علق الكاتب أوين جونز في صحيفة "الغارديان" البريطانية، على ظاهرة
الإسرائيليين الذي يقفون على التلال المواجهة لغزة في بلدة سديروت جنوب إسرائيل، وهم يرقصون فرحا كلما سقطت الصواريخ والقنابل على رؤوس الفلسطينيين، بشكل جعلت الكثير من المعلقين الصحافيين يكتبون بشجب عنها.
وأشار الكاتب في بداية تقريره إلى تغريدة لمراسلة شبكة أنباء "سي أن أن" الأمريكية، وصفت الأمر بأنه "مدهش، وتعبير عن الوحشية ومقرف"، وقالت ديانا ماغاني "إسرائيليون على التلة فوق سديروت يرقصون فرحا عندما تسقط القنابل على
غزة- هاشتاغ"، وأضافت أنهم "هددوا بتكسير سيارتنا إن قلت كلمة غير مناسبة، قذرون". وبعد 20 دقيقة تم مسح التغريدة، ونقلت ماغاني من إسرئيل لموسكو، وهو فعل في عصر ميديا التواصل الاجتماعي كان كافيا لأن تنتشر القصة مثل الفيروس.
وقبل أيام انتشرت صور لمواطنين في سديروت وهم جالسون على كراسي مريحة يراقبون عمليات القصف على غزة. ويعلق الكاتب هنا أن "سينما سديروت" تلخص مسار هذا النزاع، حيث يحتشد الغزيون في بيوتهم في الوقت الذي يقوم به الجيش الإسرائيلي المتفوق بدك المناطق المزدحمة بالسكان، في السجن المحاصر المفتوح، وفي الوقت نفسه يقوم الإسرائيليون على الجانب الآخر بالرقص فرحا وهم يحتفلون بقوة جيشهم، ومهما كانت لديهم من مخاوف لسقوط صواريخ حماس عليهم فقد تفوقت عليها النشوة بالقنابل التي تنفجر في الجانب البعيد الآخر.
ويضيف الكاتب قائلا إنها "تلخص الطريقة التي يفسد فيها الاحتلال المحتل"، وأشار لما كتبه فردريك إنجلز "ما هو أسوأ من حظ أمة تستعبد الأخرى" عندما كان يشير إلى الاضطهاد الإنكليزي لأيرلندا.
ويرى الكاتب أن الطريقة التي يتعامل فيها الإسرائيليون مع الاحتلال وألاعيبه وكأنه لعبة فيديو، هو مثال متطرف عما يفعل المحتل للناس الذين يضطهدهم.
فلو تعاملت مع الناس الذين تقوم بلادك باضطهادهم باعتبارهم مساوين لك، فهذا يجعل الموت لا يمكن تحمله. ولو فكرت أن أطفالهم هم مثل أطفالك، فستتوصل لحقيقة أن كل عملية عسكرية تقتل العشرات ليست مبررة، وستطالب باستراتيجية بديلة، مهما كانت صعبة.
ويشير الكاتب إلى أن المرضى النفسيين في أية أمة لا يشكلون سوى نسبة 1% من عدد السكان، أما البقية فلديهم تعاطف، ولكن هذا التعاطف يعتمد على الشعور بالإنسانية المشتركة، وفي حالة انمحى هذا الشعور فعندها يمكنك التسامح مع معاناة لا حد لها. ولهذا السبب لا بد للمحتل أن يكون له مقابل "آخر" لأنه بدون أناس يستعبدهم، فالاستعباد سيكون مستحيلا.
وبرأي جونز فأن هذه الظاهرة ليست مقصورة على إسرائيل، بل كانت بارزة في كل التاريخ الاستعماري البريطاني؛ من أيرلندا وشيطنة سكانها، لأحداث قريبة الكثيرين منا يرغبون بالاعتراف بها.
ففي عام 2012 نشر إي تي أم ويليامز "قتل بريطاني متميز" عن وفاة عامل الفندق في البصرة على يد القوات البريطانية المحتلة عام 2003. وأشار الكاتب لمظاهر التعذيب التي تعرض لها مع تسعة آخرين، حيث على رأسه كيس من الرمل، وعذب حتى الموت. وفي كانون الثاني/يناير قدمت مجموعة من المحامين ملفا/دوسيه مكونة من 250 صفحة لمحكمة جرائم الحرب الدولية.
ويرى الكاتب إن الحالة الإسرائيلية والفساد الذي أحدثه الاحتلال على الإسرائيليين امتزج بالتجربة التي عانها اليهود في الهولوكوست.
وينقل عن أنجيلا- غودفري غولدستاين وهي ناشطة سلام في إسرائيل "عقليا من السهل فهم الطريقة التي تعرض فيها الناس للألم خلال القرون وأدت لشعور يدين الناس به لنا "من أنتم حتى تقولوا لنا ماذا سنفعل؟".
ويوافق ناشط آخر في تل أبيب قائلا "في المجتمع الإسرائيلي هناك عقلية ضحية، وهي مغروسة بعمق في الهولوكوست ويشجعها من هم في السلطة، مع أننا لسنا ضحية ونحن أقوياء بدرجة كبيرة وبجيش قوي جدا".
وينقل عن مسؤول في منظمة حقوق الإنسان "بيتسيلم" قائلا عن موقف الفلسطينيين وموتهم "لا ينكر الإسرائيليون أنهم ماتوا ولكنهم قاموا بعملية عقلية لتلوم الفلسطينيين على الموت انفسهم".
ويقول الكاتب إن سكان غزة تم اعتبارهم كمؤيدين لحماس مع أنهم لم يكونوا في "سجن الانتخاب"، عندما انتخبت حماس عام 2006.