"عيد بأي حال عدت ياعيد" تردد أم محمد هذا البيت الشعري للمتنبي وهي تستقبل
عيد الأضحى بعيدا عن منزلها في مدينة
الفلوجة العراقية بعد أن نزحت إلى العاصمة بغداد تاركة وراءها ماض جميل لا يمكن لها أن تنساه بسهولة.
تقول أم محمد 49 عاما، "يحل عيد الأضحى المبارك هذا العام، والعراقيون في أسوأ حال وخاصة نحن أهل الفلوجة، بعد أن تركنا أعز مانملك ومنازلنا، وكلما قررنا العودة إلى الفلوجة نرى اشتداد المعارك بين مقاتلي "تنظيم الدولة" والجيش بالإضافة الى استمرار عمليات القصف العشوائي على منازل المدنيين ما يجعل من عودتنا حاليا طلبا صعب الحصول ونحن أحياء".
تستقبل أم أحمد العيد بحزن، قائلة: "لم يبق على العيد سوى أيام معدودة، أتذكر العيد الماضي عندما كن أنا وبناتي مريم وغفران نستعد للعيد بتنظيف المنزل الواقع في حي الشهداء في الفلوجة، وصنع أنواع عديدة من الحلوى لتقديمها للضيوف من الاقارب والوافدين إلينا، لكن تغير الآن استقبالنا للعيد بسبب الظروف التي تعصف بالفلوجة وبعد أن أصبحنا مشردين ومهجرين ننتقل من دار لآخر، ونواجه ظروفا اقتصادية صعبة، وكل ما أتمناه الآن هو العودة الى مدينتي وبيتي".
ليست أم محمد وحدها التي تعيش هذا الواقع المرير بل هذه حال قرابة مليون نازح عراقي، بينهم آلاف العائلات تعيش في مدرسة حكومية أو
مخيمات في الصحاري أو موزعين على المحافظات العراقية، بعدما غادروا منازلهم وأصبحوا مجرد أرقام في السجلات الخاصة بالنازحين، بانتظار العودة الى منازلهم سالمين.
ففي إحدى ضواحي بغداد، تسكن عائلة علي ياسين قرب أحد الساحات الخاصة لرمي النفايات، يقول علي "هذه اول مرة استقبل العيد في هذه الحال فأنا وأولادي وزوجتي نسكن في خيمة مهترئة بجانب النفايات، فقبل النزوح كنا نشتري الملابس للاطفال، وقد خرجنا من بيوتنا دون أن نحمل أي شي معنا، والمشكلة ليست بأيام العيد المعدودة وإنما بفصل الشتاء الذي أصبح على الأبواب".
ويضيف"أكافح جاهدا دون أن أرى عائلتي ليلا نهار من أجل تأمين الحاجات الأساسية مثل الغذاء ومصاريف الدراسة، في ظل ظروف العراق الاقتصادية الصعبة، والعيد لمن لبس الجديد، ولمن يسكن تحت سقف منزل يحميه من مناخ العراق القاسي".
وعلى الرغم من شدة ألم الذكرى الذي يعتصر قلب أم محمد، وهي بعيدة عن بيتها تظل في أمل العودة الى مدينة الفلوجة ومنزلها المهجور، لتصنع الحلوى كما كانت في السابق وتستقبل ضيوفها بعيد جديد يكون حاله أحسن بالنسبة لها ولملايين العراقيين المتعبين.