يرى محرر شؤون الشرق الأوسط في صحيفة "الغارديان"، إيان بلاك، أن الغارات الجوية الأمريكية على
سوريا تعني دعما متزايدا للمعارضة السورية "المعتدلة"، ولكن لا أحد يعرف النتائج التي ستنجم عن الضربة الأمريكية لمواقع "تنظيم الدولة" في العراق وسوريا، على حد قوله.
ويقول بلاك إن سوريا تعتبر المسرح الأكثر صعوبة بالنسبة للرئيس الأمريكي، باراك
أوباما، في محاولته لإضعاف وتدمير قدرات "
داعش".
فبعد محاولات الابتعاد عن الحرب الأهلية الدموية في سوريا، تعد استراتيجية أوباما "تدخلا" عسكريا، ولكن بنتائج يصعب التكهن بها، على حد قول بلاك.
ويعلق بلاك على الهجمات الجوية الأمريكية أنها تأتي بدون "اجتياز نهر الروبيكون"، وأن إرسال قوات أمريكية يعني زيادة الدعم الأمريكي والعربي المحدود لفصائل
المعارضة السورية التي تقاتل رئيس النظام السوري بشار الأسد، حيث ستستقبل السعودية مقاتلين من المعارضة لتدريبهم في قاعدة عسكرية، فيما وسّع أوباما تحالفه مع "الدول الراغبة"، وهذا التحالف فيه مفارقة ساخرة، إذ أن دعم الكتائب الإسلامية في حرب الخليج أسهم في خلق "داعش" الذي يتصيد المعارضة السورية.
وبالنسبة للهجمات في العراق، يرى بلاك أنها تواجه مشاكلها الخاصة والكثيرة، ولكن العمليات فيه ستكون أسهل، خاصة أن أمريكا لديها المبرر القانوني لتقول إنها تقاتل بناء على طلب من الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان. لكن سوريا تظل مختلفة.
وقال إنه "لم يكن مفاجئا قول أوباما إنه لا مجال للحديث عن التعاون مع الأسد الذي ينظر إليه على أنه الشيطان الأقل سوءا من الجهادديين، وزعم مخطئا أنه الحليف الذي لا يمكن الاستغناء عنه في الحرب على الإرهاب".
ولم يفقد الأسد الأمل، فقد يتطوع حسب المتحدث السابق باسم الخارجية السورية، جهاد مقدسي، بتقديم معلومات أمنية لاستهداف "تنظيم الدولة"، في الوقت الذي يشجب كما يفعل في كل مرة الهجمات الأمريكية على التراب السوري، وفق بلاك.
ورحبت الجماعات المعارضة سريعا بالضربة الأمريكية، لكنها تريد مواجهة الأسد الذي لا يعتبر مهما في استراتيجية أوباما الحالية.
ورغم ذلك ترى المعارضة السورية المغلوبة على أمرها أن هناك فرصة جيدة للدعم، مع أنها شعرت بالخيبة عندما فشل أوباما بتنفيذ وعود خطه الأحمر بعد استخدام الأسد السلاح الكيماوي في الغوطة الشرقية.
ويقول الكاتب إن السعودية وقطر لم تكونا قادرتين على تقديم الدعم المالي والعسكري بقدر ما يمكن للولايات المتحدة تقديمه، لكن طبيعة الدعم المالي والتزام أوباما لا يزال محل نقاش في الكونغرس، ولذلك فهو ليس واضحا.
ويفرض التدخل الأمريكي مشاكل أمنية -بحسب بلاك- فتوسيع الجهود المحدودة التي تمارسها "سي آي إيه" في تحديد جماعات المعارضة قد يثير القلق من وقوع الأسلحة التي تقدمها في يد الجماعات الإرهابية. كما حصل في الموصل عندما سيطر "داعش" على أسلحة أمريكية من مخازن الجيش العراقي، على حد قوله.
ويرى الكاتب أن "الجماعات السلفية" هي التي تسيطر على ساحة القتال، وهي القادرة على هزيمة "تنظيم الدولة". ولكنها تريد قتال الأسد وليس الجهاديين، وفق بلاك.
وفي رد أولي على خطاب أوباما، أعلنت كتائب تابعة للجيش الحر والأكراد عن تشكيل مركز عمليات موحد "بركان الفرات".
ويعلق بلاك على تحديد أوباما مهمته في سوريا -وهي تدمير داعش بدون مساعدة الأسد- أن البعض يحذّر من أن الأثر المعاكس الذي سيحصل، وهو حرف ميزان المعركة لصالح الجماعات المقاتلة ضد دمشق، وهناك خطر مرتبط بذلك، هو أثره على زواج المصلحة بين أمريكا وإيران في العراق، حيث تعتبر طهران من الداعمين الأقوياء للأسد. كما لا يعرف دور روسيا بعد.
ويرى الكاتب أن الإنجازات التي حققها "تنظيم الدولة" في العراق، جاءت بسبب الجيوب التي يتمتع بها في المناطق الحدودية التي محيت بين البلدين. ما أدى لغياب الحرب السورية عن مركز اهتمام الرأي العام العالمي، فمقتل صحافيين أمريكيين كان لهما أثر أكثر من مقتل 200 ألف سوري في "الحرب الأهلية".
ولهذا لم تحظ زيارة المبعوث الدولي للأمم المتحدة، ستيفان دي ميستورا، لدمشق في محاولة لإنهاء الأزمة، بأي اهتمام، حسب ما يرى بلاك.