قال
المؤرخ الإسرائيلي آفي شلايم في مقالة له بصحيفة "الاندبندنت" البريطانية إن المعركة بين "
حماس" وإسرائيل لا يجب تسميتها حربا، "لأن هناك عدم تكافؤ في القوى بين الجانبين، حتى أن تسميتها بالمعركة غير المتكافئة لا يعد توصيفا دقيقا لحقيقة الصراع"، على حد قوله.
وشبه الكاتب إسرائيل و"حماس" بنموذج داود وجالوت في التوراة، حيث شبه الفلسطينيين بداود الضعيف الذي يواجه جالوت صاحب القوة العسكرية الضخمة. ولذلك يرى شليم أنه لا يوجد توازن في المعركة بين
غزة وإِسرائيل، سواء عسكريا أو على مستوى القدرة الإعلامية.
وفي سياق متصل، انتقد شلايم تغطية شبكة "
بي بي سي" البريطانية للصراع، "ليس فقط بسبب عدم التوازن في التغطية، ولكن لعدم وضعها الأحداث في سياقها التاريخي الصحيح".
وأشار إلى أن الاحتجاجات الأخيرة أمام مقر الشبكة الإخبارية في لندن، والتي طالبت بوقف الانحياز لإسرائيل في تغطيتها الإخبارية، كما وقع ما يقرب من 45 ألف بريطاني عريضة إلكترونية تتهم مؤسسة "بي بي سي" بعدم تقديم سياق أو خلفية للعدوان الإسرائيلي على غزة.
وأشار إلى نفس الأمر تقرير أعدته لجنة فنية مستقلة حول تغطية الشبكة في 2006، حيث قال التقرير (وفق شلايم) إن تغطية الشبكة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي يشوبها عدد من العيوب الصحفية، مثل "الفجوات في التحليل والسياق والمنظور".
وأوضح التقرير أن تغطية "بي بي سي" فشلت في توضيح الفارق بين إسرائيل ككيان محتل ويفرض سيطرة على الأرض، والفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال، وأن تلك التغطية كانت مضللة من ناحية أنها أعطت انطباعا بأن الطرفان متساويان.
وتابع الكاتب بأن "بي بي سي" الآن تحاول أن تتفادى تلك العيوب المذكورة سابقا، ولكنها لازالت تتمسك ببعض القيود التي تفرضها عليها الحكومة البريطانية مثل تصوير الهجمة الإسرائيلية بأنها "مببرة، ولكن مبالغ فيها". وكذلك لازالت تخضع لتأثير الضغوط التي يمارسها الداعمون لإسرائيل داخل بريطانيا.
ويرى الكاتب أن إسرائيل لديها قدرة على تزييف حقيقة الصراع من خلال سيطرتها على وسائل الإعلام، ويؤكد أنه على الرغم من ادعاء إسرائيل أن عدوانها هو دفاع عن النفس، وتحميل الضحايا الفلسطينيين المسؤولية عن الظلم الواقع عليهم، إلا أن السبب الرئيسي للحرب في غزة هو الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
وأوضح شلايم أن إسرائيل كقوة محتلة يتعين عليها حماية المدنيين الواقعين تحت سيطرتها، ولكنها تقوم بعكس ذلك من خلال قصفها للمدنيين وحصار قطاع غزة برا وبحرا وجوا.
ويفند الكاتب مزاعم إسرائيل أن ضربتها العسكرية على غزة هي مجرد رد فعل على صواريخ "حماس"، وأنها دولة محبة للسلام، قائلا إن "حماس عندما فازت بالانتخابات في عام 2006 كانت ترغب في هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل ولكن إسرائيل رفضت التفاوض في هذا الوقت، وفي 2007 عندما شكل الفلسطينيون حكومة وحدة وطنية، وأرادت هدنة لجأت إسرائيل إلى الحرب الاقتصادية للقضاء على هذه الحكومة، وشجعت فتح على الانقلاب على "حماس" فقامت "حماس" بخطوة استباقية وسيطرت على القطاع. وردا على ذلك فرضت إسرائيل حصارا غير شرعي على 1.8 مليون فلسطيني في غزة.
ويتابع: "عندما توصلت "حماس" إلى اتفاق مع فتح منذ أربعة أشهر وتم تشكيل حكومة وحدة وطنية أخرى بدون أي عضو من "حماس" اتهمها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنها حكومة إرهابية، كما استخدم حادثة اختطاف المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية كحجة لضرب "حماس" بالرغم أنها ليس لها علاقة بالحادث، على حد قول شليم، وجاءت صواريخ "حماس" كرد فعل على هذه الهجمة.
واختتم الكاتب بالقول إن نتنياهو وحلفائه من اليمين الإسرائيلي لا يريدون قيادة فلسطينية معتدلة وموحدة، وأن القضاء على حكومة الوحدة الوطنية هو أحد الأهداف غير المعلنة للعدوان الإسرائيلي، وأن "حماس" رفضت المبادرة المصرية لأنها تركت الحصار الوحشي كما هو. "إن إسرائيل تهدف من وراء هذه العملية إلى إخضاع حماس وليس إلى سلام عادل، وأنها تريد إعادة فرض الأمر الواقع والإبقاء على فلسطين مقسمة مع استمرار السيطرة الإسرائيلية"، ويقول إن "بي بي سي ربما تكون معذورة لعدم قدرتها على شرح الصراع بوضوح لأنه معقد للغاية"، من وجهة نظره.