تبدو الأغلبية في الشمال السوري
المحرر متفائلة واثقة بالنصر، في ظل معطيات داخلية وخارجية مشجعة، إن كان من حيث
حرص الغالبية على العمل العسكري والخدماتي، أو من حيث الظروف الدولية التي تخيم
على المنطقة والعالم، بعد أن بدأ حلف النظام السوري يتعرض لانتكاسات وضربات قوية،
كحال إيران وما تعرضت له أخيرا من إذلال صهيوني، فابتلعته وكأن شيئا لم يحدث، وهي
التي وعدت وتوعدت بالرد القاسي والمدمر، وكذلك بما يحدث على جبهة أوكرانيا حيث
شاهد الجميع اقتحام المقاتلين الأوكران للأراضي الروسية وفتكهم بالجنود الروس
ممرغين أنوفهم بالتراب، الأمر الذي قد يوفر فرصة ذهبية للثورة السورية، حيث انشغال
سدنة وداعمي النظام السوري عن دعمه ومساندته، سيجعله مكشوفا لثورة شعب لا تزال غضة
فتية، تنتظر لحظة انكسار حلفاء النظام، بعد أن تخلى حلفاؤها عنها.
جاء تخريج الدفعة الأولى من كلية
الشرطة في وزارة الداخلية التابعة لحكومة الإنقاذ أخيرا، حيث وصل العدد إلى 300
ضابط وضابط صف وأفراد، ليرسل رسائل قوية للداخل السوري المحرر، وللمناطق السورية
المحتلة. فعلى صعيد الداخل السوري جاءت رسالة تثبيت للمحرر مؤسساتيا، بحيث أن
المقاتل على الجبهات لن يكون مشغولا بالأمن من خلفه، بعد أن تمكنت هذه المؤسسات
وغيرها من الضخ بالأفراد المهنيين والمحترفين. مثل هذا التخريج عجزت عنه كيانات
الأسد وقسد وغيرهما، والكل رأى استهداف الكلية الحربية في حمص حين كانت العصابات
الطائفية تخرج ضباطها فاستهدفتها المسيرات، فقد بدا الجيش والضباط عاجزين عن حماية
أنفسهم، فكيف يكونون قادرين على حماية من يوصف ببلدهم وشعبهم؟
اليوم ثمة خطر عظيم يتهدد
الثورة
السورية وهو الطابور الخامس، وعلى الجميع الوقوف بوجههم، وتعريتهم، وكشفهم، وكشف
عمالتهم وخيانتهم، حيث يتظاهرون بالثورية، والثورة براء منهم، فبعد أن سعوا فاشلين
إلى ضرب رموز ثورية، ظهرت جرأتهم اليوم على رموز ثورية كانت وستزال محل إعجاب
الغالبية إن لم نقل كل الثوريين المخلصين في
سوريا وداعميها في الخارج، من أمثال
قائد جيش الأحرار أبي صالح الطحان، وقائد جيش العزة الرائد المنشق جميل الصالح،
وهي محاولات رخيصة هدفها نزع الثقة بهذه الرموز، بينما فحيح الأفاعي مجهولي الحال
والنسب ولا يُعرفون عن أنفسهم؛ يكتفي ذبابهم وطنينهم من وراء أزرار الكمبيوتر
والشاشات بنفث خبثهم وفسادهم وإجرامهم، وخدمتهم للأجنبي، لا لشيء إلّا للفتّ في
عضد هذه الثورة المباركة، وعضد رموزها المعروفين.
إن وصيتنا لكل سوري ثوري أو داعم
للثورة السورية، ألّا تأخذوا خبر ثورتكم إلا من المعروفين أبا عن جد، فكما أنه قيل
إن هذا العلم دين فانظروا عمّن تأخذون دينكم، فنقول إن هذه ثورة ثمنها مليون شهيد
ونصف مليون معتقل و14 مليون مشرد وخراب ودماء وجرحى وأرامل وأيتام، فانظروا عمن
تأخذون خبر ثورتكم..
لا تيأسوا، ولا تملوا، ولا تهنوا،
ولا تتكاسلوا، أيها الأحرار افضحوا هؤلاء المجاهيل الذين يواصلون طنينهم وأذاهم
لثورتكم وقادتها، وابقوا متفائلين بنصر الله، وعلى وديعة الشهداء قائمين، وتذكروا
ما قاله ابن الجوزي رحمه الله: "إن الخيل إذا شارفت نهاية المضمار، بذلت
قصارى جهدها لتفوز في السباق، فلا تكن الخيل أفطن منك". وكما قال ابن تيمية
رحمه الله: "العبرة بكمال النهايات لا بنقص البدايات، فإنك إن لم تُحسن الاستقبال
لعلكَ تحسن الوداع.. فإنما الأعمال بالخواتيم".