أثار رفع نجل الرئيس
اليمني الراحل، العميد أحمد علي
عبد الله صالح المقيم في العاصمة
الإماراتية أبوظبي، من قائمة العقوبات الأممية المدرج فيها منذ 9 سنوات هو والده، في الأيام الأخيرة، على خلفية تحالفهم مع جماعة الحوثيين والانقلاب على السلطة الشرعية عام 2014. أسئلة عديدة حول ما بعد هذا الإجراء ودلالاته وتوقيته.
نهاية تموز /يوليو الفائت، تم الإعلان عن إزالة نجل صالح ووالده، الذي لقي مصرعه في معارك مع حلفائه الحوثيين في صنعاء نهاية 2017، من قائمة العقوبات الأممية المفروضة عليهما منذ عام 2015، وشملت العقوبات المنع من السفر وتجميد الأموال.
واعتبرت هذه الخطوة بحسب مراقبين، التي حظيت بدعم مجلس القيادة الرئاسي الحاكم في اليمن، بعدما طالب مجلس الأمن الدولي برفع أحمد علي صالح من قائمة العقوبات، وموافقة
السعودية والإمارات اللذين يقودان التحالف العربي ضد الحوثيين منذ 2015، على أنها "مرحلة تمهد لإعادة القائد السابق لقوات الحرس الجمهوري المنحلة إلى المشهد السياسي، ومنح الفرصة لأداء أدوار مختلفة، استنادا على إرث والده الذي حكم اليمن أكثر من ثلاثة عقود".
"العقوبات ظالمة"
وفي أول حديث له عقب رفع العقوبات عنه، قال أحمد علي صالح؛ إنه "يدعم السلام، وكل خطوة تعزز التقارب والتفاهم بين القوى الوطنية كاغة، وبناء الدولة اليمنية المتماسكة".
وأكد نجل صالح في الكلمة التي نشرتها قناة "اليمن اليوم" المملوكة له، أن العقوبات ظالمة ـ حسب وصفه ـ، وأن فترتها كانت اختبارا حقيقيا للصبر والإرادة والثبات في المواقف، والالتزام بالمبادئ التي تربينا عليها وآمنا بها واسترشدنا بها، وهي المبادئ التي تنطلق من قناعتنا التامة وإيماننا العميق بحق شعبنا في الحياة الحرة الكريمة، وفي الأمن والاستقرار والسلام.
وأشار: "سنظل أوفياء لتلك المبادئ وحريصين من أجل أن يسود السلام ربوع وطننا والمنطقة والعالم، وأن تتحقق لشعبنا تطلعاته في الأمن والاستقرار والازدهار، بعيدا عن الصراعات و الاحتراب والتمزق، وسنكون داعمين لكل جهد يُبذل في ذلك من كل الشرفاء والخيّرين".
كما عبّر السفير السابق لدى الإمارات عن شكره لرئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي، وللسعودية والإمارات على جهودهم في رفع قرار العقوبات الأممية.
"حظوظه كبيرة"
وفي السياق، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء والقيادي بحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم سابقا، عادل الشجاع، أن إزالة نجل صالح ووالده من قائمة العقوبات، يؤكد أن المجتمع الدولي يمضي نحو السلام في اليمن، وأنه لم يعد هناك معرقلون للسلام".
وأضاف الشجاع في حديث خاص لـ"عربي21": "لكن السلام المطروح ليس سلاما شاملا وعادلا، بل هو سلام مجزوء، يحافظ على بقاء الحرب تحت الرماد متى ما أرادوا أوقدوها".
وفيما يتعلق بتوقيت رفع العقوبات عن صالح ونجله، أكد الأكاديمي اليمني أن ذلك يأتي بعد أن وصلوا إلى الصيغة النهائية للاتفاق بين الحوثيين والمملكة العربية السعودية"، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أنه لا يمكن أن نسمي هذا الاتفاق خارطة طريق؛ لأن الخارطة توضح مراحل الاتفاق وأهدافه، وهذا حتى الآن ما زال مجهولا".
وقال؛ إن "الاتفاق أيضا، هو بين دولة خارجية وفصيل يمني لا يمثل اليمن، وهو بنفس الوقت فصيل انقلابي دارت الحرب بسبب انقلابه".
وحسب أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء، فإن "نجل صالح لا يحتاج إلى ترميم؛ لأن إقامته الجبرية خلال سنوات الحرب جعلته يحافظ على يده نظيفة من الولوغ في الدماء، أو حتى المشاركة في التحريض، بسبب ذلك يعد مطلبا لجميع الأطراف".
فيما استدرك قائلا: "لكن السؤال، كيف تفكر هذه الأطراف في التعاطي معه، وهل تريده فعلا عاملا مشتركا للجميع وتغسل به جرائم الأطراف الأخرى، أم تريد استخدامه لحرق صفحته التي حافظ عليها نقية من الدماء خلال فترة الحرب؟".
وأوضح عضو اللجنة العامة بحزب المؤتمر اليمني، أن "حظوظ أحمد علي تظل كبيرة جدا، فيما لو نزل إلى الملعب السياسي بشروطه، وليس بشروط الآخرين".
وأردف: "فهو بالإضافة إلى إرث والده السياسي والعسكري وكذلك الحزبي، ظل بعيدا عن الحرب وما خلفته".
ووفق الأكاديمي الشجاع، فإن نجل صالح يعد الأكثر حظا وقبولا في الشارع الوطني، بل يمكنه أداء دور إقليمي ودولي في استعادة الدولة وإعادة الإعمار".
وقال؛ إن الإجابة النهائية تبقى لديه، وأي الطرق سيسلك، متسائلا بالقول: "وهل سيخضع للضغوط والإملاءات ويقبل بدور جزئي، أم إنه سيفرض شروطه ليتحول إلى رمز وطني يطلبه الجميع للإنقاذ؟"، على حد تساؤلاته
"إرضاء وثمن انكفاء"
من جانبه، قال الكاتب والصحفي اليمني، كمال السلامي؛ إن خطوة رفع اسم صالح ونجله من قائمة العقوبات، يأتي في سياق المساعي الإقليمية والدولية المبذولة حاليا لحلحلة الملف اليمني، وإرضاء كل الأطراف، ومن بينها أسرة الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح.
وتابع السلامي حديثه لـ"عربي21"، أن مطلب رفع العقوبات كان منذ البداية مطلبا لجزء من قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام، ثم تبناه المجلس الرئاسي بعد التحاق طارق صالح ليكون عضوا فيه.
الكاتب اليمني أكد أن "رفع العقوبات عن صالح ونجله، يعني منح أحمد علي حق التحرك والتنقل، ومنح أسرة صالح حق التصرف بأموال الأسرة، التي بلا شك ليست بالقليلة".
وقال: "لكن من وجهة نظري، فإن القرار لا يعني عودة أحمد علي لممارسة العمل السياسي، أو لا يمهد لذلك على الأقل في المرحلة الحالية".
والواضح الآن، وفق الصحفي السلامي، أن هناك توجها لطي كل الملفات العالقة، بما فيها ملف أسرة صالح، وربما يكون هذا الإفراج عن الأموال، هو "ثمن انكفاء الأسرة وتحولها بعيدا عن السياسة، للمضي قدما في خارطة الطريق التي يجري رسمها على مقاس الحوثيين، بعد التحول الكبير في ميزان القوى لصالحهم، والميل السعودي الملحوظ لمهادنتهم والدخول في سلام مستدام معهم".
وأشار السلامي إلى أنه بالرغم من أن هناك حالة من التعاطف الشعبي مع أسرة صالح، خصوصا في السنوات الأخيرة، بعد تزايد معاناة الناس بسبب فشل "المجلس الرئاسي" وعنجهية الحوثي، إلا أن العودة للمشهد السياسي ربما ليست خيارا إقليميا، كما أنه خطوة قد تلقى رفضا حوثيا، ومن بعض الأطراف الأخرى في الشرعية اليمنية".
كما لفت المتحدث ذاته إلى أنه لا بد من الإشارة إلى أن أسرة صالح لم تغب عن المشهد السياسي؛ فطارق صالح موجود في المجلس الرئاسي، ويملك قوات عسكرية، وجغرافيا يسيطر عليها.
وخلص الكاتب والصحفي السلامي، إلى أن هذه الخطوة ربما "تكون لإرضاء أسرة صالح ومنحها ثمن التحول عن عالم السياسة، أما العودة إلى المشهد السياسي فطارق صالح أكثر حضورا، ومع ذلك يظل الأمر في اليمن عُرضة للكثير من المفاجآت"، على حد تعبيره.
وما يزال أحمد علي صالح يشغل منصبا مهما في حزب المؤتمر، الذي كان يتزعمه والده قبيل مقتله على أيدي الحوثيين نهاية 2017، حيث اختير نائبا لرئيس حزب المؤتمر الشعبي العام (الجناح المتحالف مع الحوثيين) في أيار /مايو 2019، لكن دون أن يمارس أي نشاط تنظيمي حزبي، بل انتهج الصمت مع جماعة الحوثي حتى بعد مقتل والده، ودون أن يشير إلى الجماعة في أكثر من كلمة صدرت عنه، خلال الأعوام الماضية.
وكان نجل صالح قد شغل قيادة قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة أيام حكم والده، وهي قوات تتمتع بأحدث التجهيزات العسكرية داخل الجيش اليمني حتى إزاحته من المنصب في 2013، وتعيينه سفيرا لليمن لدى الإمارات التي بقي فيها بعد عزله من منصب السفير.