياح فإنها تضغط على الطرف الفلسطيني، لأنها تعتبره "الطرف
الأضعف".
وأشار المصدر
إلى أن مصر لعبت أدوارا سلبية منذ بدء
العدوان، حيث سمحت بفرض رسوم هائلة على
الفلسطينيين الراغبين في السفر للخارج،
ومنعت دخول الوفود الطبية العالمية
والعربية إلى القطاع إلا بموافقة الاحتلال،
واشترطت موافقة مخابرات الاحتلال على دخول
الشاحنات التجارية وشاحنات المساعدات
إلى غزة، فيما استمرت تجارتها مع "إسرائيل" كما هي،
وبقي السفراء في كل من القاهرة وتل أبيب،
واستمرت اتفاقيات الغاز مع الاحتلال.