"يريد أن يقول إنهم مضربون عن الطعام".. "يريد أن يقول للمحامين انسحبوا من الجلسة".. بين هذين الرأيين اختلف الصحفيون في تفسير إشارات محمد البلتاجي، عضو المكتب التنفيذي لحزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، وأحد المتهمين بقضية "أحداث الاتحادية"، والتي أشار بها في جلسة السبت، المتهم فيها الرئيس المعزول محمد مرسي وآخرون.
ولجأ المتهمون في القضية، ومعظمهم من جماعة الإخوان المسلمين المنتمي إليها مرسي، إلى التلويح بأياديهم مستخدمين "
لغة الإشارة" كوسيلة للتواصل مع المحامين، بعد أن أحاطت السلطات القفص الحديدي، الذي يوجد فيه المتهمون، بآخر زجاجي يحجب الصوت، وهو ما دفع الصحفيين، الذين تابعوا الجلسة، إلى الاختلاف فيما بينهم في تفسير إشارات البلتاجي التي لوح بها في بداية الجلسة، لينطبق شطر بيت الشعر القائل "كل لبيب بالإشارة يفهم"، للشاعر العراقي معروف الرصافي، والذي يشير فيه إلى فهم ما يقصد بالإشارة دون الحاجة للتصريح به.
وقال أحد الصحفيين، الذي طلب عدم نشر اسمه: "أتابع الشأن القضائي منذ عشرين عاما، وأستطيع القول إنها سابقة هي الأولى من نوعها".
وأضاف: "ما أعرفه - ويعرفه الجميع - أن إتاحة الفرصة للمتهم للدفاع عن نفسه شرط مهم لصحة إجراءات القضايا، فكيف يتم التفكير في هذا الإجراء؟".
صحفي آخر، طلب عدم نشر اسمه، علق مازحا على المشهد، بينما الصحفيون مختلفون في تفسير إشارات البلتاجي: "إما أن يزيلوا القفص الزجاجي أو ينتدبوا مترجم إشارة"، في إشارة إلى المتخصصين في ترجمة لغة الإشارة للصم والبكم.
واستخدمت السلطات القفص الزجاجي لأول مرة في الجلسة الأولى من قضية الهروب من سجن "وادي النطرون"، إبان ثورة كانون الثاني/ يناير 2011 التي أنهت حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، والتي عقدت بمقر أكاديمية الشرطة في التجمع الخامس، شرقي القاهرة، الثلاثاء الماضي.
وخلال تلك الجلسة بزرت مواقف استعمل المتهمون فيها لغة الإشارة بسبب القفص الزجاجي، حيث دخل مرسي قاعة المحكمة في قفص بمفرده، وإلى جواره في قفص آخر وقف باقي المتهمين يهتفون بأعلى صوتهم، ولكن لا صدى لصوتهم في القاعة نظرًا لحجب الصوت، وعندما رأوا الرئيس المعزول بالقفص المجاور بمفرده ذهبوا ناحيته يبادلونه التحية محاولين التحدث إليه، لكن الفصل بين القفصين جعل الحديث بينهم عن طريق الإشارة.
وفي الجلسة نفسها، وعندما دخل سعد الكتاتني، رئيس حزب الحرية والعدالة، القفص الزجاجي، رافعًا يديه بعلامة "رابعة"، ظلّ ينظر يمنيًا ويسارًا باحثا عن محاميه وذويه حتى وقعت عيناه على أحد المحامين من هيئة الدفاع، ليبدأ الحديث معه بـ"الإشارات".
واستخدمت "لغة الإشارة" أمس السبت، للمرة الثانية، حيث دخل المتهمون إلى قفص الاتهام وأشاروا للمحامين بالانسحاب بسبب القفص الزجاجي، ورفعوا علامة "رابعة العدوية"، وبعدها بخمس دقائق دخل مرسى إلى قفص الاتهام وقام المتهمون بإلقاء التحية له عن طريق الإشارة أيضا من داخل القفص الزجاجى.
وسبق أن صرح حسن صالح، عضو هيئة الدفاع عن المتهمين، لوكالة الأناضول عبر الهاتف، بأن "مرسي ومن معه من المتهمين في القضية سيلجؤون إلى لغة الإشارة من أجل توصيل رسائلهم إلى هيئة المحكمة والشعب
المصري، بعد منع الصوت عنهم".