نشرت صحيفة "
إزفيستيا" الروسية تقريرا تحدثت فيه عن تعيين حلف "
الناتو" مارك روته أمينًا عامًا له خلفا لينس ستولتنبرغ، وما يمكن أن يمثله ذلك إزاء سياسة الحلف.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن هذا التعيين لن يؤثر بأي شكل من الأشكال على سياسة الكتلة أو علاقات هذا الهيكل مع روسيا. وحسب المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف من غير المرجح أن يغير هذا الاختيار أي شيء في الخط العام لحلف شمال الأطلسي، الذي يعمل "بهدف القمع الاستراتيجي لروسيا".
وترأس الهولندي مارك روته حكومة بلاده لأربع فترات متتالية منذ سنة 2010. وقبل ذلك، شغل منصب نائب وزير العمل والحماية الاجتماعية بين سنتي 2002 و2004 ومن 2004 إلى 2006 شغل منصب وزير الدولة للتعليم والثقافة والعلوم.
وفي سنة 2006، تم انتخابه زعيما لحزب الشعب الليبرالي من أجل الحرية والديمقراطية وترأس فصيله البرلماني. وفي سنة 2014، بعد ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا، أيّد روته فرض عقوبات مناهضة لروسيا، وأصر لاحقًا على ضرورة تمديدها وتشديدها. بعد شباط/ فبراير 2022، دعا مارك روته إلى فرض عقوبات شخصية على السياسيين الروس. مع ذلك، عشية مؤتمر حل النزاع حول أوكرانيا، الذي عقد في سويسرا، أشار إلى ضرورة مشاركة روسيا في المفاوضات.
آراء الخبراء
نقلت الصحيفة عن الأستاذ في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية إيغور سيرجييف أن "روته يعد مرشحًا وسطيًا مثاليًا تقريبًا لتحالف حديث. في المطبخ الداخلي للحزب، مر تقريبًا بجميع المستويات المؤسساتية في حزب الشعب للحرية والديمقراطية. على مستوى السياسة الخارجية، شارك بنشاط في تشكيل المبادرات الرئيسية لمكافحة الأزمات في الاتحاد الأوروبي على غرار أزمة الديون في منطقة اليورو بين 2012 و2013 ودافع باستمرار عن التوجه الأوروبي الأطلسي لهولندا واتخذ تقليديًا موقفًا حاسمًا فيما يتعلق بتصرفات روسيا سواء في السياسة الداخلية أو الخارجية".
ويرى سيرجييف أن التحالف يريد من خلال تعيين روته إثبات أن سياسته لن تتغير. وسيكون وجه هذه السياسة شخصا يتمتع بسمعة طيبة ويفكر بعقلانية، لكنه في الوقت نفسه يدافع عن قيم التضامن الأوروبي الأطلسي ويتشبث بمواقفه. واستبعد سيرجييف "وقوع
تغييرات في خط حلف شمال الأطلسي خاصة أن التعيين خطوة رمزية. وقد تتغير اللهجة في خطابات الأمين العام لكن لن يكون لذلك تأثير على الوضع العسكري والسياسي".
من جانبه، قال الخبير السياسي الفرنسي إيريك دينيس: "لا أعتقد أن تعيين مارك روته سيغير أي شيء. لقد أصبح حلف شمال الأطلسي حقا في أيدي الأمريكيين. يتمثل دور الأمين العام للكتلة في تجسيد شخصية الناطق بلسان السياسة الأمريكية التي تنتهجها واشنطن من خلال الناتو. لا أعتقد أن مارك روته يمكنه معارضة إرادة واشنطن".
وأضاف دينيس: "بالعودة إلى تاريخ الناتو، غالبًا ما يتولى دور الأمناء العامين لحلف الناتو أشخاص من دول صغيرة، سواء كانت النرويج أو الدنمارك أو هولندا. هذه دول أوروبية لا تتمتع بثقل كبير، ما يجعلها أكثر اعتمادًا على رأي واشنطن مقارنة باللاعبين الأكبر مثل ألمانيا أو فرنسا".
ونقلت الصحيفة عن المحلل الروسي نيكيتا ليبونوف: "الأمين العام مهم، لكنه لا يعد شخصية رئيسية في حلف شمال الأطلسي نظرا لمحدودية نفوذه الحقيقي. بطبيعة الحال، يؤدي وظائف سياسية وإدارية مهمة، حيث ينسق عملية صنع القرار داخل التحالف وعمل الأمانة، ويعمل أحيانًا كوسيط بين الأعضاء في حالة الخلاف". وأضاف ليبونوف أن "قيادة الدول الأعضاء الرائدة، وخاصة الولايات المتحدة، لها تأثير حاسم على سياسات الكتلة. وبالإضافة إلى الإجراءات الرسمية، ينبغي أن يحصل المرشح لمنصب الأمين العام على موافقة ضمنية من رئيس الولايات المتحدة، الذي يتولى منصب زعيم التحالف".
وأوردت الصحيفة أن مارك روته المرشح المثالي لهذا المنصب من وجهة نظر الكتلة باعتباره سياسيا محترفًا يلتزم بالمواقف المناهضة لروسيا ويدعم أوكرانيا بنشاط. وفي الوقت نفسه، فإن روته ليس القائد الأكثر كاريزمية وتميزًا الذي يلبي المتطلبات غير الرسمية للأمين العام. وعلى الرغم من كونه شخصية سياسية غير أنه لا يزال شخصية بيروقراطية.
وأشارت الصحيفة إلى أن سياسة حلف شمال الأطلسي في التعامل مع روسيا لن تتغير مع الأمين العام الجديد لأن هذه السياسة لا تتحدد وفقاً لشخصية قادتها، بل وفقاً للعوامل البنيوية التي يتألف منها النظام الدولي، وعلى وجه التحديد التنافس النشط بين القوى العظمى. وبالنظر إلى أن الأمين العام هو أيضًا شخصية تحظى بالإجماع، فإن موقف روته المناهض لروسيا والمؤيد لأوكرانيا يؤكد مرة أخرى أن مسار الناتو نحو المواجهة مع روسيا سيبقى دون تغيير في المستقبل المنظور.