أثارت مُبادرة لعدد من الأساتذة من عدّة جامعات مغربية، بمنح طالب
فلسطيني راحل شهادة الدكتوراه، بميزة مشرف جدا، جدلا واسعا في الوسط الأكاديمي
المغربي، وصل إلى حد خلق نقاش مفتوح على مختلف منصات التواصل الاجتماعي.
وتوفي الطالب الفلسطيني، قبل الدفاع عن أطروحته، التي سجلها في القانون العام والعلوم السياسية بعنوان "التهرب الضريبي وأثره على الخزينة العامة، فلسطين نموذجا".
وجاء في دعوة مناقشة هذه الأطروحة، التي تمت الجمعة: "ضمن مبادرة إنسانية راقية، ستناقش أطروحة الباحث الفلسطيني الفقيد هاني دراوشة، الذي لم يمهله القدر ورحل عنا قبل سنة، عندما كانت إجراءات المناقشة على وشك الاكتمال. شكرا لكل من ساهم في بلورة هذه الالتفاتة الرمزية من إدارة جامعة القاضي عياض، وكلية الحقوق بمراكش، ومركز دراسات الدكتوراه، ومختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات، والأستاذين المشرفَين وباقي الأساتذة أعضاء اللجنة العلمية".
وقال رئيس لجنة مناقشة الأطروحة، إدريس لكريني إن "الطالب الراحل وضع أطروحته التي كانت مسجلة في إطار مختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات بمركز الدكتوراه، لأجل عرضها على اللجنة العلمية عام 2023 بعد موافقة الأستاذة المشرفة واستكمال الشروط الإدارية".
وأضاف: "بعد ذلك ببضعة أسابيع، أي بتاريخ 10 مايو 2023، تعرض لحادثة سير فارق إثرها حياته في فلسطين، أي في الفترة التي بدأ يتوصل فيها مركز الدكتوراه بالكلية بتقارير إيجابية بشأن الأطروحة".
وتابع: "تقرر بعد ذلك تنظيم هذه المناقشة التي رغم بعدها الإنساني فهي لم تكن مجاملة ولم تمس بأصول البحث الأكاديمي والأمانة العلمية، وإنما شكّلت مبادرة تعكس الحرص على عدم ضياع هذا الجهد العلمي، وليكون متاحا أمام الطلبة والباحثين للاستفادة منه".
واستطرد بأن "هذه المناقشة ليست سابقة على المستوى الوطني أو الدولي، فقد سبق تنظيم مناقشات علمية في عدد من
الجامعات المغربية والعربية والدولية لباحثين فاجأهم الموت قبل الوقوف أمام لجان المناقشة"، مقدّما أمثلة بعدد من الجامعات في المغرب، وأمريكا، وتونس، ومصر.
إلى ذلك، توالت الملاحظات والانتقادات من طرف عدد من الأساتذة والأكاديميين، عبر حساباتهم على مختلف منصات التواصل الاجتماعي، بينهم عبد الوهاب الرامي، وهو أستاذ جامعي بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط: "تمت مناقشة بحث طالب فلسطيني لنيل درجة الدكتوراه في غيابه وهو بين يدي الله، بعد أن نفض يديه من الدنيا وكل ما فيها من مراتب وشهادات (…)".
وتابع: "نوقشت نيابة عنه رسالة دكتوراه لو كان سئل من هناك عن رغبته في أن يلتئم الأساتذة دونه لمنحه لقب دكتور، الذي بالمناسبة لم يعد لديه بريق زمان، لربما كان قال ’أنا في شأن آخر، ولم يعد مطمع في مغانم الدنيا، كيفما كانت!’. من هنا أول استنتاج: مناقشة عمل جامعي دون إرادة صاحبه يعد إكراها لا يقبله المنطق".
بدوره قال محمد البقالي، وهو إعلامي وباحث حاصل على شهادة الدكتوراه: "إلى ما يعكسه هذا الموعد الأكاديمي من احتفاء معلن بالقضية الفلسطينية واستعادة زخمها في الأوساط الأكاديمية، لأنه خلال سنوات التطبيع العجاف هذه بلغ الحماس بالبعض مبلغا أسقطهم في الإسفاف والرعونة، لذلك عندما يحدث الاحتفاء في جامعة مراكش فهذا يعني ضمن ما يعني أن زمن الحماس الأرعن الذي ركب البعض عقب التطبيع دون أن يطلب منهم أحد ذلك قد انتهى".