أكد رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح،
أن التقارب
المصري التركي يسهم في حلة الأزمة الليبية، ويسهل عملية إخراج القوات
الأجنبية، وذلك بعد زيارة الرئيس المصري، عبدالفتاح السياسي لأنقرة وتوقيع عدد من
الاتفاقيات ومذكرات التفاهم. ولم يفصل عقيلة صالح كيف يمكن أن يسهم التقارب بين
القطبين الإقليميين في حل الأزمة إلا بالإشارة إلى منع وقوع مواجهات واسعة مرة
أخرى، بعد الحرب التي شنتها القيادة العامة التابعة للبرلمان الليبي بدعم مصري على
العاصمة طرابلس في أبريل 2019م.
القفزة في العلاقة بين القاهرة وأنقرة
كبيرة، وتأتي بعد قطيعة دامت زهاء العقد، وأهمية هذا التطور في العلاقات أنه يهدف
إلى نقلها إلى مستوى استراتيجي، وهذا في حد ذاته مهم لليبيا، ذلك أن الطرفين
يشكلان ثقل كبيرا في معادلة التدافع بين المتنازعين في الداخل الليبي، فمعروف حلف
القاهرة مع الجبهة الشرقية، ومعلوم كذلك دعم أنقرة للجبهة الغربية في البلاد.
غير التقدم في العلاقات بين البلدين لم يمس
بشكل مباشر خلافهما حول الازمة الليبية، إذ تتحفظ مصر على الوجود العسكري التركي
في الغرب الليبي، ولا تطمئن
تركيا إلى العلاقة بين مصر والجبهة الشرقية في
ليبيا،
وهذه مسائل لا يمكن حلها لمجرد التقاء مصالح البلدين في مناطق أخرى.
صحيح أن هناك اتجاها للتفاهم بين البلدين
بخصوص النزاع الذي تفجر حول إدارة المصرف المركزي، غير أن تعيين محافظ بالتوافق لا
ينهي النزاع الليبي الذي يتمحور في أحد أهم جوانبه حول عوائد النفط، وحول شكل
وشرعية السلطة التي يسند لها إدارة تلك العوائد، وهذا لا يمكن الجزم بإمكان الوصول
إليه عبر تفاهمات بين مصر وتركيا في المدى القصير.
القفزة في العلاقة بين القاهرة وأنقرة كبيرة، وتأتي بعد قطيعة دامت زهاء العقد، وأهمية هذا التطور في العلاقات أنه يهدف إلى نقلها إلى مستوى استراتيجي، وهذا في حد ذاته مهم لليبيا، ذلك أن الطرفين يشكلان ثقل كبيرا في معادلة التدافع بين المتنازعين في الداخل الليبي، فمعروف حلف القاهرة مع الجبهة الشرقية، ومعلوم كذلك دعم أنقرة للجبهة الغربية في البلاد.
مصر دعمت محور طبرق ـ الرجمة لأسباب أهمها
أن ليبيا تمثل عمق استراتيجيا لمصر، وأمنها القومي بمفهومه العام والواسع يرتبط
بليبيا، ولأنها أيضا أرادت تصدير تجربتها في الحكم العسكري لليبيا، كضمان لتحقيق
أهدافها وتأمين استقراراها، اما تركيا، فبالإضافة إلى مصالحها الاقتصادية، فقد ترآت
لها ليبيا كفرصة للدخول على خط تحالف دول شرق المتوسط المتعلق بالنفط والغاز
وتعكير صفوه، وذلك بتوقيع اتفاقية ترسيم الحدود والنفوذ الاقتصادي مع حكومة الوفاق
الوطني العام 2019م.
تركيا نجحت في أن تفرض واقعا جديدا بالنسبة
لنفوذها في شرق المتوسط من خلال قرارها دعم الجبهة الغربية وقوفا في وجه قوات حفتر
التي تأيدها مصر، وهي اليوم تحاول من خلال تعزيز العلاقة مع مصر ومع الجبهة
الشرقية في ليبيا التقدم خطوة أكبر على مسار خطتها المتعلقة بأزمة نفط وغاز شرق
المتوسط، فالاتفاقية تحتاج مصادقة مجلس النواب في الشرق الليبي، كما لا يمكن أن
تكون نافذة دون تفاهمات مع مصر.
على الجهة المقابل، مصر باتت في حاجة إلى
مساندة تركية في ملفات شديدة الحساسية والتعقيد، فهناك الضغوط الغربية الإسرائيلية
على القاهرة بخصوص مقاربة تفكيك الأزمة الفلسطينية، وتحديدا غزة، ومعلوم أن تركيا
تقف موقفا أكثر حزما قياسا بمختلف العواصم العربية، أيضا يغري الحضور التركي في
القرن الافريقي القاهرة التي تواجه أثيوبيا بخصوص سند النهضة، ودخلت على خط النزاع
الصومالي الاثيوبي، ومعلوم تأثير أنقرة على دوائر اتخاذ القرار في مقديشيو، أيضا
هناك النزاع في السودان والذي افترقت فيه مصر مع الإمارات، وتلقى الدبلوماسية التركيبة
ترحيبا في السودان، ويبدو أنها محل رضا وقبول مصري.
والسؤال هو : هل يمكن أن يؤدي تطور العلاقات
بين البلدين وفق مقاربة استراتيجية جيوسياسية واقتصادية وأمنية إلى المساهمة بشكل
مباشر في حل النزاع الليبي؟!
الإحابة بنعم على السؤال السابق رهن بعاملين
أساسيين: الأول هو موقف وتوجه الأطراف الدولية المتورطة والمعنية بالأزمة الليبية،
والإشارة هنا إلى روسيا، والغرب الذي يجمع الولايات المتحدة والدول الأوروبية،
والثاني هو إمكانية اتفاق مصر وتركيا حول مسألة نفط وغاز شرق المتوسط.
بالنسبة لموضوع شرق المتوسط، فإن الرسالة
الإيجابية تكون من خلال اتجاه القاهرة إلى دمج أنقرة في منتدى شرق المتوسط للطاقة،
بأي صيغة أو صفة ممكنة، وستكون هذه الخطوة تطورا مهما بالنسبة لتركيا، أما مسألة
الموقف الدولي من الأزمة الليبية، فإنه من غير المحتمل أن تترك موسكو والعواصل
الغربية للقاهرة وأنقرة التفرد بمقاربة تفكيك النزاع الليبي، فروسيا تنظر لوجودها
في الشرق والجنوب الليبي نظرة استراتيجية كونه بوابة العبور لإفريقيا، وهذا يشكل
قلقا للغرب الذي يجعل مطلب احتواء التمدد الروسي ضمن أي تسوية للأزمة الليبية، وبالتالي
فإن التقارب المصري التركي يتطلب تنسيقا مع الأطراف الدولية وتوفيقا بين مواقفها،
وهو ما يزال مفقودا إلى هذه اللحظة.