أعلن الرئيس الأميركي باراك
أوباما الخميس أن الولايات المتحدة مستعدة لإرسال حتى 300 مستشار عسكري إلى
العراق بهدف "تدريب ومساعدة ودعم" القوات العراقية في مواجهة الجهاديين السنة، مبديا الاستعداد لتوجيه ضربات محددة الهدف اذا استدعى الأمر، وأكد أن أمريكا مستعدة للقياد بعمل عسكري محدد الأهداف.
ونبه إلى أن هؤلاء المستشارين الذين ينتمون على الأرجح إلى القوات الخاصة لن يكونوا قوات تخوض معارك.
وقال أوباما من البيت الأبيض إنه بعد ثمانية أعوام من الحرب في العراق وسقوط نحو 4500 قتيل، فإن "القوات الأميركية لن تعود إلى القتال في العراق لكننا سنساعد العراقيين في معركتهم ضد الإرهابيين الذين يهددون الشعب العراقي والمنطقة والمصالح الأميركية".
وأكد أن واشنطن مستعدة أيضا لإنشاء "مراكز عملانية مشتركة في بغداد وشمال العراق لتقاسم المعلومات الاستخباراتية وتنسيق التخطيط" لعمليات ضد جهاديي الدولة الإسلامية في العراق والشام.
عمل عسكري محدد الأهداف
وحول العمل العسكري قال أوباما إن بلاده مستعدة للقيام بعمل عسكري في العراق، مؤكدا أيضا احتمال إرسال 300 عسكري إلى هذا البلد بصفة مستشارين، في وقت تواصلت الاشتباكات في قضاء تلعفر الشمالي وسيطرت قوات الحكومة على مصفاة بيجي.
وقال أوباما في مؤتمر صحافي في واشنطن إن الولايات المتحدة مستعدة لإرسال حتى 300 مستشار عسكري لبحث كيفية تدريب وتجهيز القوات العراقية، لافتا إلى أن بلاده سبق أن كثفت قدراتها في العراق على صعيد المراقبة والاستخبارات.
وأضاف أوباما أن الولايات المتحدة التي سحبت قواتها من العراق نهاية العام 2011 على استعداد أيضا لتنفيذ عمل عسكري "محدد الهدف" و"واضح" في هذا البلد إذا استدعى الأمر، مشددا على أن الحل العسكري لا يكفي وداعيا إلى ترسيخ الثقة بين القادة الشيعة والسنة.
وجاءت تصريحات أوباما في وقت تقوم الولايات المتحدة بطلعات استطلاع في الأجواء العراقية.
خطط التدخل
وقال مسؤول أميركي لوكالة فرانس برس في واشنطن "نستخدم مقاتلات وطائرات استطلاع من دون طيار"، موضحا أنه يتم خصوصا استخدام مقاتلات "اف 18" التي تقلع من حاملة الطائرات "جورج دبليو بوش" الموجودة حاليا في الخليج.
ويسيطر مسلحون ينتمون إلى تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" الجهادي المتطرف وتنظيمات سنية متطرفة أخرى منذ نحو عشرة أيام على أجزاء واسعة من شمال العراق اثر هجوم كاسح شنته هذه الجماعات التي تحاول الزحف نحو العاصمة بغداد.
وأعلنت واشنطن في الأيام الأخيرة أنها تبحث خيارات التدخل في العراق لوقف زحف هؤلاء المسلحين، وبينها توجيه ضربات جوية بطائرات من دون طيار، وكذلك مناقشة إمكان التعاون مع ايران حيال الوضع المتأزم في العراق.
وقبيل إعلان أوباما، أكد وزير خارجيته جون كيري في مقابلة مع شبكة "ان بي سي" ان الأمر لا يتعلق بمساندة رئيس الوزراء نوري المالكي المدعوم من طهران، قائلا "أريد ان أوضح ان ما تقوم به الولايات المتحدة متعلق بالعراق وليس بالمالكي".
وجاءت تصريحات كيري بعدما وجه مسؤولان أميركيان الأربعاء انتقادات إلى المالكي واتهماه باعتماد سياسة تهميش بحق السنة في البلاد.
وقال رئيس أركان الجيوش الأميركية الجنرال الأميركي مارتن دمبسي أمام أعضاء في الكونغرس "ليس ثمة شيء كبير كان يمكن القيام به لنسيان إلى أي مدى أهملت الحكومة العراقية مواطنيها. ذلك هو مصدر المشكلة الراهنة".
وأوضح أن المسؤولين الأميركيين حذروا القادة العراقيين مرارا مما يواجهونه من أخطار جراء سياسة تهميش بعض المجموعات الدينية، ولكن تم تجاهل رايهم تماما، مضيفا أنه في معارك شمال العراق نجح المهاجمون في ضم بعض ضباط الجيش إلى صفوفهم.
وفي الجلسة نفسها، لاحظ وزير الدفاع تشاك هيغل بدوره أن حكومة بغداد لم تف بوعودها لجهة بناء تعاون فعلي مع المسؤولين السنة والأكراد.
من جهته، اعتبر المسؤول السابق عن القوات الأميركية في العراق الجنرال ديفيد بترايوس الخميس ان الولايات المتحدة التي سحبت قواتها من هذا البلد في نهاية 2011 بعد احتلال دام ثماني سنوات، يجب ألا تصبح "قوة جوية للميليشيات الشيعية".
وقال خلال مؤتمر صحافي في لندن "اذا كان علينا دعم العراق يجب تقديم هذا الدعم لحكومة تمثل شعبا يضم كافة أطياف البلاد"، مضيفا "لا يمكن للولايات المتحدة ان تكون قوة جوية لحساب الميليشيات الشيعية أو لشيعي في معركته ضد العرب السنة".
وأوضح "اذا أرادت الولايات المتحدة مساعدة العراق فهذه المساعدة يجب ان تكون للحكومة ضد التطرف بدلا من دعم طرف في ما قد يكون حربا طائفية".
الوضع الميداني
ميدانيا، قال مسؤول محلي في قضاء تلعفر (380 كلم شمال بغداد) الواقع في محافظة نينوى في تصريح لوكالة فرانس برس إن "القوات العراقية تواصل عملياتها ضد المسلحين وقد تلقت تعزيزات جديدة لمواصلة القتال".
وأكد شهود عيان من أهالي القضاء لفرانس برس أن معارك متواصلة تدور بين القوات العراقية والمسلحين الذين يحاولون السيطرة على القضاء منذ أربعة أيام.
ويقع تلعفر وهو أكبر أقضية العراق من حيث المساحة الجغرافية في منطقة استراتيجية قريبة من الحدود مع سوريا وتركيا، ويبلغ عدد سكانه نحو 425 الف نسمة معظمهم من التركمان الشيعة.
في موازاة ذلك، أعلنت السلطات في بغداد أن القوات العراقية تفرض سيطرتها الكاملة على مصفاة بيجي بعد تعرضها لهجمات مسلحين خلال اليومين الماضيين.
وقال المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة الفريق قاسم عطا في مؤتمر صحافي ان القوات الحكومية تفرض سيطرتها الكاملة على المصفاة الأكبر في البلاد والواقعة على بعد 200 كلم شمال بغداد.
وتقع مصفاة بيجي قرب مدينة تكريت (160 كلم شمال بغداد)، مركز محافظة صلاح الدين، والتي يسيطر عليها المسلحون المتطرفون منذ نحو أسبوع.
وفي كركوك، قال مصدر أمني لفرانس برس إن "أربعة من عناصر البشمركة (القوات الكردية) بينهم ضابط برتبة رائد قتلوا خلال اشتباكات مع مسلحين على طريق رئيسي جنوب مدينة كركوك" (240 كلم شمال بغداد).
كما أعلن نائب مدير شرطة كركوك اللواء تورهان عبد الرحمن يوسف الخميس عن تسلم 44 شخصا من عدة دول هي النيبال وبنغلادش وتركمانستان واذربيجان وتركيا كانوا محاصرين قرب مدينة تكريت التي يسيطر عليها مسلحون منذ الأسبوع الماضي.
وفي بغداد، أعلنت قناة "العراقية" الحكومية ان عناصر من قوة مكافحة الإرهاب انتشروا غرب العاصمة لوجود "خلايا نائمة".
ووسط هذه التطورات الميدانية، أمر رئيس الوزراء العراقي، القائد العام للقوات المسلحة، نقل الضباط المحالين على دائرة المحاربين إلى الوحدات العسكرية.
ومنذ أكثر من أسبوع سيطرت قوى سنية عراقية تتصدرها "
داعش"، على مدينة الموصل بمحافظة نينوى، شمالي البلاد، بعد انحساب قوات الجيش العراقي منها وترك أسلحته، وتكرر الأمر في مناطق أخرى بمحافظة صلاح الدين (شمال) وديالى(شرق)، مثلما حصل في محافظة الأنبار (غرب) قبل أشهر.