يبدو رئيس النظام السوري بشار
الأسد الذي ستكرس
الانتخابات الرئاسية المقررة في الثالث من حزيران/يونيو بقاءه في سدة الحكم، واثقا من انه أنقذ نظامه في مواجهة الثورة التي قامت قبل ثلاث سنوات ولقيت دعما عربيا وغربيا للمطالبة برحيله.
ويقول أحد المقربين منه في وقت تحولت الانتخابات إلى "مبايعة" جديدة، أن الأسد "مقتنع أنه على الرغم من العواصف، الرئيس العربي الوحيد الذي بقي في سدة القيادة، ويريد أن يظهر من خلال إجراء الانتخابات في موعدها، انه الضامن للمؤسسات التي يريد خصومه تدميرها".
وسبق للأسد، طبيب العيون البالغ من العمر 48 عاما، والذي وصل إلى الحكم بعد وفاة والده حافظ الأسد في العام 2000، أن أكد مرارا أنه لن يتنحى، مهما بلغ الثمن.
في مواجهة الاحتجاجات السلمية التي اندلعت في منتصف آذار/مارس 2011 مطالبة بإسقاط نظامه، بالتزامن مع "ثورات" و"انتفاضات" في دول عربية أخرى اختار الأسد، اللجوء إلى القوة.
وظل على موقفه على الرغم من تحول النزاع إلى حرب أودت بحياة اكثر من 162 ألف شخص، وخلال إطلالاته العلنية، يظهر الأسد هادئا، باسما، واثقا من قدرته على الخروج منتصرا من نزاع غير مسبوق في البلاد.
ومنذ بداية الاحتجاجات، يقدم الأسد الحركة المناهضة له على أنها "مؤامرة" مدعومة من دول عربية وغربية، تهدف إلى كسر "محور المقاومة" ضد إسرائيل الذي يضم دمشق وطهران وحليفهما اللبناني حزب الله.
وقال الأسد في حديث لوكالة فرانس برس في كانون الثاني/يناير، إنه لم يفكر يوما ب "الهروب". "لا يوجد خيار للهروب في مثل هذه الحالات، يجب أن أكون في مقدمة المدافعين عن هذا الوطن".
ويدير الأسد أذنا صماء للمنظمات الدولية التي تتهمه بالمسؤولية عن ارتكاب "جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب".
ويؤكد أن هذه المنظمات "لا توجد لديها وثيقة واحدة تثبت بأن الحكومة السورية قامت بارتكاب مجزرة ضد المدنيين في أي مكان منذ بداية الأزمة حتى اليوم"، متهما الطرف الآخر بارتكابها في كل مكان.
وفي نهاية آب/أغسطس 2013، واجه الأسد التحدي الأكبر منذ بدء النزاع، مع تلويح واشنطن والغرب بشن ضربة عسكرية ضد نظامه ردا على هجوم بالأسلحة الكيميائية قرب دمشق، اتهم النظام به.
لكنه قلل من أهمية الضربة، على الرغم من أنه اضطر في وقت لاحق إلى الموافقة على تفكيك ترسانته الكيميائية، نتيجة ضغوط تعرض لها من حليفه الروسي لإبعاد شبح الضربة.
وستكون هذه الانتخابات نظريا "أول انتخابات رئاسية تعددية" في سوريا منذ نحو نصف قرن، إذ أن الرئيس حافظ الأسد حكم البلاد ثلاثة عقود، وكان يجدد له بموجب استفتاء. ووصل نجله بشار إلى السلطة باستفتاء أيضا، وأعيد انتخابه بطريقة مماثلة في 2007، لولاية ثانية من سبع سنوات.
وتعتبر
المعارضة السورية والدول الغربية الداعمة لها الانتخابات "مهزلة" و"غير شرعية".
رغم ذلك، يرى الأسد أن الانتخابات تأتي في "مرحلة انعطاف" لصالح النظام، لا سيما بعد أن حقق الأخير في الأشهر الماضية تقدما عسكريا ملموسا على الأرض لا سيما في ريف دمشق وحمص.
ويستند الأسد إلى دعم غير محدود من حلفاء أوفياء للنظام منذ عهد والده، ابرزهم
روسيا، وايران التي كان الأسد الزعيم العربي الوحيد الذي وقف بجانبها خلال حربها مع العراق (1980-1988) وحزب الله الذي شكلت مشاركته في المعارك، نقطة تحول ميدانية لصالح النظام. ويرى سهيل بلحاج، مؤلف كتاب "سوريا بشار الأسد: تشريح لنظام استبدادي" والباحث في معهد الدراسات الدولية العليا والتنمية في جنيف، أن الأسد "يحصد اليوم ثمار هذه التحالفات".