نشر موقع "الشفاف" معلومات مثيرة حول أعداد مقاتلي
حزب الله والمليشيات الشيعية
العراقية في سورية.
واعتمد تقرير "الشفاف"، وهو موقع شيعي علماني، على تقارير صحفية غربية، أبرزها تقرير لصحيفة لوموند الفرنسية.
والمثير في تقرير "الشفاف" أنه يوضح أن عدد
المقاتلين الشيعة في سورية يفوق عدد المقاتلين الأجانب
السنة، وهو أمر لا تلتفت إليه وسائل الإعلام ولا حتى الساسة.
يقول تقرير "الشفاف" المنشور يوم الثلاثاء 7/1/2014، "ليس حزب الله والحرس الثوري الإيراني القوات الأجنبية الوحيدة التي تقاتل إلى جانب نظام بشار الأسد. فهنالك خمسة عشر ميليشيا عراقية متورّطة بدورها في القتال، الأمر الذي يسهم في تعزيز الطابع الطائفي للحرب السورية."
وتضيف جريدة "لوموند" الفرنسية، في تحقيق مخصص للموضوع، أن "الدليل على الأهمية المتزايدة لهذه الميليشيات أنها انتقلت من الدفاع عن "مقام السيدة زينب"، كما كان حالها في البداية، للمشاركة في اثنتين من أهم المعارك التي شهدتها
سوريا في الأشهر الأخيرة: معركة "القصير" في شهر حزيران/يونيو الماضي، والهجوم الذي تعرّضت له منطقة "القلمون" الجبلية في مطلع كانون الأول/ ديسمبر 2013".
ما هو عدد مقاتلي حزب الله في سوريا؟ واستطراداً، ما هي نسبة المعدات العسكرية التي نقلها حزب الله من لبنان إلى سوريا (وليس العكس)؟
تنقل "لوموند" (في عدد الثلاثاء 7/1/2014) عن"توماس بييريت"، الاختصاصي في الشؤون السورية بجامعة أدنبرة أن قوات حزب الله في سوريا "استقرّت الآن في حدود 10 آلاف رجل". ويضيف الخبير البريطاني أن النظام السوري كان يستند إلى حزب الله كقوة دعم لا يُستهان بها لسدّ نقص عملياتي يتمثل في عدم قدرته على الاحتفاط بمكاسبه الميدانية. فالجيش السوري قادر على التفوق على الثوار بفضل قوة نيرانه، ولكنه يتعرض لعمليات إرهاق وإزعاج حالما يتخذ وضعية دفاعية. وهذا ما دفع النظام للاستعانة بجنود حزب الله لسد النقص في عدد جنوده.
"ولكن قدرات حزب الله ليست غير متناهية، كما أن الحزب مضطر لمراعاة الرأي العام اللبناني في ما يقوم وما لا يقوم به. وقد استقرّت قواته في سوريا، الآن، في حدود 10 آلاف رجل. وحينما تكون السلطة السورية بحاجة إلى تعزيزات، فإنها مضطرة الآن للبحث عنها في العراق" وليس في لبنان.
ماذا يبقى من قوات حزب الله في لبنان؟ خمسة آلاف ما بين مقاتل نخبة وعضو ميليشيا، حسب تقديرات مصادر في بيروت. أي أن ثلثي قدرات حزب الله باتت الآن متورّطة في سوريا، ويصعب سحبها لأن ذلك سيؤدي إلى انهيارات في جبهة النظام السوري.
ولكن الأهم، وبعكس ما تروّج مصادر الحزب، هو أن معظم المعدات العسكرية للحزب، حسب مصادر غربية، انتقلت بالفعل إلى سوريا وباتت استعادتها صعبة في ظل المراقبة المتواصلة، ليلاً نهاراً، من جانب الطيران والأقمار الإسرائيلية والغربية، وقد دمّر الطيران الإسرائيلي قسماً من صواريخ حزب الله في منطقة اللاذقية قبل أشهر.
وهذا ما يدفع للتشكيك بتسريبات نشرتها "الرأي" الكويتية الثلاثاء عن "مصدر لصيق بالقيادة العسكرية لـ "حزب الله" ردّ على هذا النوع من الاسئلة المتزايدة، عندما كشف لـ "الرأي" عن ان "القوى التي أدخلها حزب الله الى سورية لا تتجاوز خمسة في المئة من قوّته البشرية مع جزء صغير جداً من أدواته العسكرية"، مشيراً الى أن "الجزء الأكبر من قوات النخبة لديه احتفظ به في لبنان".
وهذه أول مرة يعترف فيها الحزب بأنه نقل قسماً مما يسميه "أدواته العسكرية" من لبنان إلى سوريا، حيث جرت العادة أن يتم نقل السلاح من طهران إلى دمشق فلبنان. وهذا ما يدفع "المصدر اللصيق بالقيادة العسكرية لـ"حزب الله" حسب "الرأي" إلى التبجّح بأن "الساحل اللبناني والساحل السوري يؤخذان في الاعتبار العسكري على أساس أنهما مسرح عمليات واحد لا يتجزأ، إذ يبلغ طول هذا الساحل العملياتي 390 كلم (اللبناني والسوري معاً)".
عملياً، الحزب ومعداته العسكرية، وصواريخه، باتت بمعظمها في سوريا، وهذا ما وصفته مصادر إسرائيلية قبل أشهر بأنه "آخر خدمة كبيرة قدّمها بشّار الأسد لإسرائيل".
وتضيف "لوموند"، نقلاً عن "مصادر مطلعة جيداً على الظاهرة المتزايدة لمشاركة الشيعة العراقيين، أن مجموع الجماعات المسلحة العراقية يتراوح بين 5000 و10000 رجل. ويقول بيتر هارلينغ، الباحث في "مجموعة الأزمات الدولية" أن المسألة الآن لم تعد تنحصر بالدفاع عن جيوب شيعية صغيرة في سوريا. فهذه الميليشيات العراقية تعمل بمنطق الغزو، والفرار إلى الأمام، الأمر الذي يؤجّج التطرّف السني المقابل".
وقد بدأت ملامح حضور الميليشيات الشيعية العراقية في سوريا بالظهور خلال العام 2012. ولكن الإعلان عنها بدأ في العام 2013 عبر فيديوات نُشِرت على "يوتيوب"، وكان الهدف من نشرها استقطاب مزيد من المتطوعين في ما يبدو.
إن أكبر تلك الميليشيات هي ميليشيا "أبو الفضل العبّاس" التي تُقدّر بـ2000 رجل يقاتلون في سوريا.
وهنالك 3 مجموعات أخرى كبيرة نسبياً: "ذو الفقار"، التي شاركت في شهر كانون الأول/ ديسمبر 2013 في مجزرة ذهب ضحيتها 30 مدنياً من "النبك" بمنطقة "القلمون"؛ وقوات "بدر"، التي تزعم أن لديها 1500 مقاتل، وهي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بجهاز الدولة الإيرانية؛ و"كتائب حزب الله"، التي تستخدم شعاراً لا يختلف عن شعار حزب الله اللبناني.
ولا تتوفّر معلومات عن الميليشيات العراقية الأخرى التي غالباً ما تكون مجرّد تسميات تابعة للحرس الثوري الإيراني. ويتألف مقاتلوها من متطوعين تحوّلوا إلى متعصّبين بفضل خُطب رجال دين تصف الثوار السوريين بأنهم "يهود" و"كفّار" و"وهابيين". وأحياناً، مجرّد مرتزقة يقبضون رواتب تصل إلى مئات الدولارات في الشهر.
وأخيراً، يشكل "جيش المهدي"، أي الميليشيا التابعة لمقتدى الصدر، منجماً لتجنيد مقاتلين عراقيين للقتال في سوريا. وكان مقتدى الصدر قد أعلن في بداية الثورة السورية أنه ينوي البقاء على الحياد. ولكن، منذ بضعة أسابيع، فإن مؤشرات عدة، بينها صور لمقاتلين يرفعون راية "جيش المهدي"، تثبت أن قسماً من قوات مقتدى قد انتقل إلى سورريا.
وفي ضوء الأرقام السابقة، يمكن التساؤل عن جدوى المطالبة بـ"انسحاب قوات حزب الله من سوريا". فوجود ثلثي قوات الحزب في سوريا "يُريح" الوضع اللبناني، من جهة، ثم إن نصرالله ليس قادراً على سحب قواته من سوريا حتى لو شاء. فقرار التورّط، والإنسحاب، في طهران وليس في "الضاحية"، وطهران تبدو حتى الآن مصممة على التورّط حتى آخر شيعي.. لبناني وعراقي.