نشرت صحيفة "
إزفيستيا" الروسية تقريرًا، تحدثت فيه عن إمكانية اتخاذ إسرائيل إجراءات ضد السلطة
الفلسطينية؛ ردًّا على تصريحات المحكمة
الجنائية الدولية بشأن احتمال إصدار مذكرة اعتقال بحق بنيامين نتنياهو.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن إسرائيل لا تعترف باختصاص المحكمة، وتنفي كافة الاتهامات الموجهة لقيادتها. وفي الوقت نفسه، أدانت بريطانيا وإيطاليا تصرفات الهيئة الدولية، بينما دعمتها فرنسا وبلجيكا.
وتضيف الصحيفة أن حالة عدم اليقين تفاقم الانقسامات في
الغرب بشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
"إسرائيل" ترد على إجراءات المحكمة الجنائية الدولية
وقال دميتري جندلمان مستشار مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: "قد تستجيب إسرائيل لطلب المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة اعتقال بحق قيادة البلاد. ومع ذلك، يمكن توقع رد فعل في اتجاه الإدارة الفلسطينية".
في وقت سابق، قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت مسؤولان جنائيًّا عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبت على أراضي فلسطين في قطاع
غزة منذ أكتوبر/ تشرين الأول".
وأضاف جندلمان : "إسرائيل لا تعترف بهذه الهيئة الدولية فحسب، بل ترفض بشكل قاطع جميع الاتهامات الموجهة إليها. لن تتقدم إسرائيل بعقوبات مضادة ضد المحكمة الجنائية الدولية؛ لأنها لا تعترف بها وولايتها القضائية، ولكن فيما يتعلق بالسلطة الفلسطينية، التي رفعت دعوى قضائية أمام هذه المحكمة، فمن المرجح جدًا أن تكون هناك إجراءات معينة من جانبنا. لكن في الوقت الحالي لا يوجد أمر بالاعتقال بحد ذاته. حتى الآن نتحدث فقط عن نية المدعي العام إصدار وثيقة. ولا يوجد قرار للمحكمة الجنائية الدولية بشأن هذه القضية حتى الآن".
في نهاية سنة 2023، تقدمت فلسطين بالاستئناف أمام المحكمة الجنائية الدولية بسبب العملية العسكرية للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة. في هذا الصدد، يقول السفير الفلسطيني صلاح عبد الشافي في النمسا: "نعتقد أن كل هذه الجرائم لا ينبغي أن تمر دون عقاب. ولذلك ينبغي محاسبة إسرائيل. لذلك، قدمنا طلبات إلى المحكمة الجنائية الدولية". وبحسب الشافي قُتل في غزة أكثر من 30 ألف مواطن بسبب تصرفات الجيش الإسرائيلي.
وقال نائب رئيس الكنيست عضو الكنيست يفغيني سوفا، قد تتخذ إجراءات اقتصادية ضد السلطة الفلسطينية، ويضيف سوفا: "أنا لا أستغرب سلوك قيادة السلطة الفلسطينية، التي تمارس بالفعل الإرهاب الدبلوماسي ضد إسرائيل وتنسق تحركاتها على الساحة الدولية مع المحكمة الجنائية الدولية. هذه هي القيادة التي لم تدن مقتل مدنيين إسرائيليين على يد مقاتلي حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وتواصل تحويل المدفوعات الشهرية إلى الإرهابيين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية".
وبحسب سوفا، تمتلك الحكومة الإسرائيلية عددًا من الإجراءات الفعالة، مثل التدابير الاقتصادية أو إصدار تصاريح لكبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية لدخول إسرائيل، والتي ينبغي تطبيقها على رام الله ردًا على مثل هذه الإجراءات.
"إسرائيل" تقسّم الغرب
وذكرت الصحيفة أنه بين دول المنطقة الأوروبية، هناك بالفعل من دعم إسرائيل في هذه القضية، وأدان قرار المحكمة الجنائية الدولية، واعترف باختصاصها. فعلى سبيل المثال، ذكرت وزارة الخارجية البريطانية أن التحقيق في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لا يتوافق مع اختصاص المحكمة، لأن إسرائيل ليست جزءًا من نظام روما الأساسي. وتبنت نظرية وزارة الخارجية الأمريكية بأن تنفيذ أوامر الاعتقال لن يساعد في إطلاق سراح الرهائن أو توصيل المساعدات أو ضمان وقف إطلاق النار.
وتحدثت روما بشكل أكثر قسوة، ووصفت التشابه بين إسرائيل ورؤساء المنظمة الإرهابية التي بدأت الصراع في غزة بـ "السخيف". وقد حذر وزير الخارجية الإيطالي ونائب رئيس الوزراء أنطونيو تاجاني من إضفاء الشرعية على المواقف المعادية لإسرائيل كون ذلك يؤدي إلى زيادة معاداة السامية. كما تعرضت مبادرة المحكمة لانتقادات من قبل رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان ورئيس الحزب الهولندي من أجل الحرية اليميني المتطرف، خيرت فيلدرز.
على هذه الخلفية؛ تتناقض ردود أفعال باريس وبروكسل بشكل حاد. ففي حين ذكرت وزارة الخارجية الفرنسية دعمها المحكمة الجنائية الدولية واستقلالها ومكافحة الإفلات من العقاب في جميع الأحوال. أعرب وزير الخارجية البلجيكي آجا لبيب عن موقف الوزارة قائلاً: "يتعين محاكمة الجرائم المرتكبة في غزة على أعلى مستوى، بغض النظر عن مرتكبيها".
وتنسب الصحيفة إلى الباحث في مركز الدراسات العربية والإسلامية التابع لمعهد الاستشراق بأكاديمية العلوم الروسية، غريغوري لوكيانوف، قوله: "يأتي دعم باريس لأن فرنسا عملت في السابق بشكل وثيق مع الهيئة الدولية، بما في ذلك خلال الإبادة الجماعية في رواندا في التسعينيات. لذلك، تحاول البلاد في الوقت الراهن الحفاظ على بعض الشرعية على الأقل لتصرفاتها في القارة الأفريقية في نظر تلك الدول في المنطقة التي لا تزال موالية لها".
وبحسب رئيس قسم دراسة الجماعات اليهودية في معهد الدراسات الشرقية التابع للأكاديمية الروسية للعلوم ديمتري مارياسيس، لا تجمع بلجيكا وسلوفينيا أي علاقة ودية تجاه إسرائيل.
في هذا الصدد، يرى الخبير في شؤون إسرائيل والشرق الأوسط ألكسندر كارجين، أن القضية الإسرائيلية تؤدي إلى انقسام الغرب، بحيث دعم اليمين إسرائيل، بينما دعم اليسار الجانب الفلسطيني.
ووفق كارجين، سوف يزداد هذا الاتجاه. من ناحية، حظي التماس المحكمة الجنائية الدولية بدعم فرنسا وبلجيكا. وفي المقابل هناك من يعارض ذلك مثل زعيم اليمين المتطرّف الهولندي خيرت فيلدرز. وعليه، إذا توجه نتنياهو إلى هولندا بعد صدور مذكرة الاعتقال، لن يعتقله أحد.
يسلط هذا الانقسام في المواقف الغربية الضوء على حالة عدم اليقين المحيطة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ووفق غريغوري لوكيانوف يدل هذا على ضعف معين لدى عدد من الدول الأوروبية، أو بالأحرى النخب السياسية، وعدم اليقين بشأن الصراع. ومع ذلك، تراجع الدعم بشكل مطرد في الأشهر الأخيرة، بعد أن أسفرت الإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب وعشوائية عن تسجيل عدد هائل من الضحايا في صفوف المدنيين.
ومع ذلك، وفقًا للخبراء، من غير المرجح أن يغير الضغط الشعبي خطط قيادة "إسرائيل"، بما في ذلك العملية التي يتم التحضير لها منذ عدة أشهر في رفح، حيث تتمركز قوات حماس المتبقية وفقا لادعاء "إسرائيل".
وفي ختام التقرير، نوه ألكسندر كارجين إلى أن الوضع مع المحكمة الجنائية الدولية وحد الحكومة حول نتنياهو، وتجلى ذلك في توقيع 106 من أصل 120 عضوًا في الكنيست، أي الأغلبية الساحقة، على بيان في 20 مايو/ أيار يدين طلب المدعي العام للسلطة كريم خان.