علق خبراء أمريكيون على الأسباب التي دفعت
الولايات المتحدة إلى استئناف تزويد
السعودية بالأسلحة الهجومية، في أعقاب صفقة جديدة وكبيرة أبرمت بين الطرفين، وعلاقة ذلك بالتطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
ونقلت صحيفة "
وول ستريت جورنال"، الثلاثاء، عن مسؤولين من الولايات المتحدة والسعودية، أن إدارة الرئيس الأمريكي جو
بايدن ستقوم بإرسال ذخائر للسعودية بقيمة تصل إلى 770 مليون دولار.
وأكدت "وول ستريت جورنال"، أن الشحنة تشمل 3000 قنبلة صغيرة القطر من طراز GBU-39s بقيمة 290 مليون دولار. وتعد هذه القنابل، ذات الذخيرة التي تزن 250 رطلاً، قادرة على تنفيذ هجمات دقيقة من مسافات بعيدة، بما في ذلك في المناطق الحضرية.
كما سترسل واشنطن أيضًا 7500 قنبلة من طراز "Paveway IV" بقيمة 468 مليون دولار، وهي ذخائر تستخدم أشعة الليزر أو الأقمار الصناعية لتحديد أهدافها بدقة.
ضغط على إيران
وقال الكاتب والصحفي المتخصص بالعلاقات السعودية الأمريكية، توماس ليبمان، في تصريح لـ"عربي21"، إن الصفقة جاءت في هذا التوقيت تحديدا لزيادة الضغط على إيران، مستبعدا في الوقت نفسه أن يحدث التطبيع بين السعودية و"إسرائيل".
وأضاف ليبمان قائلا: "التطبيع لن يحدث أبدًا على أي حال، ولم يكن السعوديون بحاجة إلى القيام بذلك".
ومعلقا على علاقة الصفقة الجديدة بالهجمات التي تشنها بريطانيا وأمريكا ضد جماعة الحوثي، يعتقد ليبمان أن السعودية سيكون لها دور في ذلك أيضا، مضيفا: "ليس لدى السعوديين ما يخسرونه إذا كثفوا أعمالهم ضد الحوثيين".
ريبيكا هاينريش مديرة مبادرة كيستون للدفاع، قالت في مقال لها في صحيفة "ذا هيل"، إن "الولايات المتحدة تُركز على الصين باعتبارها التهديد المتسارع، ونحن نسعى بحق إلى إعادة توجيه تخطيطنا وعملياتنا الدفاعية لردع العدوان الصيني في المحيط الهادئ".
واستدركت هاينريش بالقول: "لكن هذا لا يعني أننا نستطيع أن نتحمل غسل أيدينا من المسارح الأوروبية أو الشرق الأوسط، إن الولايات المتحدة لا تزال مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بسوق الطاقة العالمية، ولا يزال حلفاؤنا الآسيويون يعتمدون على النفط الخليجي".
وأوضحت الكاتبة في مقالها الذي ترجمته "عربي21"، أن "سوق الطاقة يُشكل عاملاً حاسماً في الجغرافيا السياسية، وإيران هي السبب الأعظم للعنف والاضطرابات في الشرق الأوسط، وقد استخدمت قدرتها على التأثير على توافر الطاقة وأسعارها من خلال التهديد بإغلاق مضيق هرمز".
ولفتت إلى أن "السعودية تقود تحالف الخليج في مجال الأمن البحري للحفاظ على ممرات الشحن الحيوية مفتوحة، وإذا فقدت واشنطن وحلفاؤها ومنهم السعودية السيطرة على أمن تلك الممرات الملاحية، فإن دولاً مثل إيران وشركائها الجريئين على نحو متزايد ــ القوى النووية الكبيرة الصين وروسيا ــ سوف تكتسب قوة كبيرة لابتزاز وإكراه الولايات المتحدة وحلفائنا بشكل أكثر فعالية".
وقالت إن "إيران تمول وتسلح الحوثيين في اليمن، وإذا نجحت في مساعدتهم في السيطرة على اليمن، فإنها ستسيطر على المنطقة المتنازع عليها على طول باب المندب، إحدى نقاط الاختناق النفطية الحيوية في العالم".
ووفقا للكاتبة فإن "السعودية والإمارات تتعاونان لإحباط الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، وإن الشراكة بين دول الخليج والولايات المتحدة ضرورية لمواجهة إيران".
وقالت إنه "خلال الإدارة السابقة، دعمت الولايات المتحدة التحالف من خلال بيع الأسلحة الهجومية والدفاعية وتقديم المشورة العسكرية، ولكن عندما تولى الرئيس بايدن منصبه، أنهى الدعم الأمريكي للعمليات الهجومية، بما في ذلك بيع الذخائر الموجهة بدقة إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. الآن، نحن نقدم أنظمة دفاعية فقط".
رويترز قالت إنه "بموجب القانون الأمريكي، يتعين على أعضاء الكونجرس مراجعة الصفقات الدولية الكبرى للأسلحة قبل أن تصبح نهائية، وقد تساءل المشرعون الديمقراطيون والجمهوريون عن توريد الأسلحة الهجومية للسعودية في السنوات الأخيرة".
"مشيرين إلى قضايا من بينها الخسائر التي لحقت بالمدنيين في حملتها في اليمن ومجموعة من المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان، ولكن هذه المعارضة خفتت في ظل الاضطرابات في الشرق الأوسط في أعقاب هجوم حماس المميت في 7 أكتوبر/تشرين الأول على إسرائيل وبسبب التغييرات في سلوك الحملة في اليمن".
دعم "إسرائيل"
ويأتي هذا القرار في وقت تعيش فيه المنطقة توتر حاد، عقب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، الأمر الذي أثار الغضب الإيراني، حيث أعلنت طهران عن نيتها الرد على هذه العملية.
لكن لا زالت إيران لم تُحدد مكان وزمان ردها على الاحتلال الإسرائيلي، الأمر الذي يترك واشنطن وتل أبيب التي طالبت بتشكيل تحالف من دول غربية وعربية لصد الهجوم الإيراني، أمام خيارات مفتوحة، ما يدفع للتساؤل حول ما إذا كانت هناك علاقة لهذ التوتر مع إيران باستئناف واشنطن تزويد السعودية بالأسلحة الهجومية.
أما بريان كلارك زميل أول في معهد هدسون الأمريكي، فقال إن "الولايات المتحدة تحتاج إلى المملكة العربية السعودية لدعم "إسرائيل في أثناء صراع محتمل مع إيران، بما في ذلك السماح بعمليات الدفاع الجوي الأمريكية والإسرائيلية فوق المملكة العربية السعودية. في المقابل، تريد المملكة العربية السعودية استئناف تلقي الأسلحة الهجومية من الولايات المتحدة".
وقال كلارك في تصريح لـ"عربي21"، إنه "رغم الحظر، فقد كانت السعودية تدعم الهجمات الأمريكية ضد الحوثيين؛ لأنهم أعداء لها أيضًا. لكن من المحتمل أن تستفيد الولايات المتحدة من التعاون الاستخباراتي الإضافي مع السعودية والقدرات والهجمات السعودية ضد مواقع الحوثيين عندما لا تتمكن القوات الأمريكية من الوصول إليها في الوقت المناسب".
بدوره، قال نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي السابق للشرق الأستاذ مايكل مولروي، في حديث لـ"عربي"21، إن الصفقة بين واشنطن والسعودية ترجع إلى عدة أسباب، أولاً، أصبحت الحرب مع إيران للأسف أكثر احتمالية، ويجب أن تكون السعودية مستعدة للدفاع عن نفسها. وأن تكون شريكًا قادرًا تمامًا.
ثانيًا، من المرجح أن يكون ذلك جهدًا للمضي قدمًا في المفاوضات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وكانت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قد علقت في أواخر 2020 مبيعات الأسلحة الهجومية إلى السعودية، وسط مخاوف بشأن الخسائر الناجمة عن الحرب التي قادتها السعودية ضد الحوثيين في اليمن، وأسفرت عن مقتل الآلاف من المدنيين.
وفي ربيع 2022، انتهت المعارك بهدنة توسطت فيها الأمم المتحدة، حيث استمرت بعد انقضاء فترتها المتفق عليها.