أفاد تقرير صادر عن دائرة إعلام الطفل في وزارة الإعلام التابعة للسلطة الفلسطينية بالضفة الغربية، أن الكيان الإسرائيلي اعتقل خلال النصف الثاني من الشهر الماضي 45 طفلاً وفتى من الضفة، ومدينة القدس المحتلة، بالإضافة إلى إصابة عشرات الفتية بجروح خلال مواجهات اندلعت مع الجيش الإسرائيلي في مناطق فلسطينية عدة.
وقال المدير الإعلامي لمركز أسرى فلسطين للدراسات، الدكتور رياض الأشقر، لـ "عربي21"، إن الاحتلال يمارس الاعتقال لكل شرائح الشعب الفلسطيني، بما فيهم الأطفال، مخالفًا بذلك كل المواثيق والاتفاقات الدولية التي تمنع اعتقال الأطفال ومحاكمتهم"، وإن إجراءات "الكيان الإسرائيلي" التعسفية شملت اعتقال الأطفال دون سن الثانية عشرة، "بل والأطفال في سن السادسة والسابعة".
حملات مسعورة
وقالت دائرة إعلام الطفل، في تقرير، إن "قوات الاحتلال الإسرائيلي صعّدت من اعتداءاتها بحق أطفال فلسطينيين تتراوح أعمارهم بين ثماني سنوات و15عاماً، وفتية تترواح أعمارهم بين 16 و18 عاماً، حيث اعتقلت 45 منهم في النصف الثاني من كانون ثاني/ يناير الماضي، بينهم 34 من مدن وبلدات الضفة الغربية، و11 من مدينة القدس الشرقية وضواحيها، وذلك خلال مداهمات لتلك المدن".
ولفت التقرير إلى أن العشرات من الأطفال أصيبوا خلال تلك الفترة جراء الاعتداء عليهم من قبل جنود الاحتلال والمستوطنين، مشيراً إلى أن 10 منهم أصيبوا بالرصاص المطاطي والحي، وقنابل الغاز المسيلة للدموع، خلال مواجهات اندلعت في المسيرات الأسبوعية التي تشهدها عدة مناطق بالضفة الغربية، احتجاجاً على الاستيطان والجدار الفاصل.
كما أصيب ستة أطفال في قطاع غزة خلال قصف طائرات حربية إسرائيلية للقطاع، وإطلاق أعيرة نارية على المناطق الحدودية، في وقت أصيب فيه العشرات بالاختناق، جراء استنشاقهم الغاز المسيل للدموع في القدس، والضفة، وقطاع غزة، بحسب التقرير نفسه.
وكانت حملات الاعتقال المسعورة، قد طالت عشرات الأطفال الفلسطينيين في مختلف مناطق الضفة، الحال الذي وصفه المدير الإعلامي لمركز أسرى فلسطين للدراسات الدكتور رياض الأشقر، بأنه جزء من استراتيجية قوامها أن يجعل الاحتلال "اعتقال الأطفال أولوية في هذه المرحلة".
وقال الأشقر في حديث خاص لموقع "عربي21"، إن الاحتلال يمارس الاعتقال لكل شرائح الشعب الفلسطيني، بما فيهم الأطفال، مخالفًا بذلك كل المواثيق والاتفاقات الدولية التي تمنع اعتقال الأطفال ومحاكمتهم"، وإن إجراءات "الكيان الإسرائيلي" التعسفية شملت اعتقال الأطفال دون سن الثانية عشرة، "بل والأطفال في سن السادسة والسابعة".
وأوضح الأشقر أن عدد الأطفال المعتقلين إلى تاريخه بلغ 250 طفلا موزعين على سجون الاحتلال، ويقبعون تحت وطأة القهر وسوء المعاملة، والكيان الإسرائيلي ماض في هجمته الموجهة ضد الأطفال بكل إصرار.
وأفادت بيانات نادي الأسير الفلسطيني بأن الاحتلال اعتقل منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000 ما لا يقل عن سبعة آلاف طفل تتراوح أعمارهم بين 10 أعوام و 18 عاما.
ويعلل الدكتور رياض الأشقر إصرار "السلطات الإسرائيلية" على التصعيد ضد الأطفال بأنّ استهدافهم اليوم هو أمر سوف تظهر نتائجه في المستقبل، و"فرصة سانحة لخلق جيل خائف وغير مستقر نفسيأ، وعاجز عن مواجهة المحتل وسياساته"، وأكد أن "تداعيات الاعتقال تستمر حتى بعد أن يخرج الطفل من السجن، فيصبح منطويًا على نفسه يعاني عللاً نفسية كالاكتئاب والقلق والفزع أثناء النوم إلى جانب العلل الصحية، ومن ثم فهو لن يتمكن من الاندماج مع أقرانه".
انتهاكات لحقوق الإنسان بحق الأطفال الأسرى
وعن الانتهاكات التي يمارسها "الكيان الإسرائيلي" بحق الأطفال المعتقلين، فهي غاية في القسوة، وتبدأ منذ لحظات اختطافهم من الشوارع أو من أمام المدارس أو على الحواجز أو من بيوتهم، وفق ما قال الأشقر. وأضاف أنهم "يبدأون معهم بالشتم والإهانة والدوس عليهم وضربهم بأعقاب البنادق"، ثم يصدرون بحقهم أحكامًا طويلة الأمد، أو يضعونهم في زنازن الموقوفين –سيئة السمعة- حيث الظروف الصحية السيئة وقلة الطعام ورداءته ومنع زيارتهم من قبل ذويهم.
ولفت الأشقر إلى إدخال الأطفال إلى ما يسمى "غرف العار"، وهي زنازن انفرادية ونوع من التعذيب الذي يتلقاه الأطفال، يلتقون فيها بعملاء يحاولون إخضاعهم لخدمة المحتل بالابتزاز والمساومة على ما لديهم من معلومات، وبشتى الأساليب. وأكد أن "هذه المحاولات لم تكن لتنجح مع هؤلاء الأطفال الأبطال".
وفي السياق نفسه لفتت مديرة نادي الأسير الفلسطيني- فرع طولكرم ـ حليمة رميلات، إلى حرمان هؤلاء الأطفال من أدنى الحقوق، كحقهم في إكمال تعليمهم، ورؤية ذويهم لذرائع أمنية تتعلق بالأسير أو بأقاربه، وغير ذلك من الأسباب الواهية.
الأطفال الأسرى المرضى
وأضافت رميلات لموقع "عربي21" أنه "يتم وضع الأطفال في زنازن معزولة في ظروف من القهر والإذلال وأسوأ الظروف الصحية والنفسية".
وقالت رميلات إن المعتقلين عامة يعانون عدم تقديم العلاج المناسب لحالاتهم المرضية، وكل السجناء المرضى يتم نقلهم إلى سجن الرملة الذي يفتقر إلى الأطباء والمستلزمات والأجهزة الطبية والأدوية المناسبة وأدنى مقومات النظافة العامة. وأضافت أنه يتم نقل المرضى إليه بوسائل نقل غير مخصصة لهذا الغرض من شأنها أن تزيد في حالاتهم المرضية.
وذكرت أسماء عدد من الأسرى يعانون أمراضا مزمنة وسرطانات في الأمعاء والرقبة وغيرها، إلى جانب من يعانون إعاقات جراء إصابات تعرضوا لها أثناء اعتقالهم، مشيرة إلى أنه "لا يوجد من يقوم على خدمتهم".
تقصير المؤسسات الأممية
وأكدت رميلات أن "سعينا لم يتوقف يومًا عن تقديم ما أمكن لهؤلاء الأسرى وذويهم، ولم نتوقف عن مطالبة المؤسسات الأممية ومراكز حماية الأطفال ومجلس الأمن بالوقوف عند مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية إزاء هذه الانتهاكات التي لا تنتهي دون محاسبة الاحتلال عليها".
وفي هذا السياق قال الأشقر: "إننا لا نعول كثيرًا على المؤسسات الحقوقية الغربية أو الأممية التي أصيبت بالصمم والعمى عندما تعلق الأمر بمعاناة شعبنا وأسرانا، ولم يثبت أن أيًّا منها أفادنا في ذلك"، وأكد أن "المعاناة مستمرة ما دام الاحتلال، وكذا معاناة أطفالنا على كل الصعد".
وأوضح أن "الأمل في تحرير أسرانا يتعلق بالمقاومة التي أطلقت أكثر من ألف أسير مقابل جندي واحد، في صفقة الأحرار"، غير أن ذلك لا يعني "التخلي عن تفعيل تحركات المؤسسات الحقوقية، لإيصال أصوات معاناتنا إلى العالم، وكشف ممارسات هذا المحتل ضد شعبنا، وإظهار وجهه القبيح".
وكانت قناة الاحتلال الثانية، بثت مساء الجمعة 19 نيسان/ أبريل، تقريرا مصورا لعملية اعتقال أطفال فلسطينيين لم تتجاوز أعمارهم الـ 13 عامًا من مخيم العروب شمال محافظة الخليل، حيث أظهر الشريط التلفزيوني "زوار الفجر" يتسللون عبر أزقة المخيم حتى وصلوا إلى منزل الطفل أحمد الجوابرة.
بعد هذه الحادثة وفي تموز/ يوليو الماضي، اعتقلت سلطات الاحتلال الصهيوني الطفل وديع مسودة ذا السبعة أعوام من الخليل، الأمر الذي أثار ضجة حقوقية أحرجت موقف الكيان الصهيوني، ما دفع "قائد المنطقة الوسطى" نيسان ألون إلى إصدار قرار عسكري لجنوده بعدم اعتقال أطفال تقل أعمارهم عن اثني عشر عامًا.