لماذا يتردد القادة العرب بالانضمام لتحالف ترغب أمريكا بإنشائه لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية في
العراق والشام (
داعش)؟ سؤال طرحه إيان بلاك محرر شؤون الشرق الأوسط في صحيفة "الغارديان" البريطانية ويقول "لا أحد سارع ورد على مطلب باراك أوباما من أجل "تحالف الدول المستعدة" لمواجهة الجهاديين وتنظيم الدول الإسلامية في العراق وسوريا، فعلى ما يبدو، الدول العربية التي تهدد مباشرة بوحشيتها، قريبة من مخاطر تدميرها".
وهذه المخاطر ليست بعيدة، فالأردن كما يقول تعاني من آثار سيطرة مقاتلي الدولة الإسلامية على مدينة الموصل في حزيران/ يونيو، وأعلن هذه الأسبوع عن اعتقال 40 من المتشددين ضمن "إجراءات احترازية". وقامت السلطات السعودية بإحباط "خلايا نائمة" كانت تخطط كي تجند
إرهابيين. وخرج السعوديون عن أسلوبهم الدبلوماسي وكانوا صريحين في نفي دعمهم للمتطرفين والأيديولوجية الثورية.
وفي مناطق أخرى من دول الخليج، لم تتردد دولة الإمارات بالإعلان عن اعتبارها كل الإسلاميين من كافة الأشكال تهديدا سواء كانوا في الداخل أو الخارج. وبدأت الكويت التي تعتبر المصدر الأكبر للتبرعات الخاصة بالجماعات المقاتلة في
سوريا بحملة ملاحقة وقمع. وتقوم الكويت مع غيرها من دول الخليج التي غضت الطرف عن تمويل الجهاد ضد بشار الأسد بالتعاون مع الخزانة الأمريكية، وقامت قطر بنفس الأمر كما يقول.
ويرى بلاك أن التمويل اللامحدود من دول الخليج لم يكن أبدا كافيا لبناء سياسة متماسكة للإطاحة بالرئيس بشار الأسد، فقد كان بندر بن سلطان، مدير الاستخبارات السعودي السابق خبيرا في تقديم الدعم المالي للجماعات السورية المعارضة للأسد، ولكن كان هناك تنافس كبير بينها بدون استراتيجية وطريقة لمراقبة التمويل.
ويرى بروس ريدل، ضابط سي أي إيه السابق في الشرق الأوسط ومدير برنامج الاستخبارات في معهد بروكينغز أن مشكلة الدعم السعودي والقطري للجماعات المعارضة تكمن في عدم وجود هيئة مركزية تتحكم بالدعم على طريقة المخابرات الباكستانية "أي أس أي" التي كانت مسؤولة أثناء الجهاد الأفغاني عن توزيع الدعم العسكري والمال لجماعات الجهاد الأفغاني. ويضاف إلى هذا أن الدعم الخليجي لا يوازي الدعم الذي قدمته إيران وروسيا وحزب الله لنظام الرئيس الأسد.
وفي الوقت الذي لا تفتقر فيه دول الخليج للقوة الجوية ولدى الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي مئات من الطائرات المقاتلة وكذا الأردن وتركيا ومصر لديها مئات أخرى. وقام الطيارون السعوديون باستهداف مواقع الحوثي في اليمن وشاركت الإمارات في أفغانستان وضد مواقع إسلاميين في ليبيا. ولكن المشكلة نابعة من عدم وجود غرفة قيادة وتحكم، فبحسب فردريك ويهري من وقفية كارنيغي "من الصعب مشاهدة الكيفية التي ستقوم بها الإمارات أو أي من دول مجلس التعاون الخليجي القيام بغارات تساوي قدرة الغارات الأمريكية بعيدا عن الشرعية الرمزية عن مشاركة دول عربية".
ويرى بلاك أن الدول لعربية السنية تتحمل مسؤولية في المساعدة وهزيمة داعش الذي يهدد شرعيتها ويتصرف بطريقة وحشية ومرعبة.
ويرى الكاتب أن هناك نوعا من التحفظ. فتصاعد الطائفية التي ارتبطت بالمواجهة الاستراتيجية بين السعودية وإيران غذت حسا من التعاطف، وهذا واضح من الغضب الخليجي على نوري المالكي الذي غذت حكومته الصراع الطائفي وعملت الكثير لتبني سياسة معادية للسنة في العراق. ويقول ويهري إن كل دولة مرتبطةٌ بالعراق والجماعات السورية المقاتلة من خلال الروابط القبلية والدين والتاريخ. مضيفا أن قادتها يخشون من موقف الرأي العام، خاصة الموقف من جيوب التعاطف في داخل قطاعات معينة من السكان وبعضها غني ومؤثر.
وهناك مخاوف من أن تؤدي هزيمة داعش لتقوية نظام الأسد في وقت تدعو فيه أصوات غربية للتعاون التكتيكي معه، فيما يقترح البعض أن هذا التعاون يحدث بالفعل. كما أن ضرب قلب العالم السني في العراق وسوريا ليس مثل ضرب نظام القذافي المقيت عام 2011.