خصصت صحيفة "واشنطن بوست" افتتاحيتها للحديث عن تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش، حول مسؤولية النظام
المصري الحالي عن مذبحة
رابعة العدوية التي مضى عليها عام، وانتقاد دعم إدارة الرئيس أوباما لهذا النظام القمعي الذي لم يمر على مصر مثله منذ عقود، والوقوف إلى جانب رئيس مسؤول عن مذبحة -هي الأكبر في التاريخ- بدلا من نبذه.
وقالت إن "إصرار الرئيس أوباما عل القول إن احتفاظ الولايات المتحدة بشراكة استراتيجية مع الحكومة المصرية الديكتاتورية الجديدة هو في مصلحة الولايات المتحدة، فيما يزعم وزير الخارجية جون كيري أن رجل مصر القوي عبد الفتاح
السيسي يسير بمصر نحو الديمقراطية، ولكن فحصا لهذا الواقع قدمته منظمة هيومان رايتس هذا الأسبوع ويستحق النظر".
و"بحسب التحقيق الدقيق والذي استمر عاما كاملا وقامت به المنظمة، فإن حليف الإدارة في القاهرة مدان بأكبر جريمة قتل متظاهرين في يوم واحد لا سابقة لها في التاريخ، ولهذا يجب أن يحاكم في جرائم ضد الإنسانية".
ورغم شجبها لبشاعة العمل الذي قام به النظام المصري، إلا أنها تتخذ التقرير فرصة للدفاع عن إسرائيل وانتقاد مجلس حقوق الإنسان الذي أدان ممارسات إسرائيل في غزة حيث قالت أن المذبحة التي نظمتها قوات الأمن المصري في 14 آب/أغسطس 2013 تتفوق في إفراطها لاستخدام القوة والقتل العمدي للأطفال والنساء على أي فعل ارتكبته إسرائيل أثناء حرب غزة.
وذكرت الصحيفة نتائج التحقيق الذي أظهر أن "817 شخصا قتلوا وربما زاد العدد لألف عندما تقدمت قوات الشرطة والجيش نحو ساحة رابعة من المداخل الخمسة الرئيسية، ومعهم العربات المسلحة، والجرافات والقناصة الذين أخذوا مواقعهم على أسطح البيوت المحيطة بالساحة التي كان يعتصم فيها عشرات الألوف من الأشخاص بمن فيهم النساء والأطفال احتجاجا على
الانقلاب العسكري في 3 تموز/ يوليو ضد حكومة الرئيس المنتخب محمد مرسي. وبعد 12 ساعة كانت الجثث تنتشر في الساحة، فيما اندلعت النيران في مسجدها ومستشفاها، إضافة لهذا قامت قوات الأمن باعتقال وتعذيب، وفي أحيان أخرى بالقتل الفوري لـ 800 شخصا، حسب شهود عيان قابلتهم منظمة هيومان رايتس ووتش".
وتمضي الصحيفة: "ربما كان من أكثر الأشياء الصادمة التي قدمها التقرير هو أن قادة مصر الكبار توقعوا وخططوا لوقوع ضحايا كثر فقد أخبرت وزارة الداخلية موظفين في حقوق الإنسان قبل العملية أنها تتوقع ضحايا قد يصلون إلى 3,500 شخصا".
وبعد عام من
المجزرة "تنفي الحكومة ارتكاب أخطاء، ولكنها لم توجه اتهامات لعنصر واحد من عناصر الشرطة أو ضابط لعلاقته بالقتل. وخلافا لهذا أقامت نصبا تذكاريا يحتفل "ببطولات" قوات الأمن وسط الساحة".
و"يعتقد محامو منظمة هيومان رايتس ووتش أنه يجب التحقيق مع أكثر من عشرة مسؤولين بارزين ممن أمروا بالعملية وأشرفوا عليها بارتكاب جرائم ضد الإنسانية بمن فيهم الجنرال السيسي".
وتقول الصحيفة إن عدد الذين قتلوا في رابعة 14 آب/ أغسطس تفوق على عدد الذين قتلوا في ساحة تيانامين في عام 1989، أو أي عملية قتل جماعي منذ ذلك.
و"خلال الـ12 شهرا الماضية عزز نظام قمعي -لم تشهد له مصر مثيلا منذ عقود- مواقعه، وصدرت أحكام على الآلاف من جماعة الإخوان المسلمين المعارضة بالإعدام، فيما سجن واعتقل علمانيون ومؤيدون للديمقراطية بناء على أدلة واهية".
ورغم كل هذا "تعامل إدارة أوباما مهندس المذبحة الجنرال السيسي باعتباره شريكا مهما بدلا من نبذه، ويعتقد البيت الأبيض أن هذا التبني اللامبدأي للنظام والتسويق الساخر للأكاذيب حول إعادة الديمقراطية سيعزز من مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وكل هذا رهان خاطئ. وكما قال رئيس منظمة هيومان رايتس، كينث روث، فلن تتقدم مصر للإمام حتى تتصالح مع البقعة الملطخة بالدم من تاريخها.