من المحتمل أن يخسر مرشح حزب العمال في
بيرنلي آلاف الأصوات على الرغم من كل الأبواب التي طرقها والأيدي التي صافحها خلال حملته الانتخابية، وذلك بسبب مقطع فيديو منتشر على تطبيق واتساب.
ونشرت صحيفة "
التايمز" البريطانية مقالا للصحفي توم بول قال فيه إن مع قدوم 5 تموز/ يوليو، يريد أوليفر رايان أن يكون الرجل الذي يمثل مقعد بيرنلي الواقعة في مقاطعة لانكشاير، نظرا لأن كل المؤشرات تقول إن المقعد له بتأرجح بسيط في الأصوات للتغلب على الأغلبية الهشة التي يتمتع بها أنتوني هيجينبوثام، ممثل حزب المحافظين الحالي، والتي تبلغ 1532 صوتا.
وبناء على ذلك، فقد أطلقت استطلاعات الرأي على بيرنلي لقب "المقعد الأكثر قابلية لفوز حزب العمال به"، كما أن أصوات أشخاص من أمثال "شمشور رحمن"، الذين خاب أملهم إزاء وعد المحافظين الذي فشل في سد الفجوة في المناطق الصناعية السابقة في قلب ما يسمى بالجدار الأحمر [المناطق المؤيدة تقليديا لحزب العمال]، هي التي يأمل رايان في الفوز بها.
وبالفعل كان عبد الرحمن يخطط للتصويت لحزب العمال – حتى الأسبوع الماضي عندما تلقى رسالة عبر الواتساب فجأة من أحد زعماء الجالية المسلمة، وتضمنت مقطع فيديو يحث المتلقين على عدم التصويت لحزب العمال أو المحافظين بسبب تعاملهم مع الحرب في غزة، ودعم غوردون بيرتويستل، مرشح حزب الديمقراطيين الأحرار البالغ من العمر 80 عاما.
وقال رحمن البالغ من العمر 42 عاما ويعمل ساعيا: "لم أحدد بعد، وما زلت بحاجة إلى مناقشة الأمر مع أصدقائي، لكنني سأقول إنه كمسلم، عندما يتأذى مسلم آخر، فإنك تشعر أنه من واجبك أن تفعل كل ما في وسعك للمساعدة"، بحسب ما ذكرت الصحيفة.
ويعيش في بيرنلي ما يزيد قليلا على الـ 13000 مسلم، وهو ما يمثل حوالي 14 بالمئة من السكان، وفقا لآخر تعداد سكاني لعام 2021، وكما هو الحال في أجزاء أخرى من البلاد التي تضم عددا كبيرا من السكان المسلمين، وفقد حزب العمال دعما كبيرا في بيرنلي بسبب الانتخابات ورفض كير ستارمر إبداء أي دعم وقف فوري لإطلاق النار في غزة.
وفي تشرين الأول/ نوفمبر الماضي، استقال نصف أعضاء حزب العمال الحاكم في المجلس المحلي للمدينة، بما في ذلك رئيس المجلس أفراسياب أنور، احتجاجا على موقف الحزب.
وأكدت الصحيفة أن التغييرات الحدودية للدائرة الانتخابية، والتي ستشمل للمرة الأولى مناطق بريرفيلد إيست وكلوفر هيل إضافة إلى بريرفيلد ويست و ريدلي، قد تساعد أيضا في قلب الموازين الانتخابية ضد حزب العمال. فإن ما يقرب من نصف سكان بريرفيلد هم من المسلمين.
وفي أيار/ مايو، فقد حزب العمال السيطرة على كلا الجناحين لصالح المستقلين في الانتخابات المحلية.
وعلى مدى الأسابيع القليلة الماضية، قامت حملة تسمى "تصويت بيرنلي برييرفيلد "(BBV)، تديرها مجموعة من قادة المجتمع الإسلامي المحليين، بما في ذلك الأئمة ورجال الأعمال والمحامين، بإحداث الكثير من الاستياء ضد حزب العمال.
وفي اجتماع ضم حوالي 300 شخص عقد في مركز بيرنلي المجتمعي في وقت سابق من هذا الشهر، اختارت المجموعة بيرتويستل كمرشحهم المختار بعد أن أخبر الجمهور أنه سيدفع من أجل وقف فوري لإطلاق النار إذا تم انتخابه، تماشيا مع الموقف الذي تبناه حزب الديمقراطيين الأحرار في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
وتجري الآن حملة كبيرة لحشد دعم المسلمين في المدينة خلف بيرتويستل، الذي كان عضوا في البرلمان عن المدينة خلال سنوات التحالف [بين المحافظين والديمقراطيين الأحرار] من 2010 إلى 2015.
وتُعقد اجتماعات أسبوعية في المراكز المجتمعية في جميع أنحاء المدينة ويتم الترويج لمقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي.
ويقدر بيرتويستل أن هناك حوالي 50 عضوا في BBV يعملون لمساعدته في الفوز بالانتخابات، وذلك مقارنة مع ثمانية موظفين من حزب الديمقراطيين الأحرار.
وقال وهو يجلس إلى جانب زوجته كاثلين أثناء تناول وجبة الإفطار في مقهى الكنيسة الميثودية: "إذا تمكنوا من الحصول على 13 ألف صوت، فإن ذلك سيغير هذا السباق تماما. لن يفوز أحد بهذا بدون الجالية الآسيوية".
بالنسبة لرجل باعترافه الشخصي لا يعرف شيئا عن وسائل التواصل الاجتماعي، وقد حصل مؤخرا على دورة لمحو الأمية الحاسوبية للمبتدئين في محاولة لتسخير قوة منصة "تيك توك" يمكن أن تكون حملة BBV الانتخابية عبر الإنترنت بمثابة حافز كبير لبيريتويستل.
لكن بعض التكتيكات الأكثر عدوانية التي تتبعها حملة BBV يمكن أن تكون مزعجة للمرشح الثمانيني، الذي تتميز شخصيته السياسية بحسن العِشرة.
وأظهر أحد المقاطع التي نشرتها المجموعة هذا الأسبوع رجلا يقترب من روشانارا علي، نائبة حزب العمال عن منطقة بيثنال غرين آند بو، أثناء قيامها بحملتها خارج إحدى المدارس.
ويبدأ الرجل في توبيخ روشانارا ومساعديها، ويطلق عليهم "الكلاب" و"الكلاب الصغيرة" وهم يبتعدون عنه.
ردا على الفيديو، أكد بيرتويستل أنه لا يؤيد الترهيب من أي نوع وأن BBV كانت تدير حملة مستقلة منفصلة عن حملة الديمقراطيين الأحرار، ورفضت قيادة BBV الطلبات المتكررة للتعليق على هذا ضمن ما ذكرته الصحيفة.
وقالت الصحيفة إن "وضع نفسه كقوة للتغيير الجيوسياسي يمثل فصلا جديدا لبيرتويستل، الذي سوّق نفسه حتى الآن كبطل للقضايا المحلية".
وذكرت الصحيفة أن دعم بيرتويستل الأساسي تاريخيا كان "لمتسوقي ماركس آند سبنسر في عمر معين"، وهي الذي كان عضو مجلس محلي منذ عام 1983، وفاز بمقعده في مجلس العموم في عام 2010 على خلفية حملة لإعادة قسم الحوادث والطوارئ في مستشفى بيرنلي.
وأضافت أنه "في اليوم الذي التقينا فيه، كان قد أمضى الصباح واقفا خارج متجر ماركس آند سبنسر يتحدث إلى السكان المحليين حول حملته لمزيد من مواعيد الطبيب العام وجها لوجه".
ولدى سؤاله عن أي تاريخ سابق لدعم المسلمين، أجابت زوجته نيابة عنه: "لا يمكن لأحد أن يتهم غوردون بالقفز على العربة [فيما يتعلق بغزة]"، قبل أن يضيف زوجها بهدوء أنه دافع عن حقوق المسلمين أثناء وجوده في مجموعة كشمير البرلمانية التي تضم جميع الأحزاب.
وقال: "إن الجالية الآسيوية تشعر بحزن شديد بسبب الوضع في غزة. لا أحد يريد رؤية الأطفال في أكياس الموتى".
قبالة الشارع الرئيسي المخصص للمشاة في المدينة يقع المقر الرئيسي لحملة رايان، ضمن صورة كبيرة لوجهه المبتسم ملصقة على نوافذ المكتب تحيي رواد الحانة المقابلة عند مغادرتهم.
ورغم اعترافه بالحاجة إلى استعادة بعض الثقة بين الناخبين المسلمين، لا يبدو أن ريان، البالغ من العمر 29 عاما، وهو عضو مجلس محلي في مانشستر الكبرى، يشعر بقلق بالغ إزاء التهديد الذي يشكله بيرتويستل.
وقال ريان وهو يحتسي مشروب "دكتور بيبر" خلال لحظة راحة من طرق أبواب الناخبين: "الحكومة القادمة ستكون من حزب العمال أو المحافظين. هذا هو الاختيار. إنها مهمة الديمقراطيين الأحرار أن يخبروا الناس أنهم قادرون على الفوز. هذه هي خدعتهم الكبيرة، أليس كذلك".
ومع ذلك، فهو حريص بالمثل على عدم الظهور بثقة زائدة عن الحد، مشيرا إلى حقيقة مفادها أن حزب العمال نادرا ما يفوز بأغلبيات ضخمة في الدائرة الانتخابية، على الرغم من فوز مرشحي الحزب لعضوية البرلمان بشكل مستمر من عام 1935 إلى عام 2010.
وقال: "لقد كانت دائما مدينة كان على حزب العمال أن يبذل جهدا للفوز بمقعدها".
وفي الوقت نفسه، قال هيغينبوثام، 34 عاما، وهو أول نائب محافظ في المدينة منذ أكثر من قرن، إنه يعتقد أنه لا يزال في حالة من الترقب، حتى لو كانت استطلاعات الرأي تشير إلى خلاف ذلك.
وأضاف هيغينبوثام، الذي تم انتخابه في عام 2019: "أعتقد أن الديمقراطيين الأحرار فعلوا ما يكفي لوضعهم في المنافسة. إنها معركة ثلاثية الآن. لا أعتقد أن كل [أصوات المسلمين] ستذهب إلى الديمقراطيين الأحرار، ولكن حتى لو حصلوا على النصف، فلا يزال يتعين على حزب العمال العثور على 4000 صوت من مكان ما. إنها معركة صعبة بالنسبة لنا جميعا".