اقتصاد دولي

كيف يمكن للسعودية أن تخلق أزمة للاقتصاد الروسي؟

تحاول السعودية إبقاء سعر النفط فوق مستوى 100 دولار للبرميل- جيتي
نشر موقع "بيزنس إنسايدر" تقريرًا يسلط الضوء على احتمالية مواجهة الاقتصاد الروسي تحديات كبيرة مع انخفاض إيرادات النفط في حال خفضت السعودية أسعار النفط العالمية، حيث قد تسعى المملكة إلى خفض الأسعار إلى 50 دولاراً للبرميل كإجراء عقابي ضد الدول غير الملتزمة بخفض الإنتاج في "أوبك+"، لكن هذه الخطوة لها تداعيات سلبية قد تؤدي إلى حرب أسعار جديدة بين روسيا والمملكة.

وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن اقتصاد الحرب الروسي قد يواجه صعوبة في تأمين عائدات النفط اللازمة إذا ما قامت السعودية بتخفيض أسعار الخام العالمية.

وقد أفادت التقارير بأن المملكة قد تخفض سعر الخام إلى 50 دولارًا للبرميل إذا لم تلتزم منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بخفض إنتاج النفط.

بعبارة أخرى، تلمح الرياض إلى أنها قد تغرق السوق بإمدادات النفط، ومن شأن هذه الخطوة أن تخفض الأسعار وتعاقب أعضاء أوبك الذين لم يتعاونوا في خفض تدفقات النفط، بما في ذلك روسيا.

وبحسب لوك كوبر، الزميل الباحث في كلية لندن للاقتصاد، فإن بيئة منخفضة الأسعار في أسواق النفط قد تؤثر على قدرة روسيا على تمويل حربها على أوكرانيا.



وأكد الموقع أن السعودية، القائد الفعلي لمنظمة أوبك، تحاول إبقاء سعر النفط فوق مستوى 100 دولار للبرميل من خلال الضغط على الدول الأعضاء لخفض الإنتاج.

ولكن ذلك لم ينجح مع تأرجح سعر الخام الدولي دون مستوى 80 دولارًا، ولتغيير هذه الإستراتيجية قالت مصادر لمجلة "فاينانشيال تايمز" إن الرياض تخطط الآن لإغراق السوق بحلول كانون الأول/ديسمبر.

ووفقًا لسايمون هندرسون، مدير برنامج برنشتاين حول الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن، فإن السعودية سئمت، فقيادة أوبك مسؤولية متعددة الأوجه يمكن أن تنجح جدًّا، ولكنها أيضًا صعبة للغاية في بعض الأوقات.

وتُصنف بيانات وكالة ستاندرد آند بورز العالمية للتصنيف الائتماني روسيا ضمن المنتجين المفرطين في أوبك+، فقد أنتجت موسكو 122 ألف برميل فوق حصتها اليومية في تموز/يوليو، وفقًا لآخر بياناتها المتاحة.

معضلة الكرملين

وأوضح الموقع أن موسكو تواجه ضغوطًا لتحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح؛ حيث أدت حربها في أوكرانيا إلى تضخم الإنفاق الدفاعي والأمني خلال ثلاث سنوات من الحرب، وستستحوذ هذه القطاعات مجتمعة على 40 بالمئة من إجمالي النفقات الفيدرالية في روسيا السنة المقبلة.

وتعتمد مالية روسيا بشكل كبير على عائدات النفط. فقبل بضع سنوات، كان إنتاج الغاز والنفط يشكل ما بين 35 و40 بالمئة من إيرادات ميزانية البلاد، حسبما قال وزير المالية الروسي هذا الأسبوع.

ولهذا السبب كان الغرب يركز بشدة على الحد من أرباح النفط الروسي، حيث سعت مجموعة الدول السبع لوضع سقف سعري على خام موسكو بلغ 60 دولارًا، وعلى الرغم من أن المبادرة التي استمرت عامين لم تؤت ثمارها، إلا أنها كانت تعتبر مفتاحًا للحفاظ على استقرار إمدادات النفط مع حرمان الكرملين من الإيرادات التي يحتاجها بشدة.

وقد تمكنت روسيا من التحايل على ذلك باستخدام ناقلات "الظل" غير المسجلة، ولكن قد يكون من الصعب التغلب على تهديد الرياض بتخفيض سعر البرميل إلى 50 دولاراً للبرميل.



وقد تتدهور الأمور إذا أدت إستراتيجية الإغراق السعودية إلى إشعال حرب أسعار النفط بين روسيا والمملكة، وقد وقع حدث مماثل لذلك في سنة 2020؛ فقد دفعت خلافات خفض الإنتاج في تلك السنة كلا البلدين إلى زيادة الإنتاج، واختبار من يمكنه الصمود لفترة أطول في بيئة انخفاض الأسعار هذه.

وأشار الموقع إلى أن احتياطيات النقد الأجنبي تصبح ضرورية في مثل هذه الحالات، وهو أمر إشكالي بالنسبة لروسيا، فقد انخفض صندوق الثروة الوطنية الروسي إلى النصف تقريبًا في بداية السنة الجارية، ولم تعد روسيا قادرة على الحصول على العملات الغربية لتنويع احتياطياتها من النقد الأجنبي.

وتساءل الموقع عما إذا كان الرئيس فلاديمير بوتين سيرغب في الانخراط في حرب أسعار مع الرياض، نظرًا إلى أولوياته الأخرى الأكثر إلحاحًا، رغم تصريح نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك بأنه من غير الواضح ما إذا كان ينبغي على منظمة أوبك زيادة إنتاج النفط في كانون الأول/ديسمبر، كما أشارت المملكة.

وأكد الموقع، في ختام التقرير، على أن حرب الأسعار المحتملة ستشكل خبرًا سيئًا لروسيا إذا اتجهت الأمور نحو الأسوأ، وبحسب كوبر فإن استخراج النفط الروسي ليس رخيصًا، مما يجعلها غير مهيأة للتعامل مع ظروف انخفاض الأسعار، وهذا قد يؤدي إلى تصعيد قصير الأجل لحرب روسيا على أوكرانيا، مما يتطلب نجاحات سريعة في ساحة المعركة قبل انخفاض أسعار النفط في السوق.