قال مراسل صحيفة "إندبندنت" في الشرق الأوسط باتريك كوكبيرن في مقالته، الأحد، إن العدوان
الإسرائيلي على
غزة صب في صالح حركة "
حماس" وجعلها أكثر قوة، وجعل صورة إسرائيل في العالم أنها دولة مخادعة وبلا قلب، وأصبحت عيون العالم الآن كلها على غزة.
وتساءل الكاتب: "ماذا حققت إسرائيل في 26 يوما داميا من التدخل البري والجوي في غزة؟"، ويجيب على ذلك قائلا إن نتيجة العدوان هي نفس نتيجة الحروب السابقة مثل حربها على لبنان وغزة سابقا، وهو القصف المكثف الذي يهدف إلى إلحاق أكبر خسائر ممكنة لدى الطرف الآخر والغالبية العظمى من ضحاياه من المدنيين.
ويضيف أنه مع استمرار الحرب، يجد القادة الإسرائيليون أن تفوقهم العسكري يفشل في تحقيق مكاسب سياسية على نفس المستوى. والأسوأ من ذلك، على حد قول الكاتب، هو أن الإسرائيليين أنفسهم يرون أن الفلسطينيين، بما فيهم "حماس"، هم الآن في موقف أقوى مما كانوا عليه منذ شهر مضى، وأن أفعال إسرائيل أدت إلى عودة القضية الفلسطينية بقوة إلى الأجندة الدولية، بعدما كانت قد اختفت في أعقاب ثورات الربيع العربي.
ويوضح الكاتب أن معاناة الفلسطينيين عادة ما لا يلحظها العالم، ولكن على مدار الشهر الماضي "شاهد العالم بشكل يومي صور العائلات الفلسطينية والأطفال المذعورين وهم يحاولون بلا جدوى العثور على ملاذ آمن".
ووصف الكاتب المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي بأنهم "مراوغين وعديمي القلب" في ادعائهم بأنه لا يوجد دليل على قصف إسرائيل لمستشفى تابعة للأمم المتحدة أو ملعب للأطفال، ومحاولتهم إلصاق التهمة بصواريخ "حماس".
ويقول إن هذه المراوغات ربما يصدقها العالم لو كانت حربا قصيرة، ولكن مع مقتل ما يزيد عن 264 طفل فلسطيني حتى الجمعة الماضي فهذه التصريحات تقنع العالم أن الإسرائيليين لا يأبهون بارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين.
ويقارن الكاتب ما يحدث الآن مع ما حدث في لبنان عام 1982 أو غزة عام 2008، فعلى حد قوله هناك فرق جوهري، وهو أن الدول المجاورة لإسرائيل في ذلك الوقت كانت مستقرة نسبيا أو على الأقل كان لديها حكومات تسيطر على الوضع. أما في هذا الصيف فالمشهد مختلف تماما، "فسوريا والعراق تعانيان من الحرب الأهلية، والأردن ولبنان يتجهان بشكل متزايد نحو عدم الاستقرار، ومصر لديها قيادة جاءت بعد انقلاب عسكري وانتخابات مشكوك في نزاهتها، والدولة الليبية انهارت وسقطت في مستنقع الفوضى. فالحرب على غزة تضيف إلى الأزمة العامة التي تخيم على المنطقة".
ويوضح الكاتب أن أحد أهداف إسرائيل من الحرب الحالية هو "إظهار قوتها العسكرية"، ولكنها في الواقع تظهر عدم قدرة هذه القوة على إنهاء الصراع الطويل مع الفلسطينيين، فمن غير المحتمل أن تحقق إسرائيل نصرا عسكريا من خلال القضاء التام على مسلحي حركة "حماس"، بالرغم من التباين في مستوى القوة بين الجانبين، "وحتى إذا نجحت في ذلك، فلن يكون هذا النصر حاسما، لأن الشعور بالمظلومية لدى الفلسطينيين وصل لدرجة كبيرة للغاية، ربما تؤدي إلى ظهور حركة مسلحة أخرى على غرار داعش كي تحل محلها في المستقبل القريب".
ويقول الكاتب إن نتيجة أحد استطلاعات الرأي التي أشارت أن 90% من الإسرائيليين يؤيدون عملية "الجرف الصامد" في غزة هي دليل ضعف، لأنها تشير إلى عدم وجود آراء معارضة للعملية العسكرية التي من غير المحتمل أن تحقق أي مكسب لإسرائيل.
كما أن المبالغة في حجم التهديد الذي تشكله حركة "حماس" يصب في صالحها، لأن هجمات "حماس" الصاروخية هي في الواقع غير مؤثرة بسبب النظام الدفاعي الإسرائيلي المصمم لصد الهجمات الصاروخية، فإسرائيل تخدم "حماس" من خلال بثها الرعب في نفوس الإسرائيليين بإقناعهم أن الحركة تشكل تهديدا وجوديا لهم، فهذا هو هدف "حماس" على أي حال، على حد قول الكاتب.
ويختم الكاتب بالقول إن أحد نقاط الضعف الرئيسية للإسرائيليين أنهم يصدقون ما تقوله له الدعايا الإسرائيلية، وينقل قول أحد الكتاب والذي يقول فيه إن "الأحزاب السياسية تموت بسبب ابتلاعها للأكاذيب التي تصنعها"، وأن الإسرائيليين لا يريدون الاقتناع بحقيقة بسيطة وهي أنهم "لن يتمتعوا بسلام دائم طالما استمروا في احتلال الضفة الغربية ومحاصرة قطاع غزة".