أثارت مشاركة الأردن في التحالف الدولي ضد "
داعش" موجة استياء في أوساط شريحة من الرأي العام الأردني في مقابل تأييد من شريحة أخرى ترى في التنظيم تهديداً للبلاد، حيث اعتبر الكثيرون أن خطوة الحكومة بالمشاركة تمثل نوعاً من التبعية للولايات المتحدة والغرب كما تمثل إقحاماً للأردن في حرب أشبه بالمغامرة التي تنطوي على مخاطر كبيرة من ردة فعل هذا التنظيم على الأردن.
وفي استطلاع أجراه موقع "عربي 21" لآراء الشارع، اعتبر المشاركون أن هذه الحرب موجهة ضد السنة في المنطقة وليست حربا على "داعش"، خصوصا أن التنظيمات الشيعية فعلت ما فعلته داعش وأكثر، ولكن لم يتحرك الغرب لضرب هذه التنظيمات الشيعية المتطرفة، فيما اعتبر قسم آخر أن داعش هو نتاج طبيعي لسياسات المالكي الطائفية في العراق، والأسد في
سوريا.
استطلاع للرأي العام
واعتبر المحلل السياسي والاستراتيجي الخبير في الجماعات الإسلامية الدكتور محمد أبو رمان، في حديث خاص لموقع "عربي 21" أن موقف الشارع الأردني منقسم ما بين مؤيد ومعارض في المشاركة بهذه الحرب، مشيرا إلى استطلاع أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية يظهر أن نسبة لا بأس بها في الاستطلاع ترى في "داعش" خطرا على الأردن، إلا أنّ الرأي العام لا يتعامل مع هذا الخطر بوصفه أمرا مرعبا وشبحا يخيّم فوق رؤوسهم.
ويضيف أبو رمان أن الجديد في
استطلاع الرأي هو الحديث عن موقف الرأي العام من "داعش" و"جبهة النصرة"، وتغيّر نظرته لحزب الله اللبناني و"القاعدة". فبالنسبة لداعش، يرى 62 % أنّها منظمة إرهابية، بينما يرى 10% أنّها غير إرهابية. أما "جبهة النصرة"، فيرى 31% فقط أنّها منظمة إرهابية، و17% أنها غير إرهابية.
ويعتبر أبو رمان أن التعاطف مع داعش نابع من أن الضربات غير واضحة الأهداف، ويتناقض مع ما فعلته الولايات المتحدة الأمريكية من قتل وتشريد للملايين في العراق، وإطالة أمد الصراع في سوريا. وفي ذلك دليل واضح على أن أمريكا تتحرك حسب مصالحها الاستراتيجية في المنطقة، وخصوصا بعد مقتل الصحفيين وسيطرة داعش على بعض آبار النفط، وأنها ليست الديمقراطية ولا حقوق الإنسان ما يحركها، وفي سوريا خير دليل على ذلك.
ونوه أبو رمان إلى أن من حق الأردنيين أن يروا أن هذه الحرب موجهة ضد السنة في ظل التغاضي عن المليشيات الشيعية المتطرفة في العراق واليمن، أو حزب الله اللبناني الذي يقتل المدنيين في سوريا.
رفض نيابي
وتساءل النائب عبد المجيد الأقطش في حديثه مع "عربي 21": ما هو
الإرهاب؟ وهل ما فعلته "إسرائيل" إرهاباً أم لا في غزة؟ وهل الذي اقترفه الأسد في سوريا إرهاب أم نشر للسلام؟ مشددا على أنه ليس مع داعش ولا يبرر أخطاءه، حيث دم المسلم على المسلم حرام، وأنه يعارض أي عمل يراق به دم مسلم.
واستطرد النائب الأقطش في حديثه إلى أن الظلم هو ما أنتج داعش. والقضاء على هذا التنظيم وغيره يتم بالقضاء على الظلم الذي أوجد داعش وقد يوجد غيره، منوها إلى أن الظلم يبدأ من حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، حيث إن الظلم جاء عندما احتلت أمريكا العراق وقتلت وشردت الملايين بحجة أسلحة الدمار الشامل ومحاربة الإرهاب.
وتساءل النائب أيضا: هل يعقل لمجموعة من عدة آلاف أن تسيطر على 4 محافظات وتنسحب أمامها هاربة 4 فرق من الجيش العراقي في وقت زمني ملفت للنظر؟! منوها إلى أن ما جرى هو مسرحية للتدخل في المنطقة وتقسيمها على أساس طائفي.
وأضاف النائب: أين أمريكا والغرب مما فعلته الأنظمة العربية القمعية في سوريا ومصر واليمن الذي أصبح مؤخراً تحت سيطرة الحوثيين؟ معتبرا أن "الحرب ليست حربنا وهم يريدون أن يشغلونا بأنفسنا"، موضحا أن "الأردن كان يجب عليه أن لا يكون مع أمريكا ولا محاربة داعش لأن الحرب التي بدأت لا نعرف متى ستنتهي".
وكان عدد من النواب في الأردن وقعوا على وثيقه تطالب الحكومة بعدم المشاركة في الحرب على داعش، وعلى رأسهم النائب عبد المجيد الأقطش، فيما يزداد عدد المعترضين على حرب "داعش" يومياً، سواء تحت قبة البرلمان الأردني، أو في الشارع.
الحكومة تحركت لحماية حدودها
وكان وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الدكتور محمد المومني قد اعتبر في تصريح لوسائل الإعلام أن "الأردن وعلى مدار الفترة الماضية كان دائماً يتعرض لهجمات يائسة وفاشلة من جماعات إرهابية لاختراق الحدود، وكانت القوات المسلحة دائماً تتصدى لهذه الهجمات، علاوة على التماس الحكومة لبعض الأشخاص الذين يخططون لعمليات إرهابية".
وأضاف أن واجب الحكومة أن تستبق هذا الأمر وترد عليه بكل حزم وقوة، وأن تتعامل مع الأمر (أي الحرب على داعش) بكل شجاعة وحكمة ووضوح.
وأكد أن المواطن يعرف أن الإرهاب ليس بعيدا عنه، ويدرك أن الإرهاب يهدد بلاده، خصوصا بعد التهديدات الصادرة من المجموعات الإرهابية ضد الأردن التي لوحت باستهداف أمنه واستقراره وقيادته ومواطنيه، معتبرا أن الأردن لا يمكن أن يسمع كل هذه التهديدات ويقف منتظرا وصول النار إليه.
من جهته، قال وزير التنمية السياسية والشؤون البرلمانية الدكتور خالد الكلالدة، أن أغلبية الأردنيين تؤيد المشاركة في الحرب ضد داعش، وأن المعترضين على التدخل هم الأقلية حسب تعبيره.
وأضاف الكلالدة في حديث خاص لموقع "عربي 21" أن التدخل جاء لحماية الأردن بعد محاولات اختراق للحدود، حيث إنه ليس من سياسة الأردن التدخل في الشؤون الداخلية للدول، إلا إن المشاركة في الحرب أصبحت ضرورة لدرء المخاطر عن الأردن.
يذكر أن رئيس الوزراء الأردني الدكتور عبدا لله النسور، أكد في وقت سابق أن الأردن لن يشارك في الحرب على داعش، ليفاجئ الجميع بالمشاركة في ضربات جوية بمشاركة عربية شملت السعودية وقطر والبحرين والإمارات ضد تنظيم الدولة (داعش).