تتساقط الثلوج بغزارة على الشارع المزدحم فتتكون طبقة بيضاء تخفي الخطوط الانسيابية لسيارة من نوع دودج تشالنجر إنه طراز يعد رمزا لعشق الأمريكيين للسيارات عالية الأداء.
لكن هذه ليست نيويورك ولا مونتريال ولا طوكيو بل تبريز التي تقع في
إيران والتي يمكن أن ترى فيها أحدث
السيارات الأمريكية في بلد مازال يمنع دخولها على نطاق واسع.
قبل ثورة 1979 كانت إيران سوقا مزدهرة للسيارات والشاحنات أمريكية الصنع لكن مزيجا من العقوبات الأمريكية التي تمنع معظم أشكال التجارة وقيود تفرضها إيران نفسها يمنع بيع تلك السيارات.
غير أنه منذ العام الماضي يظهر في تبريز مئات من السيارات الأمريكية والأوروبية الأكثر رواجا قادمة من منطقة تجارة حرة في الجوار قرب الحدود مع أرمينيا وأذربيجان لتضرب مثلا جديدا على أن العقوبات نادرا ما تنجح في وقف تدفق المنتجات الفاخرة.
وينشر التجار وأصحاب السيارات وهواتها صورا ومقاطع فيديو عديدة على الانترنت مثل تلك التي نرى فيها السيارة تشالنجر المغطاة بالثلوج في شهادة حية على عدد سيارات الشريحة العليا التي تظهر في المنطقة.
وهي دليل واضح أيضا على الإمكانيات الهائلة بالسوق الإيرانية لعمالقة صناعة السيارات الأمريكيين إذ أفضى اتفاق مبدئي بين طهران والقوى العالمية إلى تسوية دائمة بشأن البرنامج النووي لإيران ورفع العقوبات التجارية.
يقول محمد وهو مدير مبيعات بواحدة من حوالي 20 شركة تجلب السيارات الأمريكية إلى إيران "أصبحنا نرى سيارات مدهشة هنا، والإقبال هائل لأن السيارات الأمريكية لم تكن تدخل إيران لسنوات عديدة، إنه عمل جيد لنا".
تأسست منطقة ارس الحرة قبل ثماني سنوات في شمال غرب إيران وبدأت السماح باستيراد السيارات من العام الماضي لتحتل موقعا متقدما كمنفذ مهم للتجارة إذا استمرت الانفراجة الدبلوماسية بين إيران والغرب.
وفي حين تحظر إيران استيراد السيارات من الولايات المتحدة التي قطعت العلاقات في 1980 بعد أخذ دبلوماسييها كرهائن، تستفيد ارس من إعفاء يسمح باستيراد السيارات من بلدان ثالثة بضرائب منخفضة أو بدون.
وتقول شركات إن أكثر من 1500 سيارة بيعت في ارس منذ النصف الأول من 2012. وأكثر من نصف ذلك الرقم سيارات أمريكية مثل شيفروليه وجي.ام.سي وكاديلاك وفورد ودودج.
وتظهر صور على الانترنت سيارات أمريكية جديدة بلوحات منطقة ارس الحرة وفي الخلفية السماء الزرقاء أو الجبال أو شوارع تبريز رابع أكبر مدينة إيرانية.
ونرى في تسجيل مصور سيارة لامبورجيني أفنتادور تشق طريقها وسط الزحام. بيعت تلك السيارة منذ أشهر بحوالي 400 ألف دولار.وبموجب قواعد المنطقة الحرة لا يسمح لغير المقيمين والشركات المسجلة بشراء تلك السيارات. ويستطيع أصحابها قيادتها داخل المنطقة الحرة نفسها وإلى تبريز عاصمة إقليم أذربيجان الشرق.ويحق لهم أيضا الحصول على لوحة مؤقتة لقيادة سيارات المنطقة الحرة في باقي أنحاء إيران لشهرين في السنة وهي فرصة تسويقية كبيرة في بلد به عدد قليل من سيارات شيفروليه وفورد القديمة التي ترجع إلى ما قبل الثورة، عندما كان أمرا مألوفا رؤية السيارات والشاحنات الأمريكية.
وفي حزيران/ يونيو الماضي نشرت شركة مسجلة في ارس إعلانات بوسائل الإعلام الإيرانية تعرض فرصة شراء سيارات شيفروليه بدون أي قيود.
وبحسب تقرير لوكالة الطلبة الإيرانية للأنباء تضمن أحد الإعلانات صورة سيارة شيفروليه مكتوبا عليها "عودة الأسطورة بعد 34 عاما".
ويقول مديرو شركة "ال خودرو ارس" إن العرض قانوني تماما وإنه لقي اهتماما كبيرا.وما من مؤشر بعد ستة أشهر على أنهم نجحوا في التوريد للسوق المفتوحة في إيران لكن مصادر مطلعة تقول إن الحكومة نفسها تشجع الشركات الإيرانية على إيجاد السبل لجلب السيارات والشاحنات الأمريكية.
وقال رجل أعمال إيراني يعمل بقطاع السيارات "لا تدرس الحكومة استيراد السيارات الأمريكية فحسب بل وإقامة خط تجميع هنا يوما ما. من السابق لأوانه الحديث عن ذلك الآن لكن هذا هو ما يسعون إليه".
ولم يتسن الوصول إلى مسؤولين بالحكومة الإيرانية للحصول على تعقيب.