نشرت صحيفة "
الغارديان" البريطانية، تقريرًا، يناقش دور
الإمارات في إذكاء نار الحرب الأهلية المستمرة، في
السودان الذي يشهد إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
وتذكر الصحيفة، أن "الإمارات هي الجهة الخارجية الأكثر استثمارًا في الحرب، فهي التي تقدم دعمًا مباشرًا وشاملًا لقوات الدعم السريع، ما أتاح لها شن الحرب بشكل واسع وتقويض الانتقال الديمقراطي في السودان".
وقالت
الصحيفة، في التقرير الذي ترجمته "عربي21" إن الحرب في السودان أصبحت واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية المستمرة في العالم؛ إذ فيما يزيد قليلاً عن سنة من القتال، كان هناك 6.8 مليون نازح داخلياً، ومليونان فروا من البلاد، و24.8 مليون، أي ما يقرب من نصف السكان، بحاجة ماسة للمساعدات الإنسانية.
وأضافت: "تعد الإمارات هي اللاعب الأجنبي الأكثر استثمارًا في الحرب، وفي الواقع، فلولا دعمها المباشر والشامل، لما كانت قوات الدعم السريع قادرة على شن حرب بهذا القدر".
وتابعت الصحيفة بأن "السودان يعد عنصرًا أساسيًا في استراتيجية الإمارات في أفريقيا والشرق الأوسط، والتي تهدف إلى تحقيق الهيمنة السياسية والاقتصادية مع كبح التطلعات الديمقراطية، فمنذ 2015، قامت بالاستعانة بمقاتلين من كلا الفصيلين للمشاركة في حربها في اليمن".
"هي المستورد الرئيسي للذهب السوداني، ولديها خطط بمليارات الدولارات لتطوير الموانئ على طول ساحل السودان على البحر الأحمر، ومن خلال دعم قوات الدعم السريع في السودان، فقد قوضت التحول الديمقراطي الذي أعقب الإطاحة بعمر البشير، دكتاتور السودان لثلاثين سنة، في 2019"،وفق التقرير نفسه.
عند اندلاع الحرب، أفادت التقارير بأنها أسست عمليات لوجستية لإرسال الأسلحة إلى قوات الدعم السريع عبر شبكاتها في ليبيا وتشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى وجنوب السودان وأوغندا ومليشيات حفتر وفاغنر.
وبحسب ما ورد فإنها أخفت الأسلحة والإمدادات على أنها مساعدات إنسانية. بالإضافة إلى ذلك، يتم تنفيذ عمليات التمويل والخدمات اللوجستية والعلاقات العامة لقوات الدعم السريع من الإمارات، وبحسب ما ورد فإنه يتم نقل المقاتلين المصابين جواً لتلقي العلاج في مستشفى عسكري في أبو ظبي، ويقال إن حميدتي، قائد قوات الدعم السريع، زار بعض الدول الأفريقية على متن طائرة إماراتية تابعة لشركة مملوكة لأحد أفراد العائلة المالكة الإماراتية.
وأضافت الصحيفة أن تقريرًا للأمم المتحدة في كانون الثاني/ يناير وجد أن الاتهامات بتقديم الإمارت الدعم العسكري لقوات الدعم السريع ذات مصداقية، رغم نفي الإمارات، لكن العديد من المشرعين الأمريكيين اعترضوا عليهم علنًا، فيما كان المسؤولون الأمريكيون والبريطانيون أكثر حذرًا.
ومع ذلك، فقد كانت الإمارات شديدة في رفض الاتهامات؛ وقد ألغت الاجتماعات الوزارية مع المملكة المتحدة في نيسان/ أبريل الماضي لأنها لم تقفز للدفاع عنها في اجتماع للأمم المتحدة حول السودان.
وفي الوقت نفسه، تضيق المجاعة والأمراض والقتال الخناق على المدنيين، كما أن ما يسمى بالمجتمع الدولي لم يفعل الكثير لوقف ذلك؛ حيث إنه جمع 12 بالمائة فقط من المساعدات المطلوبة للسودان البالغة 2.7 مليار دولار، وقد شهدنا نمط استهداف المدنيين وإحراق القرى وارتكاب جرائم القتل الجماعي والعنف الجنسي في جميع المناطق التي خضعت لسيطرة قوات الدعم السريع.
وأشارت "هيومن رايتس ووتش" إلى أن قوات الدعم السريع ارتكبت جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب واسعة النطاق، وقد ارتكبت القوات المسلحة السودانية نصيبها من جرائم الحرب، حيث قامت بقصف المدنيين بشكل عشوائي، واعتقال وتعذيب وقتل المدنيين أيضًا، وقررت الولايات المتحدة رسميًا أن كلاً من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع ارتكبتا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وأفادت الصحيفة، بأن قتالًا احتدم الأسبوع الماضي من أجل السيطرة على الفاشر، آخر معقل للقوات المسلحة السودانية في منطقة دارفور الغربية؛ وقد لجأ مئات الآلاف من الأشخاص إلى هناك بعد فرارهم من الفظائع التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في أجزاء أخرى من دارفور، وهي منطقة تبلغ مساحتها ضعف مساحة المملكة المتحدة.
وقد تكون لمعركة الفاشر آثار كبيرة على المنطقة، وفوز قوات الدعم السريع يمنحها سيطرة فعلية على معظم الولايات الواقعة غربي نهر النيل، والتي تمثل أكثر من نصف مساحة السودان وسكانه وموارده.
يمكن رؤية الجهد الأكثر شهرة لتحقيق السلام في منصة جدة؛ حيث تُعقد جولات متعددة من المحادثات نظمتها الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، والتي بدأت بعد وقت قصير من اندلاع الحرب، ومع ذلك، فقد فشلت القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع باستمرار في الوفاء بالالتزامات المنصوص عليها في إعلان أيار/ مايو 2023 لضمان حماية المدنيين واحترام القانون الإنساني الدولي.
كذلك، إنهم بحسب الصحيفة نفسها، لم يحترموا العديد من اتفاقيات وقف إطلاق النار، أو تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، أو تدابير بناء الثقة، مثل إخلاء منازل المدنيين التي احتلها مقاتلو قوات الدعم السريع.
ويقترح توم بيرييلو، وهو المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، إحياء منصة جدة، مع التركيز على بناء ومواءمة الإرادة السياسية في المنطقة للضغط من أجل التوصل إلى اتفاق سلام، وحشد جهود القادة الأفارقة والعرب الرئيسيين في المحادثات.
ومع ذلك، فإن السودان لديه تاريخ من الحروب الطويلة ومحادثات السلام التي لا نهاية لها، وتخاطر جدة بأن تصبح مُدخلاً آخر في قائمة "الكثير من الاتفاقيات المرفوضة" ما لم يبتعد المجتمع الدولي عن نموذجه الفاشل المتمثل في الضغط من أجل اتفاقيات السلام التي تعيد إنتاج العنف والاستبداد.
وأردف التقرير: "يجب محاسبة جنرالات القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على جرائمهم العديدة ضد الشعب السوداني، ولا ينبغي مكافأتهم مرة أخرى بالسماح لهم بأن يكونوا جزءا من أي ترتيب يهدف إلى إنهاء الحرب".
واختتمت
الصحيفة التقرير بالقول إن "الأهم من ذلك هو أنه يجب على المجتمع الدولي أن يواجه الدور الضار الذي تلعبه الإمارات في الصراع، والذي نفذته مع الإفلات من العقاب، مستفيدة من تحالفاتها مع كل من الغرب وروسيا، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فإن السودان يخاطر بالانحدار إلى حالة حرب دائمة".