ناقش المعلّق في صحيفة "
التايمز" البريطانية، روجر بويز، عبر مقال له، على مخاطر توسيع منظمة
بريكس، وهي المنظمة التي أنشأتها
البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا عام 2009.
واستفسر بويز، خلال
المقال نفسه، الذي ترجمته "عربي21"، بالقول: "هل هذه مجرد صفقة تجارية؟ تقدّم فيها إيران صواريخ فاتح 360 لروسيا كي تدمر المجمعات السكنية الأوكرانية، مقابل شحنات من فول الصويا إلى إيران ومساعدتها على تجنب الحصار؟ وماذا عن المقاتلات
الصينية التي تحلق فوق الأهرامات في مصر كجزء من مناورة عسكرية مشتركة وهل هي جزء من إعادة النظر في أمن البحر الأحمر؟".
وأوضح أنّه: "علينا الحديث عن اقترانات غريبة، فعندما قام بنك غولدمان ساكس بنحت اسم "بريكس" في عام 2001، كان يهدف لتحذير المستثمرين ولفت نظرهم إلى مجموعة مهمة من الدول النامية بشكل سريع، وتتمتّع بثروات معدنية وأعداد كبيرة من السكان وسرعة معينة في التحرك".
"بعد عقد من الزمان، انضمت
جنوب أفريقيا إلى البرازيل وروسيا والهند والصين، في تأكيد منها بأن القارة الأفريقية لا بُد وأن تكون جزءا من هذا المزيج، ولو لمجرد قيمتها الجيوسياسية على طول طرق التجارة بين الغرب والشرق" تابع الكاتب نفسه، مردفا أن: "مجموعة البريكس كانت مجموعة مثيرة للاهتمام من الدول، ولم يتوقع العديد من المحللين أن تبقى هذه الدول على قيد الحياة، تعمل بوئام وبخاصة في ظل التنافس بين
الهند والصين".
وأضاف: "لم يكن هناك أي سبيل معقول يدعو للتفكير بأنّ النادي هذا سيكون له أثر دبلوماسي واضح؛ ومع ذلك فقد تكشفت في هذا الأسبوع النسخة الموسعة من البريكس وظهرت ألوانها الحقيقية في مؤتمر استراتيجي عقد في سانت بطرسبرغ الروسية، جمع وزراء خارجية الدول الأعضاء، بمن فيهم الوزير الصيني الماكر وانغ يي إلى جانب مستشاري الأمن القومي وكبار الشخصيات في صناعة الدفاع".
وأكّد: "سوف يتّبع ذلك الشهر المقبل قمّة كاملة برئاسة فلاديمير بوتين، وبحضور الرئيس الصيني شي جين بينغ على الطاولة. ويقول بويز إن النادي تحول فجأة إلى محور ضم إليه عددا من الأعضاء الجدد مثل السعودية ومصر وإثيوبيا وإيران والإمارات العربية المتحدة، وهو ما أصبح يطلق عليه بريكس+".
وأشار بويز، خلال
المقال نفسه، إلى أنّ "هناك دعوات أخرى في الطريق، بما في ذلك صربيا الصديقة لبوتين وتركيا العضو في حلف شمال الأطلسي. وسوف تضم مجموعة البريكس أعضاء في أوبك وثلاث قوى نووية على الأقل وبعض أعضاء منظمة التجارة العالمية، وكلها ترقص، على أنغام مبادرة الحزام والطريق الصينية. وبإلهام من تحدي بوتين لحلف شمال الأطلسي الداعم لأوكرانيا".
واسترسل بالقول: "قد أصبحت المجموعة مسلحة، فهل يمكن أن تكون هذه المجموعة معادلا للناتو في الجنوب العالمي، أو تحالفا متماسكا مناهضا مستعدا للتعامل مع إدارة أمريكية بقيادة دونالد ترامب والتحول نحو الشرق؟"، متابعا بأن "المجموعة الرباعية الأصلية لبريكس، كانت مكونة من دول تفكر بنفس الطريقة وسئمت من الخضوع لمؤسسات تتحكم بها أمريكا، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي".
وأبرز أنه: "في وقت ثار فيه الشك من استعراض القوة العسكرية الأمريكية. ترفض هذه المجموعة، المبدأ القائل بأن التحالف عبر الأطلنطي هو النقطة المحورية للعالم، وتقول إن المحيطين الهندي والهادئ هما اليوم الأكثر أهمية، فضلا عن طرق التجارة البحرية ونقاط الاختناق فيهما"، مؤكدا أن "هذه هي النقطة التي تعتقد دول البريكس أنها تتميز بها على الحلف الأطلنطي".
"سيتحدث مؤتمر البريكس في هذا الأسبوع عن انفتاح الصين على أفريقيا وعن المعدات العسكرية القاتلة التي يتم اختبارها على الطريق في حرب
روسيا ضد أوكرانيا وعن تكنولوجيا المراقبة التي تستخدمها الصين ودول الخليج والتي يمكن أن تعمل على تحسين معدلات بقاء الأنظمة الاستبدادية" تابع الكاتب نفسه، مبرزا أن "هناك أيضا تدفقا مستمرا من التحليلات داخل مجموعة البريكس لساحات المعارك في أوروبا والشرق الأوسط وعملية التعلم بشأن الدفاعات الجوية والحرب الإلكترونية".
وفي السياق نفسه، قال الكاتب إن "الخبراء في حلف الناتو يستهينون بفكرة بريكس+ وقدرتها على التحول إلى تحالف قتالي. وسأل أحد الجنرالات الذي تحول الآن للقطاع المدني الكاتب: أين القيادة المركزية؟ أين القضية المشتركة؟ وهو محق في سؤاله، فبعض أنشطة مجموعة البريكس يمكن تعريفها بأنها شبه قتالية".
وتابع: "عندما تشارك الصين في المناورات مع بيلاروسيا، فإن ذلك من أجل قياس درجة قوة البلد وربما فحص ولاء جيشه لبوتين، وربما لا تريد الصين التوصل إلى استنتاجات لنفسها من الحرب. وإذا كان هناك أي شيء، فإن التعلم يأتي من مراقبة حرب المناورة والمقاومة التي قد تنطبق على المواجهة مع تايوان. ومن هنا تتعلم الصين من أخطاء روسيا".
إلى ذلك، يرى الكاتب أن "قوّة مجموعة بريكس+ لا تنبع فقط من قوتها العسكرية بل وبتحولها إلى كارتل مؤثر قد يهز قدرة الغرب، فهو يسيطر على قدرات معدنية مهمة في العالم. ولدى الكارتل القدرة على تطوير قدرات معدنية ضرورية للحرب، ذلك أن البرازيل والصين وروسيا وجنوب أفريقيا، هي دول تلعب دورا مهما ورئيسا في الصناعات المعدنية، فيما تخطط السعودية لأن تصبح قوة تعدينية في المستقبل".
وأضاف بأنه "إذا انضمت جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى النادي، فسوف تضاف احتياطياتها الضخمة من الكوبالت إلى هذا الخليط. وإذا انضمت تشيلي، فسوف يصبح النحاس والليثيوم جزءا من بطاقة تعريف مجموعة البريكس. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى احتكار الكارتل المواد اللازمة للألواح الكهروضوئية وطواحين الهواء، والسيارات الكهربائية"، مردفا أنه "بالتالي فنحن أمام تحالف يتمتع بالقدرة على التحكم في وتيرة التخلص من الانبعاثات الكربونية على مستوى العالم".
"لكن كارتل المعادن لن يكون قادرا فقط على تحديد سعر ثورة الطاقة بل وتحديد مستقبل تحديث الأسلحة"، استرسل المقال نفسه، مشيرا إلى أن "المملكة العربية السعودية قد اشترت حصّة في مجموعة برازيلية تنتج إسفنج التيتانيوم، وهو مكوّن أساسي في الغواصات الروسية التي تسعى إلى الغوص بشكل أعمق، وفي محركات الطائرات، وفي تحديد مواقع الأقمار الصناعية في الفضاء".
وأضاف: "أما بالنسبة لسبائك البلاتين المدمجة في محركات الطائرات والصواريخ، والتي تستخدم في كل مكان في الطلاء المغناطيسي لمحركات الأقراص الصلبة للكمبيوتر، فهي في أيدي روسيا التي تتحكم بنسبة 12.8 في المئة من الإنتاج العالمي، وفي يد جنوب أفريقيا التي تتحكم بنسبة 66.7 في المئة من الإنتاج العالمي".
وفي السياق نفسه، علّق بويز، بالقول: "حتى لو لم يصل الأمر إلى كابوس الخيال العلمي المتمثل في جيش روسي صيني مشترك، فإن دول البريكس + تسير في الطريق نحو تأكيد ميزة عسكرية محددة".
ويعتقد الكاتب، أن "الطّريقة لكسر مخالب بريكس+ هي إضعاف الرابطة بين الصين وروسيا حيث يتم خرق العقوبات المفروضة على روسيا وآلتها الحربية. فقد فرضت الولايات المتحدة عقوبات ثانوية على البنوك والشركات الصينية التي كانت عملت على استمرار التجارة بين البلدين، وقد أحدث هذا بعض التأثير، وحتى الآن، أدت كل عقوبة غربية إلى ولادة حل بديل، مثل مبيعات الذهب والوسطاء في هونغ كونغ وحركة المرور عبر الحدود التي تمر تحت الرادار".
واختتم الكاتب
المقال نفسه، مبرزا أن "توسيع مجموعة البريكس يجعل هذه العمليات أسهل ويسمح لبوتين بالإفلات من العقاب على جرائمه".