كتب أوين جونز في صحيفة "الغارديان" معلقا على تحالف الغرب وتواطئه مع دول الخليج التي تدعم الجماعات الجهادية وإن بشكل غير مباشر، وذلك في ظل موجة غير مسبوقة في معالجة هذا الملف في الدوائر الغربية، بخاصة البريطانية.
وقال الكاتب إن مواجهة
الإرهاب تتطلب من
السعودية وقف دعمها له، وأضاف إن ما يسمى الحرب على الإرهاب وعمرها 13 عاما والتي يجب أن تكون قصة نجاح، ومع ذلك فالقصة غير ذلك من ناحية قمع الحريات في كل أنحاء العالم، والهستيريا الصحافية "التابلويد" التي تحفل بالقصص التي تعمم عن المسلمين، والتدخلات العسكرية التي تتراوح آثارها من مصيبة لكارثة. وأين انتهت هذه الحرب؟.. يجيب أنها حسب اعتقاد البريطانيين جعلتهم أقل أمنا. فالجهاديون المتطرفون حتى أكثر من القاعدة يدورون كالمسعورين في العراق وسوريا فيما وقعت دول مثل ليبيا تحت رحمة الميليشيات الإسلامية، "هناك فشل وهناك مصائب" بسبب هذه الحرب.
وهناك حاجة كما يقول جونز لمراجعة الحرب بعد 13 عاما خاصة في ظل الإجراءات التي تقوم بها
بريطانيا من رفع حالة الخطر الإرهابي، والقوانين التي ستصدر اليوم.
ويرى أن أهم عنصر من عناصر الحرب على الإرهاب مفقود في النقاش وهو علاقة الغرب مع الأنظمة الديكتاتورية في الشرق الأوسط، خاصة تلك التي لعبت دورا خبيثا في صعود الأصولية الإسلامية في المنطقة. ولا غراوة أن يقيم الغرب علاقات دبلوماسية وسياسية واقتصادية مع هذه الأنظمة الوحشية، فيما تعبر "الميديا" في معظم الأحيان عن السياسة الخارجية وأهدافها للحكومة.
ويشير الكاتب إلى ما ورد في صحف أمريكية عن وصول الدعم القطري لجماعات متشددة، فيما اتهم وزير التنمية الألماني غيرد موللر قطر بدعم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "
داعش"، ولكنه تراجع فيما بعد واعتذر للحكومة القطرية.
ويعلق الكاتب أنه لا توجد أدلة عن تقديم قطر الدعم المباشر لداعش أو الجماعات الجهادية إلا أن متبرعين وأفرادا يدعمون هذه الجماعات. وهناك احتمالات من وقوع السلاح الذي أرسل لدعم الجماعات السورية المعارضة -المعتدلة- في يد الجماعات الجهادية.
وبدلا من وقف التعاون العسكري البريطاني مع قطر تقوم بريطانيا ببيعها أنظمة متقدمة، فيما تملك قطر العديد من المعالم التجارية في لندن مثل متجر هارودز وشارد وحصة كبيرة من متجر سانزبري وجزء من سوق لندن المالي، بحسب الكاتب.
وهناك دولة
الكويت التي وصفتها منظمة العفو الدولية (أمنستي انترناشونال) بأن لديها سجلا فقيرا في مجال حرية التعبير، وضرب وتعذيب المتظاهرين والتمييز ضد المرأة، فعبر الكويت تم نقل مئات الملايين من الدولارات لسوريا وانتهى جزء منها في يد جبهة النصرة. ورفضت دولة الكويت حظر نشاطات جمعية إحياء التراث الإسلامي وهي المؤسسة المصنفة حسب وزارة الخزانة الأمريكية كممول للقاعدة. ووصف مساعد وزير الخزانة الأمريكية ديفيد كوهين الكويت بأنها "مركز جمع التبرعات للجماعات الإرهابية في سوريا".
وبحسب كريستين كوتيز اولريشستن الباحث في المعهد الملكي للدراسات الدولية –تشاتام هاوس- في لندن، ففي الكويت يتم دعم مشايخ جبهة النصرة بشكل واضح وعبر برامج التلفاز "وساعد على كل هذا قوانين متساهلة في جمع التبرعات والتمويل وغسيل الأموال". و "لكن لا تتوقع إجراءات متظافرة من الحكومة البريطانية، فالكويت تعتبر أهم حليف لبريطانيا في المنطقة" حسبما قال مسؤول بريطاني. وتحول توني بلير، رئيس الوزراء السابق، المستشار الذي يحب أن يكون إلى جانب كل ديكتاتور في المنطقة من كازاخستان للكويت ولمصر، وكانت مجموعة توني بلير جزءا من صفقة قيمتها 44.89 مليون دولار أمريكي مع الكويت. وصادقت الحكومة البريطانية على رخص تصدير للكويت منذ عام 2003 ومنها أنظمة عسكرية ودروع واقية لمكافحة الشغب.
ومن ثم هناك السعودية، ففي الوقت الذي شعر به العالم بالغثيان ففي الوقت الذي قطع فيه "داعش" رأس الصحافي الأمريكي جيمس فولي قطعت السعودية رؤوس 22 شخصا بتهم تتراوح من السحر لتهريب المخدرات. ومنذ عام 1985 قتل أكثر من ألفي شخص. وينقل هنا تعليق منظمة أمنستي على سجل الإعدامات في السعودية التي تقول إنه يتم دون مراعاة للحقوق القانونية. فيما تواصل المملكة تمييزها ضد الشيعة والمرأة المحرومة من قيادة السيارات، وحتى الحديث عن الإلحاد يعتبر جريمة إرهاب حيث تم سجن حمزة الكشغري في عام 2012 لمدة 20 شهرا بسبب تغريدة أرسلها على التويتر.
ويرى الكاتب أن النظام الذي يقوم بانتهاك حقوق الإنسان لعب دورا في صعود التطرف الإسلامي. فبعد الغزو السوفييتي لأفغانستان عام 1979 تدفق المتطوعون السعوديون من أتباع السلفية الذين أثروا على القبائل البشتونية مما أدى لظهور حركة طالبان. وعانت المملكة من آثار هذا عندما استهدفها تنظيم القاعدة. ويقول بول ستفينز من تشاتام هاوس: "كان هنا اتفاق غير مكتوب، ولوقت طويل تم فيه التسامح مع وجود القاعدة في السعودية، مفاده أن لا ترتكب أعمالا في الداخل ولكن في الخارج".
ويحذر كويتز أورليتشسين من السياسة السعودية في سوريا التي قد تكون "أفغانستان تعيش على المنشطات".
ورغم دعم السعودية مركز لمكافحة الإرهاب تابع للأمم المتحدة بمبلغ 100 مليون دولار أمريكي وتصريحات مفتي المملكة بأن القاعدة وداعش هما العدو رقم واحد للإسلام إلا أن في كل أنحاء الشرق الأوسط يتلقون دعما أيديولوجيا وماديا من داخل المملكة. وبحسب برقية لهيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية السابقة، سربتها ويكليكس "يشكل المتبرعون السعوديون أهم مصدر لتمويل الجماعات الإرهابية السنية حول العالم".
ومرة أخرى لا تتوقع من بريطانيا التحرك، فالتحالف السعودي – البريطاني يعود إلى عام 1915 كما أن الصناعة العسكرية البريطانية وعلاقتها مع السعودية تعتبر الأضخم، وحجمها السنوي 2.66 مليار دولار أمريكي، وهناك 200 مشروع عسكري مشترك بين البلدين قيمتها 29.12 مليار دولار أمريكي.
ويختم بالقول: "كلام كثير حول الإرهاب ودعوات متكررة للتحرك، لكن السياسة الخارجية البريطانية تظهر كم هي فارغة، فحلفاؤنا غارقون حتى آذانهم في الإرهاب، وطالما ظل هناك مال لصناعة الأسلحة وبيعها فستبقى شفاه حكامنا مغلقة".