تعرضت صحيفة "اندبندنت أون صاندي" البريطانية لظاهرة استغلال بنات اللاجئين السوريين الذين تجبرهم الظروف على تزويج بناتهم في سن مبكرة، بعد أن فقدوا كل شيء. والمشكلة في الذين يتقدمون لخطبة البنات، الأثرياء العرب من
الخليج، ممن يتركون البنات بعد فترة قصيرة من الزواج.
وينقل كاتب التقرير فرناندو فان تيتس قصصا من مأسي البنات السوريات
القاصرات. ويقول "نوار، بنت خجولة في عمر الـ 17 بشرتها شاحبة مثل شقيقتها سوزا في عمر الـ 16، وقبل أربعة أشهر تزوجتا لرجلين سعوديين، وبعد 20 يوما اختفيا".
دفع السعوديان لوالدي الفتاتين 5.000 دينار أردني (7.000 دولار أمريكي)، الخاطبة التي رتبت عملية الزواج كانت سورية، وكان عمر الرجل الأول 55 عاما أما الثاني 45 عاما.
وعد الرجلان بنقل الفتاتين والعائلة جميعا للسعودية، لكن أحلام العائلة تبددت، وتعيش الآن في غرفة مستأجرة تسكنها الرطوبة في العاصمة الأردنية عمان، ومن حسن الحظ أن أيا من البنتين ليست حاملا. وتقول نوار "هناك ندم، ندم على ما حدث".
وكما يجري في معظم الحالات، فبعد 20 يوما في شقة مفروشة في عمان عادت الفتاتان للعائلة، بعد أن قال الزوجان أنهما سيسافران للسعودية لترتيب الأورواق ومن ثم استدعاء كل العائلة، ولم تسمع الفتاتان أية أخبار منهما فيما توقفت الهواتف النقالة التي استخدماها في الأردن عن العمل.
ولا تستطيع العائلة متابعة السعوديين لأن عقد الزواج لم يسجل في المحكمة الشرعية في عمان أو أي مكان آخر، وكل ما جرى هو قيام شيخ بتزويج البنتين بحضور شاهدين لكل منهما.
ولم يكن لدى نوار فكرة من أن زوجها سيختفي، خاصة أنه وعدها في الفترة القصيرة التي قضياها معا بالوعود والمستقبل الوردي الذي ينتظرها في السعودية "أخذني لمطاعم جميلة، وأخذني في رحلات، ووعد بأخذي لأماكن أحسن في السعودية". وتقول إنها تزوجت الرجل الأكبر عمرا من أجل عائلتها التي كانت في وضع صعب، "لا أحبه" أي الرجل.
ويوصف هذا النوع من الزواج كوسيلة استراتيجية للتصدي لمشاكل الحياة، وكان زواج القاصرات أو العرفي منتشرا على قاعدة بسيطة لكن الحالات اليوم في تزايد مستمر. وينقل التقرير عن أميرة محمد من منظمة الهجرة العالمية حيث تعمل في مجال مكافحة تهريب البشر قولها إن السوريات معروفات بذكائهن وجمالهن مما يزيد من البحث عنهن والرغبة في زاوجهن.
وتقول "نسمع الكثير من القصص عن الخاطبات اللاتي يأخذن الفتيات من التجمعات السورية ويقمن بخطبتهن لرجال محليين ومن الخارج، والزواج عادة ما يكون قصيرا، وقد لا يتجاوز 24 ساعة، ومن أجل التغطية على الاستغلال
الجنسي".
ومع أن الزواج المبكر يعتبر عاديا في المجتمعات التقليدية السورية، ولا تجد المجتمعات الريفية التي تنحدر منها معظم الفتيات حرجا من تزويج البنات في سكن مبكرة. وأظهرت دراسة للأمم المتحدة أن نصف
اللاجئات السولايات يعتبرن الزواج ما بين سن 15-17 عاما أمرا عاديا، لكن محمد تقول "بناء على مفاهيم حقوق الإنسان فهذا يعتبر انتهاكا". وعليه فقد بدأت منظمة الهجرة الدولية حملة توعية للاجئين حول التجارة بالبشر والاستغلال الجنسي.
ولأن الزيجات تتم عادة بالسر وتتوسط فيها خاطبات من داخل مجتمع اللاجئين فمن الصعب التعرف على حجم ومستوى المشكلة، ولكن هناك حالة واحدة على الأقل تحدث في اليوم، ويبدو أن معظم الزيجات تقف وراءها الأوضاع الاقتصادية. ومعظم اللاجئين يصلون أماكن اللجوء بمصاعب بمالية واقتصادية وبعد أن خسروا كل شيء، فعائلة نوار مثلا وصلت الأردن وعليها دين 3.000 دينار أردني (5.000 دولار أمريكي).
وينقل التقرير عن والدة نوار قولها "كنا في وضع اقتصادي سيئ، وبمال قليل، ثم جاء العرض (أي الزواج). وتضيف "أردت دفع الدين وأن نعيش حياة مثل التي كان نعيشها في
سوريا".
وكانت العائلة تأمل أن يوفر الزواج للبنتين الحماية، جسديا وماليا، وعوضا عن هذا فقد ظل الزواج سرا، ومنعت البنتان من إخبار صديقاتهن في سوريا عنه. وبعد التجربة المرة يأمل الوالد أبو بشار أن تتزوج البنتان مرة ثانية "لرجلين محترمين" ولن يزوجهما لسعوديين حتى لو دفعوا 12 ألف دولار.
ويرى الناشطون مثل أميرة محمد أن استغلال النساء في مثل هذه الظروف ليس جديدا حيث "يجد اللاجئون أنفسهم في أوضاع يبيعون كل ما لديهم، وبالنسبة للمرأة فعادة ما تشتغل في الخدمة البيتية أو تبيع جسدها".
ويقول التقرير إن استغلال اللاجئات السوريات واضح في نوادي عمان الليلية، حيث يشاهد الزائر هناك فتيات يرقصن ويتحدثن مع الزبائن. ومعظم الفتيات قاصرات حيث يتم تغطية عمرهن بوضع قناع من المكياج الكثيف على وجوههن. وينقل عن فتاة قالت "انتهيت في هذا المكان بسبب الأزمة".