سياسة عربية

استهداف مطاعم كنتاكي وغيرها من الشركات الأمريكية في العراق احتجاجا على حرب غزة

ترفض الجهات العراقية "وجود مشاريع استثمارية أمريكية في العراق تذهب أرباحها إلى إسرائيل"- جيتي
عادت قوات مكافحة الإرهاب العراقية، التي ساعدت في هزيمة تنظيم الدولة، إلى القيام بدوريات في شوارع بغداد، لكن هذه المرة لديها مهمة جديدة وهي: "حماية امتيازات المطاعم الأمريكية من المخربين الغاضبين من حرب غزة".

وأكد تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" أن "مهاجمين استهدفوا في الأسابيع الأخيرة العديد من سلاسل المواد الغذائية ذات الطراز الأمريكي كجزء من المقاطعة الاقتصادية للعلامات التجارية التي يقولون إنها تساعد في تمويل عمليات الجيش الإسرائيلي في غزة".

وذكر أن الهجمات بدأت، بما في ذلك "الاعتداءات التي شنها رجال ملثمون على فروع كنتاكي فرايد تشيكن ومطعم لي الشهير، في أواخر أيار/ مايو الماضي، بعد أن دعت الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران أتباعها إلى الاحتجاج على هذه الشركات".

وأشار إلى أن الميليشيات قالت في بيانها إنها "ترفض استخدام الأراضي العراقية في مشاريع استثمارية"، مؤكدة أن أرباحها تذهب إلى إسرائيل وقواتها المسلحة. 

وتعد الولايات المتحدة أقرب حليف لـ "إسرائيل" والمورد الرئيسي للأسلحة والمساعدات، لكن هذه المساعدة تأتي إلى حد كبير من الحكومة.

وبيّن التقرير أن الحكومة العراقية استجابت للاضطرابات من خلال نشر وحدات مكافحة الإرهاب التي دربتها الولايات المتحدة في جميع أنحاء بغداد للحماية من المزيد من العنف - وهو جهد يقول المحللون إنه يهدف إلى "طمأنة المستثمرين الأجانب وإشارة إلى الجماعات القوية الموالية لإيران بأن القوات الحكومية هي التي تسيطر على البلاد".

ونقل التقرير عن أحد أفراد مكافحة الإرهاب، علي البالغ من العمر 23 عاما، وهو متمركز الآن في حي الكرادة الصاخب بوسط بغداد، حيث توجد العديد من المطاعم الدولية: "إنه لأمر غريب أن يتم استخدامنا لحماية مطعم.. نحن قوات خاصة ولسنا حراسا شخصيين"، ولم يذكر سوى اسمه الأول فقط، لأنه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام.

وأشار التقرير إلى أن استهداف العلامات التجارية الأمريكية كوسيلة للاحتجاج على السياسة الخارجية الأمريكية أمر شائع في الشرق الأوسط والعالم، فعندما اندلعت الحرب بين "إسرائيل" وحماس في الخريف، وقال أحد فروع ماكدونالدز في "إسرائيل" إنه سيقدم وجبات مجانية للجنود، تعرضت عدة فروع للسلسلة للتخريب في مصر ولبنان وتركيا.

وبحسب الصحيفة قام أشخاص في العراق بإلقاء قنابل صوتية على معهد لغات ومكتب شركة "كاتربيلر"، الشركة الأمريكية لتصنيع معدات البناء التي تزود الجيش الإسرائيلي بالجرافات المدرعة، بينما ذكرت وكالة أسوشيتد برس أن احتجاجات صغيرة نُظمت خارج مكاتب شركتي بيبسي وبروكتر آند غامبل في بغداد.

قال أحد المشاركين، وهو عضو في جماعة كتائب حزب الله المدعومة من إيران، للصحيفة متحدثا بشرط عدم الكشف عن هويته لأنه ساعد في تنفيذ الهجمات: "نحن مجموعة من الأشخاص من هذه الأمة الذين احتجوا ضد المصالح الأمريكية، وسنواصل المقاطعة حتى إغلاق كافة المصالح الأمريكية".

وأشار التقرير إلى أن الميليشيات الشيعية الموالية لإيران تتمتع بقوة سياسية وعسكرية كبيرة في العراق، ولطالما عارضت الوجود العسكري الأمريكي هنا وفي المنطقة، وأن للولايات المتحدة نحو 2500 جندي وفرد أمريكي في العراق لتقديم المشورة والمساعدة لقوات الأمن المحلية.

وأكد التقرير أنه وفي وقت سابق من هذا العام، أعلنت الميليشيات التي تعمل تحت مظلة المقاومة الإسلامية في العراق مسؤوليتها عن هجوم بمسيّرة أدى إلى مقتل ثلاثة من أفراد الخدمة الأمريكية في الأردن المجاور. وأنه بعد انتقام الولايات المتحدة، مما أسفر عن مقتل قائد كبير في كتائب حزب الله في وسط بغداد في شباط/ فبراير، تراجعت الميليشيات عن استهداف المنشآت الأمريكية.

وقال إن القليل من الناس توقع أن توجه هذه المجموعات أنظارها إلى مطاعم البرغر والدجاج المقلي التي تحظى بشعبية لدى العراقيين في العاصمة.

وفي ليلة عادية من أيام الأسبوع في بغداد الشهر الماضي اندلعت الأحداث لأول مرة في فرع كنتاكي الجديد في شارع فلسطين، ونزل العشرات من الأشخاص، وهم يرتدون الأقنعة ويحملون العصي، إلى المنشأة وحطموا النوافذ وألقوا الكراسي ودمروا معدات المطبخ بينما اختبأ الزبائن أو فروا.

وجاء في التقرير أن سلام عبد الكريم، وهو مهندس يبلغ من العمر 43 عاما، كان يتناول الطعام مع عائلته في ذلك الوقت، وقال إن ابنته البالغة من العمر 8 سنوات كانت تجلس مواجهة للباب عندما دخل المهاجمون.

وتابع: "بمجرد أن رأتهم، خافت، وطلبت مني أن أنظر خلفي.. لبضع ثوان لم أعرف ماذا أفعل، ثم أخبرت زوجتي على الفور أن علينا المغادرة، حيث بدأوا بتحطيم معدات المطعم".

وأطلقت قوات الأمن القريبة طلقات تحذيرية في الهواء لتفريق الحشد. ولم يتعرض أي من الموظفين أو الزبائن لأذى جسدي. لكن هجمات مماثلة وقعت أيضا في فروع مطعم Lee’s Famous Recipe Chicken  وسلسلة مطاعم Chili House المملوكة للأردنيين، وهي سلسلة مطاعم برغر على الطريقة الأمريكية، بحسب الصحيفة.

ورفض أصحاب المؤسسات الثلاث في بغداد التعليق لأسباب أمنية.

ونقلت الصحيفة عن حامد السيد، وهو سياسي مستقل، عن الميليشيات قوله: "إن ما حدث في بغداد كان خطوة واضحة لإرسال رسالة مفادها أنهم ما زالوا يتمتعون بالسلطة"، مضيفا أن الرسالة تستهدف القادة في كل من بغداد وطهران.

وبحسب التقرير فقد قالت وزارة الداخلية إنها ألقت القبض على مشتبه بهم يعتقد أنهم متورطون في الهجمات، ووصفت خلية الإعلام الأمني، وهي جهة رسمية تنشر المعلومات الأمنية، الهجمات بأنها "محاولة يائسة لزعزعة استقرار البلاد والإضرار بسمعتها".

لكن الأكاديمي العراقي عقيل عباس قال إن رد الحكومة كان إلى حد كبير هو استهداف أعضاء الميليشيات "من الرتب المنخفضة فقط، دون استهداف الشبكة العليا"، بحسب الصحيفة.

وأضاف: "الخاسر الأكبر في هذه المعادلة هو رئيس الوزراء، لأن ما يحدث هو عكس الرسالة التي يحاول إيصالها في جذب الاستثمار".

وأكد التقرير أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يسعى إلى تنويع الاقتصاد الذي يعتمد بشكل كبير على عائدات النفط، وجذب رؤوس الأموال الأمريكية والأجنبية إلى العراق.

وأشار التقرير إلى أن السفيرة الأمريكية في العراق، ألينا رومانوفسكي، أدانت في بيان صدر في 30 أيار/مايو "الهجمات العنيفة الأخيرة ضد الشركات الأمريكية والدولية".

وكتبت على منصة "إكس" (تويتر سابقا): "هذه الهجمات تعرض حياة العراقيين وممتلكاتهم للخطر، ويمكن أن تضعف قدرة العراق على جذب الاستثمارات الأجنبية".

وبالنسبة للواء المتقاعد أحمد الطائي، وهو الآن محلل أمني، فإن تحرك السوداني لنشر جهاز مكافحة الإرهاب كان علامة على قوة الميليشيات واستعداد الحكومة "للقيام بكل ما يلزم لفرض القانون".

وشدد التقرير على أنه بالرغم من وجود مقاتلي مكافحة الإرهاب مثل علي الآن في جميع التقاطعات الرئيسية في بغداد، لكن العنف وضع العديد من أصحاب الأعمال في حالة من التوتر.

فمثلا، زين محمد يملك مقهى في بغداد. وقال: "المقهى الخاص بي يقع بجوار سكيتشرز مباشرة، وأنا قلق من أنهم سيدمرون المقهى الخاص بي أيضا عندما يهاجمونه".

كما سارعت بعض المطاعم ذات الأسماء الأجنبية إلى إصدار بيانات توضح أنها شركات محلية لا علاقة لها بالشركات الأمريكية.

وكتبت سلسلة مطاعم غوست برجر على صفحتها على الفيسبوك: "نود أن نعلن أن مطعمنا هو علامة تجارية عراقية خالصة. وليس له أي صلة بأي شركة أجنبية".