كتب حسين شبكشي: أيام الصيف والإجازات التي تأتي معها عادة ما تكون فرصة ملائمة جدا للقاء الأصدقاء والشخصيات المميزة.. وكانت صدفة جميلة تلك التي جمعتني بأحد الزعامات المارونية السياسية اللبنانية وأستاذ في العلوم السياسية بإحدى الجامعات المصرية.
بدأ الحديث بعد الديباجات التقليدية بسؤال من الشخصية السياسية اللبنانية: أنتم أهل السنة في العالم العربي، لماذا تركتم الحركات التكفيرية الخارجة منكم تتوغل في العالم العربي بهذا الشكل المريع؟ نحن، وأنا هنا أتحدث كمسيحي مشرقي، لدينا قلق كبير تجاه هذا الأمر، فالتفت إليه الصديق المصري، وقال له: هذا تبسيط شديد للأمور، وكنت أتوقع أنك، وكمسيحي لبناني ماروني تحديدا، أن تكون لديك قراءة وحكمة أكثر نضجا من ذلك.
احتد الآخر، وقال له: ماذا تقصد؟ فرد عليه: كيف نسيت أن هناك معسكرا آخر بقيادة حافظ الأسد وأزلامه من أتباعه في لبنان قاموا بفظاعات بحق مسيحيي لبنان خلال أحداث الحرب الأهلية اللبنانية أدت إلى قتل الآلاف وتهجير العشرات من الآلاف، ولكنهم «كأقلية» لا يجرأون على أن يكون هذا المشروع تحت اسم الفكر التكفيري، ولذلك كان يتم استخدام ألفاظ أخرى مثل القومية العربية والصمود والتصدي، وأخيرا الممانعة والمقاومة؟
بدأ السياسي اللبناني في التركيز والإنصات وكأن الكلام بدا جديدا عليه. تابع أستاذ العلوم السياسية حديثه وأضاف: هل من المعقول حزب طويل وعريض يدعي أنه مقاوم لتحرير الأرض المحتلة ولا يقبل مسيحيا ولا درزيا ولا سنيا واحدا؟ صدفة عجيبة، ولكنها لا تكون صدفة أبدا إذا عرفت أن من شروط الانضمام لقوات الحزب صلاح وسلامة العقيدة، وهو معنى آخر لتكفير المخالف عنه، فهو تكفيري تماما مثله مثل «داعش» و«القاعدة» والإرهابيين الآخرين، ولكنه أكثر «شياكة».
تمعنت في الحوار وتذكرت أن المنطقة العربية تعاني من تسلط الأقليات؛ فأقليات كـ«حزب الله» تسيطر على لبنان، وأقلية المجرم بشار الأسد تسيطر على سوريا، وأقلية صدام حسين كانت تسيطر على العراق.. كل هذه الأقليات بفكرها الطاغي وفكرها المجرم باتت تسيطر على الأغلبية الموجودة في المنطقة ككل.
التكفير هو فكر وممارسة أكثر مما يكون نصوصا فقط. الفكر الإقصائي كله سواء، ولا يوجد حكر له من طائفة أو مذهب أو دين، والقراءة القاصرة له واعتبار أن هناك فريقا واحدا مسؤولا عنه هي قراءة قاصرة وموتورة تجعل التفسير الحقيقي للمشكلة غير ناضج ولا سليم أبدا.
هناك حالة مستحقة من المتابعة المطلوبة لمصائب «داعش» و«النصرة» و«القاعدة» ومن هم على شاكلتهم، ولكن الاعتقاد أنهم وحدهم فقط المعنيون بملف التكفير واستثناء «حزب الله» ومن على شاكلته هو حديث سخيف وناقص ولا يمكن الاعتداد به.
(عن الشرق الأوسط السعودية 9 آب/ أغسطس 2014)
بدأ الحديث بعد الديباجات التقليدية بسؤال من الشخصية السياسية اللبنانية: أنتم أهل السنة في العالم العربي، لماذا تركتم الحركات التكفيرية الخارجة منكم تتوغل في العالم العربي بهذا الشكل المريع؟ نحن، وأنا هنا أتحدث كمسيحي مشرقي، لدينا قلق كبير تجاه هذا الأمر، فالتفت إليه الصديق المصري، وقال له: هذا تبسيط شديد للأمور، وكنت أتوقع أنك، وكمسيحي لبناني ماروني تحديدا، أن تكون لديك قراءة وحكمة أكثر نضجا من ذلك.
احتد الآخر، وقال له: ماذا تقصد؟ فرد عليه: كيف نسيت أن هناك معسكرا آخر بقيادة حافظ الأسد وأزلامه من أتباعه في لبنان قاموا بفظاعات بحق مسيحيي لبنان خلال أحداث الحرب الأهلية اللبنانية أدت إلى قتل الآلاف وتهجير العشرات من الآلاف، ولكنهم «كأقلية» لا يجرأون على أن يكون هذا المشروع تحت اسم الفكر التكفيري، ولذلك كان يتم استخدام ألفاظ أخرى مثل القومية العربية والصمود والتصدي، وأخيرا الممانعة والمقاومة؟
بدأ السياسي اللبناني في التركيز والإنصات وكأن الكلام بدا جديدا عليه. تابع أستاذ العلوم السياسية حديثه وأضاف: هل من المعقول حزب طويل وعريض يدعي أنه مقاوم لتحرير الأرض المحتلة ولا يقبل مسيحيا ولا درزيا ولا سنيا واحدا؟ صدفة عجيبة، ولكنها لا تكون صدفة أبدا إذا عرفت أن من شروط الانضمام لقوات الحزب صلاح وسلامة العقيدة، وهو معنى آخر لتكفير المخالف عنه، فهو تكفيري تماما مثله مثل «داعش» و«القاعدة» والإرهابيين الآخرين، ولكنه أكثر «شياكة».
تمعنت في الحوار وتذكرت أن المنطقة العربية تعاني من تسلط الأقليات؛ فأقليات كـ«حزب الله» تسيطر على لبنان، وأقلية المجرم بشار الأسد تسيطر على سوريا، وأقلية صدام حسين كانت تسيطر على العراق.. كل هذه الأقليات بفكرها الطاغي وفكرها المجرم باتت تسيطر على الأغلبية الموجودة في المنطقة ككل.
التكفير هو فكر وممارسة أكثر مما يكون نصوصا فقط. الفكر الإقصائي كله سواء، ولا يوجد حكر له من طائفة أو مذهب أو دين، والقراءة القاصرة له واعتبار أن هناك فريقا واحدا مسؤولا عنه هي قراءة قاصرة وموتورة تجعل التفسير الحقيقي للمشكلة غير ناضج ولا سليم أبدا.
هناك حالة مستحقة من المتابعة المطلوبة لمصائب «داعش» و«النصرة» و«القاعدة» ومن هم على شاكلتهم، ولكن الاعتقاد أنهم وحدهم فقط المعنيون بملف التكفير واستثناء «حزب الله» ومن على شاكلته هو حديث سخيف وناقص ولا يمكن الاعتداد به.
(عن الشرق الأوسط السعودية 9 آب/ أغسطس 2014)
شارك
المزيد من هذا الكاتب
