اعتبر الكاتب
الإسرائيلي اليساري، جدعون ليفي، الخميس، في مقال له في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أن كل الأحزاب في إسرائيل يمينية الاتجاه حتى حزب "العمل" و"هناك مستقبل"، وأنه "ليس في إسرائيل سوى رأي واحد هو رأي الأمس الذي يعمى عن الواقع ولا يريد التغيير"، على حد تعبيره.
وقال إنه لا يوجد اليوم في إسرائيل "سوى صوت واحد تقريبا من
حزب العمل إلى الاتحاد الوطني للبيت اليهودي. ولا يشذ عن ذلك شيء"، وتساءل متهكما: "ما هو اليمين الذي تريدونه اليوم؟ لأنه ليس عندنا شيء تقريبا سواه".
وأوضح أن "هذه الظاهرة العجيبة بلغت ذروتها في فترة الحرب على غزة".
وقال ساخرا: "هل تريدون وجبة اليوم يا أنصار اليمين المعتدل؟ إنها بنيامين
نتنياهو. وهل تريدون وجبة اليوم المميزة يا أنصار اليمين المتنكر؟ إنها يئير لبيد. وهل تريدون شيئا ذا جذور يمينية ونكهة مضللة؟ إنه تسيبي لفني. وهل تريدون يمينا طازجا من التنور؟ إنه موشيه كحلون. وهل تريدون يمينا قويا رجوليا؟ إنه نفتالي بينيت. وهل تريدون يمينا عنصريا؟ إنه افيغدور ليبرمان. وهل تريدون يمينا غازيا لطيفا؟ إنه بوجي هرتسوغ. وهل تريدون يمينا نزيها مع لمسات نسائية واشتراكية؟ إنه شيلي يحيموفيتش".
وتساءل أيضا: "هل تريدون يمينا دارت به الأرض، ويمينا متدينا ويمينا حريديا ويمينا استيطانيا ويمينا مسيحانيا، ويمينا قاسيا ويمينا غير إنساني، ويمينا مضطربا نفسيا ويمينا متنكرا، ويمينا في ضماد.. قولوا فقط. فهناك قائمة اختيار عظيمة بين أنواع من اليمين تبلغ خمسين نوعا كلها ذات لون واحد وحيد".
وتابع بأنه لا توجد فروق مبدئية بين مواقف الأحزاب الإسرائيلية في الحرب الأخيرة على غزة من الأشد تطرفا إلى اليسار والوسط، موضحا أن "رئيس المعارضة هرتسوغ في الحرب الأخيرة على سبيل المثال كان شديد القلق في الأساس من منظومة العلاقات بالولايات المتحدة. وهذا ما كان لدى رئيس المعارضة ليقوله في ذروة أكثر هجمات إسرائيل قسوة ووحشية. وتجول بين منتدى تلفزيوني إلى آخر ليتحدث في ذلك، ومثله لبيد أيضا الذي زاد فقط بعدا يخصه إذ تبجح بقوله: "سنصفي محمد ضيف"؛ ولم تقل لفني سوى لا لحماس، وصمت سائر رفاقهم، وهتف "اليسار – الوسط" للقتل والدمار على رغم مقداريهما المخيفين؛ واكتفيا بالدم الذي سُفك، أما من هم أكثر تطرفا فأرادوا أكثر. لكن ليست تلك فروقا مبدئية".
وانتقد الكاتب حزبا العمل والليكود متساءلا: "هل توجد هوّة بينهما، إنها الحروب والمستوطنات تكون مرة على حسب ترتيب ما، وتصبح في مرة أخرى على حسب ترتيب عكسي. وقد تقاسما بينهما أيضا مجموعة التسويات السياسية القليلة التي وقعا عليها، وبعضها اتفاقات سلام، وبعضها اتفاقات لتأبيد الاحتلال"، على حد قوله.
واعتبر الكاتب بأنه "يمكن أن نزعم أن السياسة ذات الرأي الواحد هذه تعبر عن الرأي العام؛ وأن وحدة الشعب وتكتله ظاهرتان إيجابيتان، لكن الأمر ليس كذلك، لأن هذا التكتل المسبب للاكتئاب يعبر عن شلل التفكير وجمود الفكر".
وأكد ليفي أن هذا الجمود سيولد "كارثة"، وأن "هذا الرأي الواحد ينذر بالشر، وليس الحديث فقط عن تيه بل عن إضرار بالديمقراطية أيضا. وما الذي سنحصل عليه بالانتخابات بالضبط إذا سقطت حكومة نتنياهو التي هي الأكثر يمينية في تاريخ الدولة؟ سنحصل على حكومة أكثر يمينية منها أو ربما تشبهها"، على حد قوله.
واختتم مقاله قائلا: "إذا كان قد راج ذات مرة قول إنك إذا اجتمعت مع إسرائيليين اثنين فإنك تلاحظ أنهما يملكان ثلاثة آراء، فإنه لا يكاد يوجد عند ثلاثة إسرائيليين الآن إلا رأي واحد؛ وهو يميني جدا، وما هو أسوأ من ذلك كثيرا أنه رأي الأمس".