حذرت منظمة هيومن
رايتس ووتش، من
الانتهاكات بحق العمال الوافدين في
السعودية، بعد الشكوى التي
قدمها الاتحاد الدولي لعمال البناء والأخشاب بشأن ظروف العمل والاستغلال لأكثر من
13 مليون عامل وافد.
ولفتت المنظمة
إلى أن الشكوى التي قدمها الاتحاد تسلط الشكوى الضوء على سرقة الأجور المتفشية. وقدمت
قبل القرار القادم الذي سيتخذه "الفيفا"، الذي تدير كرة القدم الدولية،
في يوليو/ تموز المقبل، بمنح السعودية حق استضافة "كأس العالم" 2034، بعد
أن أصبحت "مقدم العرض الوحيد" للاستضافة.
وتنتهك الفيفا في
قرارها منح البطولة قواعدها وشروطها الخاصة المتعلقة بالعناية الواجبة بشأن حقوق
الإنسان والعمل.
قالت مينكي
ووردن، مديرة المبادرات العالمية في هيومن رايتس ووتش: "يجب أن تستمع السلطات
السعودية إلى النداء الذي أطلقته شكوى منظمة العمل الدولية بشأن العمل الجبري. على
السلطات السعودية تصحيح مسارها، ومعالجة انتهاكات الماضي، بما فيها الأجور غير
المدفوعة لعشرات آلاف العمال الوافدين".
وشددت على ضرورة
النظر إلى الشكوى المقدمة من نقابة عالمية على أنها "ناقوس خطر للشركات
والمنظمات، مثل الفيفا، التي تخطط لفعاليات وأحداث ضخمة في السعودية، نظرا إلى
تقاعس الحكومة الواضح عن حماية الوافدين من براثن أرباب العمل المستغلين والمنتهكين".
تستند شكوى
الاتحاد الدولي لعمال البناء والأخشاب إلى مجموعة من الأدلة، منها عدم تلقي عشرات
آلاف العمال أجورهم من شركتي إنشاءات في السعودية أفلستا في عام 2016، وشهادات 193
عاملا وافدا واجهوا انتهاكات عديدة مثل تقييد الحركة، والتخويف والتهديد،
والاحتفاظ بوثائق الهوية، وعبودية الديون، وظروف العمل والمعيشة المنتهكة، والعمل
الإضافي المفرط. وتتفاقم الأضرار الناجمة عن هذه الانتهاكات نتيجة حرمان العمال من
الحق في حرية تكوين الجمعيات والتفاوض الجماعي.
تدرج الشكوى أيضا
حالات عديد أٌسيئت فيها معاملة العمال الوافدين، مشيرة إلى تقاعس المملكة عن تطبيق
معاهدات دولية عديدة صادقت عليها، مثل "اتفاقية العمل الجبري" (رقم 29)
وبروتوكول الاتفاقية لعام 2014.
ولفتت إلى أن إحدى
القضايا في الشكوى تمثل عينة عن المشاكل، وهي حالة موظف سابق عمل من 1990 إلى 2015
في شركة "سعودي أوجيه"، التي تمت تصفيتها منذ ذلك الحين، واجه صعوبات
مالية شديدة نتيجة حجب راتبه والقيود على انتقاله إلى صاحب عمل آخر، ما جعله يعيش
على فضلات الأطعمة ليتوفى في نهاية المطاف بنوبة قلبية.
وبعد عقد من
الزمن، ما تزال عائلته عالقة في دائرة من الديون والمصاعب ولم تعوض بعد. قدرت
"المحكمة التنفيذية" في الرياض في عام 2019 أن شركة سعودي أوجيه مدينة
بما يقدر بنحو 2.6 مليار ريال سعودي (حوالي 693 مليون دولار أمريكي) كأجور غير
مدفوعة ومزايا أخرى للعمال.
رغم بدء بعض
عمليات السداد بعد عقد من الزمن تقريبا، تظهر أبحاث هيومن رايتس ووتش أن العملية
كانت مليئة بالمشاكل.
وتسود الشهادات
حول الأجور غير المدفوعة في جميع أنحاء السعودية، رغم مبادرات إصلاح العمل التي لم
توفر حتى الآن الحماية الكافية للعمال الوافدين. وثق بحث هيومن رايتس ووتش بدوره
حالات مستمرة وواسعة لسرقة الأجور من قبل أصحاب العمل، وكذلك عودة عمال وافدين
عديدين إلى بلدانهم من دون تلقي مستحقاتهم.
ويمنح نظام
الكفالة السعودي المنتهك أصحاب العمل سلطة مفرطة على قدرة العمال الأجانب على
التنقل بين الوظائف وعلى وضعهم القانوني في البلاد، بما يشمل قدرتهم على
الاستقالة.
ويكشف استطلاع
أجراه الاتحاد الدولي لعمال البناء والأخشاب شمل 193 عاملا مهاجرا مدرجين في
الشكوى عدم قدرة 63 بالمئة منهم على الاستقالة بحرية مع إشعار معقول أو المغادرة
بعد انتهاء عقودهم. بالإضافة إلى ذلك، 85 بالمئة من العمال المدينين لا يمكنهم ترك
وظائفهم بحرية، ويعجز 65 بالمئة منهم عن حيازة وثائقهم (مثل جوازات السفر)،
ويفيد 46 بالمئة أن أصحاب العمل يؤخرون
أجورهم أو يحجبونها لإجبارهم على البقاء.
قالت ووردن:
"ترسم هذه الحالات والإحصائيات صورة واقعية للوضع الحالي للعمال الوافدين
الذين يفدون إلى السعودية لإعالة أسرهم في أوطانهم بشكل أفضل. من الواضح أن نظام
العمل السعودي يمنح أصحاب العمل سيطرة مفرطة على العمال لارتكاب انتهاكات فظيعة
دون عقاب".
وإلى جانب كأس
العالم 2034، المشاريع العملاقة الأخرى في السعودية التي تندرج تحت رؤية 2030، مثل
"مدينة نيوم" المستقبلية، ستعتمد أيضا على قوة عاملة كبيرة في مجال
البناء لا تتمتع بالحماية الكافية بموجب نظام العمل السعودي.
وقالت المنظمة
إنه ما لم تتخذ الشركات الدولية التي تتدفق على السعودية للاستفادة من هذه
المشاريع العملاقة، والشركات الراعية لها، العناية الواجبة الصارمة لضمان أن
أنشطتها لا تفاقم انتهاكات حقوق الوافدين، فإنها تخاطر بالتسبب بالانتهاكات
المتوطنة التي تمس حقوق الوافدين في السعودية، أو المساهمة فيها أو الارتباط
المباشر بها.
وقالت ووردن:
"من الأفضل للسلطات السعودية، التي تنفق المليارات على الغسيل الرياضي
لسمعتها الحقوقية المزرية، الاستثمار في التنفيذ الفعال لإصلاحات العمل التي وعدت
لكن لم تف بها حتى الآن".